كتبت: شيماء عطا
وأنت تتجول في أزقة دمشق الصغرى (نابلس), حيثُ شارع مسجد النصر القديم الذي يعيد لك ذكرياتك وأنت بيافا في ساحة دوار الساعة, تسحبك قدماك من بعيد إلي لوحة محل عتيقة تعود بك إلى ما قبل مئة عامٍ وأكثر, لتجد نفسك على عتباته وقدماك سبقتك بالدخول.
مكان يحمل كل معاني الأصالة والعراقة القديمة, ميزان ذي المكيال على الأرض, القوس يزين خزانة قديمة يطلق عليها نملية, السيخ معلق على الحائط ليوثق عراقة هذا المكان, الصنارة يلفها الخيط تغرز بلوحة فنية لتخرج قطعة بأبهى حلة, أنه مكان صغير لصناعة اللحف, يعمل بداخله نظام أبن الأربعون عام.
نظام منى صاحب مهنة اللحف المشهورة في نابلس يسرد لنا قصته مع هذه المهنة يقول: أعمل بهذه المهنة منذ 32 عام امتهنتها من حياة والدي, حيث كان عمري لا يتجاوز ال8 سنوات, والدي هوي المعلم الأول لتعلمي تلك المهنة, وأيضا والدي أمتهنها من حياة أخاه وخاله.
يضيف منى تعود صناعة اللحف والصوف للأصول التركية, وجاءت عن طريق صناعة أحد الأشخاص لحاف ليكون أتقل من الحرام ليعطيه الدفئ فظهرت هذه المهنة, وفي البداية كانت هذه المهنة عبارة عن تطريز على اللحفاف رسومات هندسية وفنية على نوع من القماش يسمى الستان.
وبعد تزايد عدد الناس لم تعد المهنة قائمة على التطريز اقتصرت فقط على صناعة اللحف من اجل الحصول على الدفئ.
وأن العمل في مهنة الصوف أصبح قليل كأمثال أي صنعة قديمة, والسبب في ذلك الاستيراد أصبح قليل والاهم من ذلك لا يوجد أيدي عاملة لتعلم تلك المهنة.
عزوف الشباب عن تعلم مهنة اللحف
هذه المهنة تحتاج الى حلم طويل وسعة صدر, توصف بالمملة ولا جديد عليها وتعتبر قديمة جدا, كل يوم نفس العمل وذات اللحاف والمخدة, لكن العائد المادي من تلك المهنة عائد ممتاز وجيد, وتعود هذه المهنة الي مئات السنين حيث كان لا يوجد الحرمات ولا الشراشف.
وأشار منى أشجع أولادي أو أي شخص أخر على امتهان تلك المهنة من أجل الحفاظ عليها من الاندثار, لكن مع توافر القطن والدباج في تلك الأيام أصبح الصوف واللحف في تناقص وانحدار, لكن الى يومنا هذا لم أشعر بأنها انحدرت بشكل كبير باعتباري الشخص الوحيد الذي ما زلت قادر على العمل بها.
التنقل بين القرى للعمل بتلك المهنة
يذكر منى قمنا بالتنقل بين القرى من اجل صناعة اللحف والصوف مع المبيت في تلك القرى من أجل أنهاء ما يطلب منا من عمل كمية من اللحف والمخدات والفراش.
ويتابع منى العمل في الصوف يحتاج لخبرة من ناحية قص الصوف والغسيل والتنشيف, أشتريه خام وأقوم بتنفيشه, سابقا كانت أدوات تختلف عن تلك الأيام ومنها( القوس, السيخ)ومن ثم الماكينة الحديثة من اجل إنتاجية أكثر وعمل أسرع.
وزن اللحاف يتراوح ما بين 6 كيلو إذا كان مجوز, المفرد يكون 4 كيلو.
كل هذا التطور عمل على إنهاء العملية بسهولة وسرعة حيث كانت الخياطة بالإبرة عن طريق اليد اليوم عن طريق الماكينة .
لكن ما زلت إلى هذا اليوم محتفظ بكل الطراز القديم لكي يبقى عبق المحل على ما كان عليه بالقدم والحفاظ على تراثه وقيمته ورونقه الخاص الذي يذكرني دائما بوالدي.