الباحث الدكتور قصي ابراهيم يستعرض في مقال علمي مراجعة اكاديمية ومهنية Book Review لكتاب بعنوان "الإسلام والخدمة الاجتماعية: الممارسة ذات الحساسية الثقافية في عالم متنوع" ISLAM AND SOCIAL WORK: Culturally sensitive practice in a diverse world
نابلس:
نشر الكاتب والباحث الدكتور قصي ابراهيم استاذ العلوم الاجتماعية والأمنية المساعد في جامعة الاستقلال مقالاً علمياً في المجلة الدولية للرعاية الاجتماعية The International Journal of Social Welfare في جامعة جريفيث باستراليا المراجعة العلمية لكتاب "الاسلام والخدمة الاجتماعية" المكون من 224 صفحة والصادر في جامعة بريستول في بريطانيا Bristol, Policy Press.
تناول هذا الكتاب وهو نتيجة لجهود تعاونية بين مجموعة من المؤلفين هم Sara Ashencaen Crabtree, Fatima Husain and Basia Spalek عدداً من المواضيع المتعلقة بالمهنة ضمن السياق الاسلامي.
حيث يبدأ الفصل الاول في تقديم مقارنة حول محتوى المجلد الاول First edition وطبيعة المواضيع المثارة في المجلد الثاني Second edition والمرتبطة بالاقليات العرقية minority ethnicالمسلمة في الغرب، جنباً الى جنب مع قضايا الاندماج الاجتماعي والتعددية الثقافية واحترام التنوع الديني ناهيك عن قضايا الامن، كما انه يسلط الضوء على فاعلية المهنة في التعامل مع هذه القضايا.
وفي هذا الفصل، يحدد المؤلفون المفاهيم المستخدمة Definition of terms، ويقدم عرضاً بايجاز طبيعة الهويات العرقية والايمانية مع التركيز على مفاهيم العرق والثقافة، ويقدم شرحا حول الخلفية الاجتماعية والاسرية للمستفيدين من الخدمة/ العملاء Clients and service users، الذين لا ينتمون الى مجموعات ثقافية أو عرقية، كما يتناول بعض النماذج والمناهج المفسرة للمعارف التي تنطوي على التعددية الثقافية والتنوع العرقي، ناهيك عن الكفاءة الثقافية في الخدمة الاجتماعية كعلامة مميزة لاتجاهات ما بعد الحداثة.
ويقدم الفصل الثاني والمعنون ب " الأمة الاسلامية: السياق والمفاهيم " The Muslim ummah: context and concepts لمحة عامة عن الاسلام من حيث التأسيس وكيفية تشكيل الأمة الاسلامية، مع توضيح لبعض المفاهيم مثل (القرآن، الحديث والشريعة)، The Qur’an, the hadith and the shari’a، علاوة عن المبادئ الاساسية للأمة الاسلامية Fundamental principles of the ummah.
ويحتضن الفصل في طياته بعضاً من دراسات الحالة الواقعية، والتي تحلل الممارسات الدينية والثقافية ودرجة ارتباطها بالمبادئ الاسلامية، علاوة على ذلك، يقدم الفصل صورة عن الانشطة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والدينية التي تتم في الاماكن المقدسة Sacred spacesللمسلمين ودورها في التمكين والاصلاح الاجتماعي .. الخ، مع الاشارة الى التنوع المذهبي Denominational diversity، مروراً بالشرح حول الأصولية والقومية Nationalism and fundamentalism في سياق الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية لبعض البلدان العربية.
كما يستعرض الفصل موجات هجرة المسلمين الى اوروبا Migration and Muslim communities in Europe والاصول العرقية لهم، مع التركيز على الهجرة ما بعد الاستعمار الى المملكة المتحدة، مع التاكيد أن يأخذ الاخصائيين الاجتماعيين والممارسين الاعتبارات الثقافية والتعليمية واللغوية للمهاجرين في مختلف بلدان المنشأ، ومن الجدير ذكره، أن الفصل يقدم قاعدة بيانات حول نسبة وتعداد المسلمين في بعض البلدان الاوروبية والاثار الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية للمهاجرين المسلمين في المملكة المتحدة وعلاقة ذلك في تحقيق الانسجام الاجتماعي والوئام المدني والتجانس اللغوي.
