نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن فيلم "الشبكة الاجتماعية"، الذي سلط الضوء على مرحلة محورية في حياة مؤسس موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي، مارك زوكربيرغ، وأظهر الجانب الخفي من شخصية رجل الأعمال المثيرة للجدل.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن جميع ما نريد معرفته عن مارك زوكربيرغ كان متاحا أمام أعيننا من خلال فيلم "الشبكة الاجتماعية"، الصادر سنة 2010. ويتناول هذا الفيلم أطوار حياة زوكربيرغ وطريقة تعامله مع الأشخاص المحيطين به خلال رحلته ليصبح أحد أغنى رجال الأعمال في العالم.
وعلى الرغم من أن مخرج الفيلم عمد إلى تصوير زوكربيرغ على أنه شاب انطوائي وخجول ويتخذ قرارات حذرة على الدوام، إلا أن ذلك لا ينفي أنه قرر في مرحلة ما من حياته أن يتحدى نفسه ويأخذ بزمام الأمور؛ من خلال اتباع أساليب ملتوية من أجل الانفراد بالسلطة المطلقة على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي.
وأوردت الصحيفة أن مارك زوكربيزغ يروج لنفسه على أنه يريد جعل العالم أكثر انفتاحا وتواصلا. في المقابل، يذكرنا فيلم "الشبكة الاجتماعية" أن الشاب الأمريكي لم يعتمد طرقا شرعية وأخلاقية ليصبح الرجل الذي هو عليه الآن.
وتطرقت الصحيفة إلى بدايات مارك زوكربيرغ في عالم مواقع التواصل الاجتماعي. فقد سبق له إنشاء موقع "فايس مااش" وهو موقع يتيح لطلاب كلية هارفارد من الذكور إصدار تقييمات لزملائهم من الإناث بالاستناد إلى مظهرهن. نتيجة لذلك، سلطت إدارة كلية هارفارد ضغوطا على زوكربيرغ لإغلاق الموقع نهائيا وتقديم اعتذار، لاسيما بعد انتهاكه لخصوصية الطالبات اللواتي نشرت صورهن دون علمهن أو أخذ موافقتهن.
وذكرت الصحيفة أن مؤلف السيناريو آرون سوركين والمخرج ديفيد فينشر اعتمادا على التوأم وينكلفوس لأداء دور الشخصيات المعرقلة للأحداث، وهما التوأمان اللذان خدعهما زوكربيرغ في بداية مشواره مع فيسبوك. وعلى الرغم من الدور الذي اضطلعا به، لا يعتبر الأخوان وينكلفوس سوى عقبة أزاحها زوكربيرغ من طريقه نحو النجاح، أو بالأحرى كانا من ضحايا هذا النجاح.
ويستند الفيلم الأمريكي الذي يصور حياة مارك زوكربيرغ إلى الكثير من الأحداث الواقعية، ناهيك عن كونه يستمد بعض الأحداث الفارقة من كتاب "مليارديرات بالصدفة" لصاحبه الكاتب بين ميزريخ. وبين طيات هذا الكتاب، نجد أن الكاتب يصف مؤسس موقع فيسبوك بالشخص الذي يهتم للنجاح فقط أكثر من اهتمامه بالأشخاص الذين قد تعرضهم ممارساته للأذى.
وأضافت الصحيفة أن موقع فيسبوك ضليع في العديد من الممارسات التي أدت إلى حدوث عواقب وخيمة، على غرار التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية. وأدت هذه الممارسات إلى استدعاء مارك زوكربيرغ ومجموعة من المسؤولين في شركته للمثول أمام المحكمة، وهو ما أجبره على التعهد باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم تكررها. وخلافا لما هو متوقع، لم تدم هذه الإصلاحات لوقت طويل وعادت شركة فيسبوك إلى القيام بالنشاطات والأعمال المثيرة للجدل.
أما فيما يتعلق بتورط فيسبوك في فضيحة نشر الأخبار الزائفة خلال الفترة التي سبقت انتخابات سنة 2016، فقد سعى مارك زوكربيرغ إلى تبرئة ذمته قائلا: "إن إدارة موقع فيسبوك تضم أكثر من 10 آلاف موظف، وهو ما يجعل الاطلاع على كل كبيرة وصغيرة أمرا صعبا للغاية".
وأوضحت الصحيفة أن مارك زوكربيرغ لطالما مثل لغزا محيرا بالنسبة للأشخاص المحيطين به، خاصة بعد القَسَم الذي قام بتأديته منذ مدة، والذي يقضي بأنه سيتعهد بفرض المزيد من السيطرة على موقع فيسبوك ويعمل على وضع حد للحملات القائمة على المعلومات الزائفة. كما تعهد الملياردير الشاب بمنع انتهاك خصوصيات الأفراد وحظر المنشورات التي تحرض على العنف.
ونقلت الصحيفة رأي الناشط الحقوقي والكاتب إلي باريزر في مواقع التواصل الاجتماعي، التي وصفها في كتابه "مرشح الفقاعة" بأنها تزيد الاستقطاب الوطني سوءًا. ومن جهته، عمل مارك زوكربيرغ على دحض هذه المزاعم مفيدا بأن هذه المواقع هدفها الأعمال الإنسانية والجيدة.
وبينت الصحيفة أن عجز زوكربيرغ عن ملاحظة قدرات فيسبوك التدميرية يعزى إلى تركيزه المتواصل على منافسيه. فلطالما كان مارك مهتما بالتعامل مع قدرات تويتر وسناب شات على مقارعته. وتجدر الإشارة إلى أن الطريقة التي ينتهجها مارك زوكربيرغ في إدارته لموقع فيسبوك قائمة بالأساس على إضعاف الخصوم.
وتطرقت الصحيفة إلى أحد المشاهد في فيلم "الشبكة الاجتماعية"، الذي يصور أحد المحامين وهو بصدد إرشاد مارك زوكربرغ ونصحه بضرورة حل الإشكال بينه وبين الأشخاص الذين لطالما اتهموه بالتحكم بهم والإساءة إليهم. وتضم لائحة ضحايا الملياردير الشاب عدة أسماء، على غرار الشقيقين وينكلفوس وشريكه السابق في تأسيس موقع فيسبوك، إدواردو سافرين.
وفي الختام، اعتبرت الصحيفة أن مارك زوكربيرغ فعل ما يجب عليه القيام به لكي يحقق النجاح الذي يطمح إليه. وفي الواقع، لم يكن الأمر متعلقا بفعل الأمور الصائبة عند تعامله مع أولئك الذين مثلوا عقبة أمامه، بل بسلك شتى السبل لضمان التقدم.