رامي مهداوي
2018-11-24
كنت أعلم ــــ وأنت عزيزي القارئ تعلم ـــ بأن السلبية والإحباط متوغلة في مجتمعنا الفلسطيني بأشكال مختلفة وفي شتى المجالات؛ لكن هل علينا الرحيل؟ وتسليم المفاتيح لمن هم ليس أجدر بقيادة المركب؟ هل نسمح لليأس أن يتوغل في جميع نواحي الحياة؟! ونكتفي بسياسة الانتظار دون أي فعل وحتى رد فعل بمقدار ما نواجهه من صفعات متنوعة!!
قبل ما يقارب الأسبوعين؛ تم انتخاب هيئة إدارية لمسرح وسينماتك القصبة، كان لي الشرف أن أكون جزءا من هذه العائلة المتنوعة في الأفكار والتخصصات التي تريد أن تعمل من أجل إنجاح هذه المؤسسة المرموقة التي تعاني من أزمات مختلفة منذ سنوات.
ما اكتشفته هو بأننا كمجتمع تجاوزنا مرحلة الإحباط ودخلنا مرحلة جديدة أشبه ما تكون بالتدمير الذاتي، الكثير منّا أصبح ليس محبطا فقط وإنما لا يريد أن يعمل ولا يريد غيره أن يعمل، أغلب الرسائل التي وصلتني تتلخص بأنه لا أمل من التنفس الصناعي لإحياء مسرح القصبة... وما هذه الورطة التي ورطت نفسك بها.
إذاً، هل علينا أن نحمل الفأس ونقوم بهدم القصبة بأيدينا؟ وتحويل خشبة المسرح الى دكة لغسيل الفنان الميت الذي سنُكفنه بستارة المسرح ونُعلن بصوت مرتفع بأن المشاهد النائم هو من انتصر، وأن الحضور الذي يكتفي فقط بالتصفيق والتصفير هو من أعلن حالة الوفاة للمسرح!!
لكن من قال لكم إن الشاعر، الممثل، الموسيقار، الكاتب، الراقص، الرسام يموتون؛ الفنانون لا يموتون؟! بالرغم من النظرة التشاؤمية التي وصلتني من الكثيرين؛ إلا أن هناك من يريد أن يعمل ويريد أن يُرجع القصبة مثلما كانت في الماضي.
وهذا ما وجدته، أياد كثيرة لكنها مشتتة تريد أن تعمل لإنقاذ القصبة من غيبوبتها بإيقاظها أولاً بشكل مستعجل، ثم تقديم ما يمكن تقديمه لإعادة حيوية ولياقة المسرح كما كانت وأكثر من قبل، وهنا يأتي دورنا كهيئة إدارية جديدة أن تعمل بشكل سريع وبخطوات واثقة لنقل القصبة من غرفة الإنعاش الى غرفة الملابس لأن المسرح سيكون ليس فقط بمظهر مختلف وإنما بروح جديدة ضمن استراتيجية تفاعلية مع الجميع.
لهذا علينا ألا نقتل ذاتنا بأيدينا مبررين ذلك بحالة الإحباط الجمعي، هناك من يريد أن يعمل ويحاول ويحاول، لا مفر لنا إلا العمل، كلٌ حسب طاقته وإمكانياته، الهروب لا يعني معالجة القضايا التي تنتظرنا بل على العكس كلياً.
هذه دعوة مفتوحة من على خشبة مسرح القصبة لكل الحضور الصامتين بأن المسرح بحاجة لهم اليوم، بأن يأخذ كل شخص دوره في إعادة إحياء الروح، وهذا ما ننتظره من مؤسساتنا الحكومية والأهلية والقطاع الخاص ليكون معنا، فقد آن الأوان للصعود الى المسرح وإنارة خشبته.