اضافة الى ذلك، يقدم الفصل وجهات نظر حول مفهوم الخوف من الاسلام Islamophobia، مع التاكيد ان المبالغة في وصف المفهوم وشرحه له انعكاسات سلبية في تضييق الخناق والحد من دائرة التعبير والحرية والديمقراطية.
وفي ختام الفصل، يؤكد المؤلفون ان الاسلام في انقى أشكاله مثل الخدمة الاجتماعية يسعى الى تعزيز الكرامة الانسانية.
يحتضن الفصل الثالث والمعنون ب "تعليم الخدمة الاجتماعية والاسلام" Social work education and Islam في طياته عناصر في غاية الأهمية تشكل أرضية خصبة واطاراً مرجعياً للاخصائيين الاجتماعيين والممارسين.
حيث يقدم تحليلا لاتجاهات الخدمة الاجتماعية في المملكة المتحدة وتمكين الاخصائيين والممارسين للعمل في مجالات محددة مع المستفيدين من الخدمة/ العملاء Clients and service users، ويؤكد على اهمية الالتزام بتخريج اخصائيين اجتماعيين على مستوى عالي من الكفاءة والفاعلية للعمل مع المستفيدين من الخدمة/ عملاء من مختلف الثقافات والاعراق والاديان لتلبية احتياجاتهم المتصاعدة، مع اعتماد المنظورات الحديثة في الممارسة لمناهضة التمييز والعنصرية والقمع والاضطهاد مما يحقق فهم أفضل لثقافة الاقليات العرقية.
علاوة على ذلك، يستعرض الفصل الثالث العولمة وما يترتب عليها من اثار متعددة، ويقدم نقاشاً خصباً حول اهمية ادراج العولمةGlobalisation وعملياتها من التدويل والتوطين Indigenisation, authenticisation and localisation وما بعد الحداثة في برامج التعليم لرفع كفاءة الاخصائيين الخريجين للعمل عبر الحدود الزمانية والمكانية وعبر اللغات والثقافات، واعتماد منظور أكثر شمولاً في الممارسة الدولية لاحتواء التنوع العرقي والتعددية الثقافية للسكان الاصليين، وهو ما يعرف ب "الكفاءة الثقافية او المصادقة" Cultural competence or Authentication بعيدا عن الهيمنة والليبرالية، مع دعوة علماء الاجتماع وصناع السياسات والممارسون والجمهور Social scientists, policymakers, practitioners and the public للاعتراف بجملة من المتغيرات الجديدة من أجل فهم الطبيعة المعقدة للتنوع المعاصر القائم على الهجرة ومعالجته على نحو أفضل.
ويتناول الفصل قيم الخدمة الاجتماعية مثل الاستقلال الذاتي وتقرير المصير self-determination كموجهات قيمية لفكر وسلوك الاخصائيين الاجتماعيين والممارسين، جنباً الى جنب مع التاكيد ان المبادئ التي تحكم الاسلام تتناسب بشكل جيد مع قيم الخدمة الاجتماعية، علاوة عن اهمية الروحانية في حياة المستفيدين من الخدمة/ العملاء لا سيما الممارسون للمهنة.
يقدم الفصل الرابع مناقشة غنية ومتنوعة حول مورفولوجيا الاسرة Family morphology من حيث القيم الاجتماعية والثقافية والدينية، والادوار والوظائف وشبكة العلاقات والمسؤوليات والمهام، لا سيما التنشئة الاجتماعية والتطبيع الثقافي والديني، وخدمات الرعاية في سياق الاحتياجات الضرورية لافراد الاسرة.
ويستعرض الفصل الاثار الاجتماعية للهجرة على المرأة المسلمة وقدرتها على التكيف، ويحتوي على نقاشا حول تعدد الزوجات بين الحقوق والواجبات، مع التاكيد ان الزواج في الاسلام هو الطريق الوحيد المقبول للأبوة، علاوة عن خطابات متداخلة عن دور المرأة المسلمة وغير المسلمة في تربية الاطفال ورعايتهم.
