وعممت وزارة الصناعة الأردنية، الخميس الماضي، تعديل التعريفة الجمركية الأردنية المطبقة على واردات المملكة من الجمهورية التركية، بنسب تصل بين 15 % - 30 %، حسب المنتج.
وأخطرت محلات تجارية أردنية زبائنها عبر صفحاتها على موقع "فيسبوك" أن أسعار بضائعها التركية سترتفع نتيجة إعادة فرض الرسوم الجمركية، بعد أن كانت معفاة بنسب مختلفة عقب توقيع البلدين اتفاقية للتجارة الحرة في عام 2009.
قطاع الألبسة
وقال نائب نقيب تجار الألبسة والأحذية، سلطان علّان، إن "تجار الألبسة كانوا يدفعون رسوم وضرائب بنسبة 19%، لكن بعد إلغاء الاتفاقية سيدفعون ما نسبته 47%، ما يعني أن الأسعار سترتفع على المستهلك الأردني بنسبة 30% للبضائع التركية التي حلت محل البضائع السورية المعفاة من الرسوم، والتي توقفت بسبب الحرب منذ 2012، الآن المشكلة لدى المستهلك الأردني -كما يرى- هي "غياب البديل بعد ارتفاع أسعار البضائع التركية".
ويرى علان أن هنالك مشكلة أخرى تتعلق "بوجود شركات وعلامات تجارية تركية أنشأها أردنيون بناء على الاتفاقية السابقة، ما تسبب في إرباك في السوق؛ لعدم استقرار القرارات والاتفاقيات، خصوصا لمن بنى مشروعه على أساس وجود إعفاء جمركي، ما سيلحق الضرر بالعديد من المستثمرين المحليين، خصوصا في ظل حجم عبء ضريبي كبير على قطاع الألبسة والأحذية تسبب بركود كبير".
وحسب أرقام نقابة تجار الألبسة، بلغ عدد العلامات التجارية التركية في هذا القطاع 19 وكالة، بحجم استثمار يصل إلى 21 مليون دولار، بينما بلغ حجم الاستثمارات الأردنية في تركيا تبلغ 22 مشروعا، بين مصانع وشركات شحن ووساطة تقدر استثماراتها بحوالي 28 مليون دولار.
ولم تقتصر البضائع التركية في الأردن على الملبوسات، إذ بلغت صادرات الأردن من تركيا العام الحالي من أصناف مختلفة، من بينها المواد الغذائية والكهربائيات، 685 مليون دولار، مقابل 91 مليون دولار صادرات أردنية لتركيا.
قطاع الكهربائيات
بدوره، قال نقيب تجار الكهرباء والإلكترونيات، رياض القيسي، إن "الكهربائيات تركية المنشأ سترتفع من 22% إلى 30%، وهي فرق الرسوم الجمركية التي فرضتها الحكومة الأردنية، ما سيعمق من ضعف القدرة الشرائية للمواطن في هذا القطاع، الذي يعاني من تراجع القوة الشرائية بنسب وصلت إلى 76%؛ بسبب الضرائب والرسوم المختلفة".
وانتقد القيسي السياسات الحكومية الاقتصادية الطاردة للاستثمار من خلال فرض ضرائب ورسوم على الصناعة والزراعة، معتبرا أن فرض الضرائب على البضائع الأجنبية لن يفيد المنتج المحلي بسبب غياب الصناعة المحلية.
واعتبر أن الأردن الحلقة الأضعف في أي تفاهمات واتفاقيات تجارة بينية؛ بسبب حجم السوق الأردنية، وغياب الصناعة المحلية، وحجم الاقتصاد الصغير.
الحكومة الأردنية تبرر
بدورها، بررت الحكومة الأردنية إلغاء اتفاقية التجارة بين الأردن وتركيا بسبب ما أسمته "حماية المنتج المحلي". وقالت وزارة الصناعة الأردنية إن "وقف العمل بالاتفاقية "يهدف لتجنب المزيد من الآثار السلبية التي لحقت بالقطاع الصناعي، في ضوء المنافسة غير المتكافئة التي يتعرض لها من البضائع التركية التي تحظى بدعم من الحكومة التركية".
السفارة التركية: مستعدون للمحافظة على الاتفاقية
وكان السفير التركي في عمان،مراد كاراغوز، أعلن في حديث سابق لـ"عربي21" عن استعداد بلاده للمساعدة لتجاوز المشاكل الاقتصادية، والتغلب على الصعوبات، والمحافظة على الاتفاقية؛ من خلال الاستمرار بالمباحثات الفنية، والتقدم بمطالب معقولة.
وقال إنه "رغم غياب التوازن التجاري، نرى أن الاتفاقية كانت تساعد الأردن. ونجد أن الرأي العام الأردني منقسم حول تجميد العمل بالاتفاقية، بما في ذلك البرلمان الأردني".
أسباب سياسية
من جهته، يرى المحلل الاقتصادي مازن مرجي أن الأبعاد السياسية طغت على البعد الاقتصادي في إلغاء هذه الاتفاقية، خصوصا بعد موقف بعض الدول الخليجية من تركيا، خصوصا السعودية.
وقال، إن "على الأردن الالتزام باتفاقياتها مع الدول بشكل عام، وإلغاء الاتفاقية مع تركيا سيؤثر على التاجر والمستهلك على حد سواء؛ بسبب انتشارها بجودة مرتفعة وأسعار في متناول الجميع، وإعادة فرض الجمارك سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها، وسيعطي ذلك فرصة للمنتجات الأخرى، خصوصا في ظل عدم رغبة المواطن في شراء المنتجات الأردنية بسبب مستوى الجودة".
ووقعت الأردن وتركيا اتفاقية التجارة الحرة في عام 2009، لتدخل حيز التنفيذ في عام 2011، وأصبحت السلع الصناعية أردنية المنشأ تدخل للسوق التركية معفاة من الرسوم الجمركية. وفي المقابل، أُعفيت السلع التركية الواردة إلى السوق الأردنية من الرسوم الجمركية تدريجيا على فترة انتقالية تمتد لـ8 أعوام، واتفق الجانبان مؤخرا على إنشاء منطقة حرة في العقبة؛ كي تتمكن تركيا من نقل بضائعها وشحنها، إلا أن الأردن عادت وأوقفت العمل بالاتفاقية تحت باب "حماية المنتج المحلي".
عربي٢١