اضافة الى ذلك، يتضمن الفصل شرحا مفصلا حول "العودة الى الاسلام" Reverted to Islam وما يترتب عليه من انماط حياة جديدة، كما يوضح طبيعة التغيرات في العلاقات الاجتماعية والممارسات الدينية وصياغة الادوار الجديدة وتحديد المعايير الجنسانية. gender norms
اما الفصل الخامس يناقش مجموعة من القضايا المتعلقة بالعنف داخل الاسرة المسلمة Domestic violence بما في ذلك الزواج القسريForced marriage، الطلاق واساءة المعاملة الزوجية Divorce and Spousal abuse جنبا الى جنب مع قضايا رعاية الطفولة وايوائهم، ويوكد الفصل في ثناياه الى ضرورة التدريب الاضافي والمتخصص للعاملين الصحيين والاخصائيين الاجتماعيين والمعلمين والشرطة لفهم المخاطر التي قد تتعرض لها الفئات المهمشة من النساء والفتيات الضعيفات، مع رفع القدرة على التمييز بين المعايير الاسرية والثقافية التي ربما تولد العنف مقارنة بالتعاليم الدينية للاسلام المناهض للعنف، جنبا الى جنب، يقدم الفصل بعض المبادئ التوجيهية للتدخل المهني في حالات العنف الاسري خلال العمل مع الاسر المسلمة guidelines for intervention in domestic violence when working with Muslim families، ومن الجدير ذكره، أن الفصل يطرح دراسات حالة تجسد مواقف العنف وتعكس ما يترتب عليها من اثار نفسية وعقلية.
يبدأ الفصل السادس والمعنون ب "العائلات المسلمة والصحة" Muslim families and health في استعراض الطب في الاسلام التاريخيMedicine in historical Islam ودوره في توفير المعرفة الطبية من خلال العديد من المستشفيات التي قدمت مظلة الرعاية الصحية والعناية الطبية، كما يسلط الضوء على الابعاد الصحية للمسلمين سواء في امريكا ام المملكة المتحدة، مع تقديم بيانات احصائية وصفية تظهر الصلة بين الفقر وضعف الصحة مع التاكيد ان كل شخص وريث لامكانية الاصابة بمرض خطير بغض النظر عن الايمان والسياق الثقافي.
ويعرض الفصل بعض القضايا الصحية التي يحتاجها ممارسو الخدمة الاجتماعية اثناء العمل مع المسلمين، جنبا الى جنب مع تقاسم القيم المهنية مع غيرهم من المهنيين مثل مهنة التمريض التي تتخذ نهجا متعدد الثقافات يأخذ بعين الاعتبار بشكل أكبر الخلفية الشخصية للمرضى مع العوامل المتشابكة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فضلا عن الاعتراف بالحاجة الى الحساسية الروحية.
كما يتناول الفصل اهمية الاطفال للاسرة المسلمة، ويقدم شرحاً واضحاً للابعاد الدينية والثقافية لاسباب ارتفاع معدل الخصوبة عند المرأة المسلمة مقارنة ببعض البلدان الاخرى، كما يتضمن نقاشا متباينا حول الختان Circumcision وتشويه الاعضاء التناسلية للإناث Female genital mutilation في اطار القيم الدينية وحقوق الانسان. وفي الختام يؤكد الفصل الى حاجة الخدمة الاجتماعية الى الانخراط/ التعامل مع الحقائق السياسية والاجتماعية والمادية التي تواجه الاسر المسلمة.
ينظر الفصل السابع الى القضايا المتعلقة بالمسنين المسلمين عبر عدد من المجالات المتداخلة في اطار النظرة الكلية للاسلام، جنبا الى جنب مع الاتجاهات الديمغرافية للمسنين Ageing trends in the UK خصوصا ما يرتبط بالضغوط المالية وما يتصل برعايتهم وتلبية احتياجاتهم المتنوعة، علاوة عن السياسات الاجتماعية الوطنية في المملكة المتحدة التي توفر الرعاية الصحية والاجتماعية لهم.
ويقدم الفصل بيانات احصائية توضح التركيب السكاني للمسنين في المملكة المتحدة على اختلاف انتمائهم العرقي وخلفياتهم الثقافية وتنوعهم الديني، مع الاثار المترتبة على الزيادة المضطردة في اعدادهم، والحاجة الى التخطيط المناسب لتوفير الموارد والخدمات المناسبة والحساسة ثقافيا لمواجهة التغييرات السكانية الآخذه في الازدياد في مجال الصحة والرعاية الاجتماعية والممارسة المهنية.
كذلك يناقش الفصل الاثار العالمية للشيخوخة على التنمية الاجتماعية والاقتصادية، علاوة عن العوامل الاجتماعية والاسرية التي تتفاعل مع الشيخوخة، ناهيك عن الرعاية القائمة على الحاجة، كما يحدد الفصل بعض الحواجز التي يعاني منها كبار السن من المسلمين في الوصول الى الخدمات، مع التاكيد على اهمية الكفاءة الثقافية كنهجاً في ممارسة الرعاية الاجتماعية للمسنين المسلمين، اضافة الى ذلك، يقدم الفصل صورة عن الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والصحية للمسنين لبلدان اسلامية وعربية، وطبيعة خدمات الرعاية الاجتماعية المقدمة لهم.
وفي نهاية الفصل، يؤكد المؤلفون انه في البيئة متعددة الاديان والثقافات يحتاج موظفوا الرعاية الطبية والاجتماعية الى التعامل مع واقع الموت عبر الاختلافات العرقية والدينية.
ويعكس الفصل الختامي بعض القضايا الناشئة في المجتمعات المسلمة، وينصب في التركيز على المسلمين كضحايا للجريمة والايذاءVictimisation والعنف لدوافع عنصرية بسبب انتمائهم العرقي وهويتهم الدينية، ويقدم الفصل تحليلا مفصلا حول السياسات التشريعية لبعض البلدان الغربية في تصنيف الجنسيات بين استخدام المفهوم العرقي والهوية الدينية وعلاقته بالمساواه وحقوق الانسان والحريات الاساسية.
ويستعرض الفصل بعض الاحصائيات التي توضح ظاهرة جرائم الكراهية الدينية والتمييز جنبا الى جنب مع الاثار متعددة الابعاد لبعض الاحداث العالمية مثل 11 ايلول/ سبتمبر، مع تسليط الضوء على قانون مكافحة الارهاب والامن لعام 2001 the 2001 Anti-Terrorism Crime and Security Act وفاعليته/ دوره في فرض عقوبات أشد على المجرمين الذين يحرضون على الكراهية الدينية involves imposing higher penalties on offenders who are motivated by religious hatred، ناهيك عن شراكة الشرطة المحلية مع جماعات المجتمع المسلم في رصد وتوثيق جرائم الكراهية المرتكبة ضد المجتمعات الاسلامية.
ويؤكد المؤلفون ان ضحايا الجريمة والايذاء يعانون من الاثار النفسية والعاطفية والسلوكية والمالية والجسدية الكبيرة كاقليات مسلمة مضطهدة، مع التاكيد ان الاستخدام غير المتناسب لقوانين مكافحة الارهاب ضد المسلمين قد يؤدي الى تنفير تلك المجتمعات التي هي بحاجة الى العمل في شراكة مع الشرطة لاغراض مكافحة الارهاب.
وينتهي الفصل باستعراض خصائص المسلمين وغيرهم داخل السجون في المملكة المتحدة من حيث العمر، الحالة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية .. الخ، والعوامل التي تؤدي الى التحول الديني الى الاسلام وانعكاس ذلك على تغيير انماط حياتهم وتحسين سلوكهم واندماجهم الاجتماعي لا سيما تعزيز شعورهم بالهوية والانتماء، مع التاكيد على اهمية مشاركة الجماعات الاسلامية في التخطيط حتى تكون قادرة على تلبية الاحتياجات الدينية والروحية والثقافية والاجتماعية للسجناء المفرج عنهم.
يوفر هذا الكتاب ارضية خصبة واطارا مرجعيا للاخصائيين الاجتماعيين ودليل للممارسين وواضعي السياسات والعاملين مع المهاجرين والاقليات على اختلاف اعراقهم وانتمائهم الديني وهوياتهم الثقافية، وهذا الكتاب له قيمة خاصة يسعى الى توفير المبادئ التوجيهية ويتبع نهجا نظريا شموليا لفهم ظروف الاقليات العرقية ويتناول امثله ملموسه ذات الصلة بالقضايا الاساسية للكتاب.
وعلى النقيض من ذلك، ومن المثير للدهشة أن يشعر القراء الذين يبحثون عن الادب العلمي المتعلق بالاسلام والخدمة الاجتماعية بخيبة امل كبيره بسبب تدني مستوى وعي المؤلفون حول الاسلام.
ورغم تحديد المؤلفون للمفاهيم، واعتمادهم لمفهوم التفسيرات المتطرفة للمبادئ الاسلامية Extreme interpretations of Islamic principles، تم استخدام مفاهيم اخرى تربط بين الارهاب والاسلام، على سبيل المثال: الارهاب الاسلامي Islamic terrorism، التطرف الاسلامي Muslim extremism، المسلمين المعتدين Muslim offenders’، الاسلام العنيف Violent islam، علاوة على ذلك، نظرة المؤلفين الى مفهوم الاخر ‘The other’ في متن الكتاب على أنه كتلة اسلامية متعصبة مليئة بالكراهية ‘orthodox, hate-filled Islamic’ mass ، كذلك العدوان الاسلامي الايديولوجي Ideological islamist aggression، وكان من الأفضل استخدام مفهوم المارقين أو الخارجين او المخالفين او غير الملتزمين للمبادئ الاسلامية، كذلك وبشكل معيب يصف المؤلفون الاسلام في نهاية الكتاب بأنه: الاسلام يشكل افة ارهابيةIslam as a terrorist scourge، مما يؤكد أن مفهوم الانعكاسية Reflexivity استخدم كأداة لتشويه صورة الاسلام وتزييف وعي القراء من خلال تضليل الحقائق، مما ساهم في اضفاء تحليلات تشكل تهديداً متزايداً للأمن والاستقرار الاجتماعي والاندماج الثقافي، جنبا الى جنب في محاولة للتأثير على القراء لتكوين مزيد من مشاعر العنصرية تجاه بعضهم البعض بشكل يؤدي الى اعادة انتاج التمييز والايذاء والتهميش.
ومما يثير الامتعاظ في النفس هو اختصار اسم النبي محمد في كثير من اجزاء الكتاب دون توقير واحترام، فكان من الاجدر تناول الاسم بشكل كامل كالاتي: Prophet Mohammed’s ‘Peace be upon him’.
علاوة على ذلك، ومما يثير الاستغراب هو تكرار استخدام "اسرائيل" في متن الكتاب، وهذا يعتبر انتهاك للقانون الدولي ولحقوق الانسان بل مناف لقيم العدالة والمساواة والحرية، وينطوي على الايذاء والعنصرية، حيث "اسرائيل" هي كيان صهيوني غير شرعي ارتكب شتى انواع المجازر ضد الشعب الفلسطيني مما ادى الى تهجيره عبر بلدان العالم ومنها المملكة المتحدة، وهذا يجعل المؤلفين في موضع الشك بين تبني القيم المهنية والتمييز ودعم العنصرية.
ومما يؤخذ على المؤلفين هو المبالغة في تحليل الصراع في القيم، حيث مبدأ التقبل والموضوعية وحق تقرير المصير ... الخ يسقط/ يلغي أي تحيزات او محاباة في العمل مع عملاء من مختلف الديانات في سياق الهدف الاسمى للمهنة والمتمثل في تحويل الاعتلال السلوكي الى اعتدال لتحقيق الرفاهية للافراد.
وتخلل الكتاب احكام مسبقة وجزافية تنطوي على فهم غير صحيح للاسلام، وبعيداً عن التوسع في الوصف، مسؤولية رعاية المسنين في الاسلام لا تقتصر على الابناء والاحفاد، بل تمتد لتشمل كل افراد المجتمع وتنتهي بالدولة، ولا أدل على ذلك قيام المسلمين في فلسطين المحتلة بانشاء مؤسسات لرعاية المسنين وايوائهم بعد المجازر الصهيونية التي رافقت قيام دولة "اسرائيل" غير الشرعية عام 1948، بل ان خدمات الرعاية الاجتماعية لبعض الدول العربية مثل الامارات العربية المتحدة لا تقتصر على مواطنيهم وانما تمتد لتشمل بلدان اخرى وشعوب متعددة عبر المحيطات والقارات.
علاوة عن ذلك، الاطفال المسلمون ليسوا محرومون بموجب الشريعة الاسلامية فيما يتعلق بالميراث بل هم محرومون من التصرف بحصصهم الارثية نظراً لعدم انطباق شروط التكليف عليهم، ويتناول القران الكريم حقوق الميراث لكل افراد الاسرة، جنبا الى جنب مع وجود ايات قرانية صريحة تحرم التبني (الاحزاب 33، ايه 5)، على خلاف ما ذكره المؤلفون بأن موضوع التبني يكتنفه الغموض من المنظور الاسلاميThe ambiguities surrounding adoption from the Islamic perspective، ناهيك عن عدم حرمة اقتناء الكلاب في الاسلام لاغراض الحراسة والحماية، كذلك استناد المؤلفون لاحاديث ضعيفة لم تصل الى درجة الدقة والصحة فيما يتعلق بختان الاناث.
وهذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك اعتماد المؤلفون على بعض المصادر والمراجع المضللة التي تنطوي على فهم غير صحيح للاسلام بل تشوه نصوص قرانية واضحة وصريحة في القران الكريم، اضافة الى ذلك، عدم توخي الدقة في توثيق بعض النصوص القرانية مقارنة بالاحاديث النبوية الشريفة، مع التاكيد ان القران الكريم لم يشير الى ان اعمار الانسان هي 70 سنة، وانما حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بان اعمار أمتي تقارب ال 70 سنة، وهذا لا يتعارض مع العصر الحديث مطلقا.
وفيما يتعلق بالسورة القرآنية "العصر" The Quranic sura, ‘Al Asr’، فقد فسر المؤلفون الايات القرانية على خلاف المقصد الالهي منها، وكل ما ذكره المؤلفون لا يلمس روح الآيات ولا حتى ظاهرها، مما يعتم حقيقة الدين الاسلامي واخراجه في صوره مشوهه.
ومما لا شك فيه، سوف يشعر القراء بالقلق على نحو كبير من قصر نظر المؤلفين وتعميماتهم غير المقبولة اثناء تحليل بعض القضايا الرئيسية في متن الكتاب، على سبيل المثال ما يتعلق بالاعاقة كالاتي: "غالبا ما تتعرض النساء والفتيات ذوات الإعاقة في الشرق الأوسط للإهمال والاعتداء البدني والجنسي" Women and girls with disabilities in the Middle East are often subjected to neglect, physical and sexual abuse، فهذا لا يستند الى معطيات واقعية صحيحة، ويجادل المؤلفون حول ختان الاناث بالاستناد الى مرجع علمي لا يتحرى الحد الادنى من المصداقية في الموضوع. وعلى خلاف ما ذكره المؤلفون في متن الكتاب، ينبغي التاكيد انه لم يثبت ان يزيد بن معاوية أمر بقتل الحسين (حفيد الرسول صلى الله عليه وسلم) ولا رضي به.
عموماً، ما زال هناك بعض التساؤلات التي تراود مكانها، لماذا قدم المؤلفون صورة قاتمة عن الاقليات العرقية من المسلمين وغيرهم في المملكة المتحدة وبلدان اخرى دون النظر الى الجوانب المشرقة لدورهم في تحقيق التنمية؟!
ولماذا عظّم المؤلفون من دولة غير شرعية "اسرائيل" في متن الكتاب دون الاشارة الى انها دولة احتلال مارست كل انواع الارهاب ضد الشعب الفلسطيني مما تسبب في تهجيرهم عبر بلدان العالم كافة وادى الى طمس هويتهم الدينية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية .. الخ؟!