مع تضاعف اعتماد ملايين المستخدمين على التطبيقات الصحية بالتزامن مع ثورة الهواتف الذكية في العقد الأخير، يطرح تساؤل مهم عن مدى فعاليتها في الوصول للنتائج الصحية الإيجابية المرجوة.
وفي إطار سعيهم المستمر للاهتمام بلياقتهم وامتلاك القوام المثالي، يعمل الكثير من الأشخاص على تنزيل التطبيقات التي تُعنى بالصحة على هواتفهم الذكية. ويمثل ذلك تغيرا جذريا في التوجهات السائدة لدى ممارسي الرياضة والأفراد الذين يولون اهتماما مكثفا باتباع العادات الصحية.
ويعتمد البعض على تطبيقات الصحة للتحكم في الوقت الذي يخصصونه لممارسة التمرينات الرياضية، فضلا عن أنها تحفزهم ليصبحوا أكثر لياقة وإنتاجية.
ويمكن تسليط الضوء على العديد من الأمثلة لأشخاص استفادوا بشدة من استخدامهم لهذه التطبيقات. فقد خسر إد، وهو كاتب يقطن في لندن، سبعين كيلوغراما من وزنه بفضل تطبيق "لوز إت" لاحتساب عدد السعرات الحرارية، في حين تمكن مطور البرامج غاريث من التخلص من إدمانه على الكحول بالاعتماد على تطبيق "درينك فري دايز".
وأوضحت الأبحاث التي أجرتها شركة فلوري أن استخدام تطبيقات العناية بالصحة قد نما بنسبة 330% بين سنتي 2014 و2017. كما استعمل حوالي ثلاثة أرباع هؤلاء المستخدمين هذه التطبيقات بمعدل مرتين على الأقل خلال الأسبوع الماضي، في حين عمد بقيتهم إلى استخدامها بمعدل يتجاوز عشر مرات في الأسبوع.
وفي خضم كل قصة نجاح، تجد بعض مواطن الفشل، حيث إن الأشخاص الذين يحملون هذه التطبيقات لا يستخدمونها بصفة مستمرة وينقطعون عن اعتمادها بعد مضي مدة من الزمن، وفقا لتقرير للكاتب أليكس هيرن في الغارديان.
تأثير معاكس
في المقابل هناك تطبيقات ذات تأثير معاكس لما تروج له وتكون في العادة مزعجة للمستخدمين. ويمكن تبين ذلك من خلال تجربة آغنيس، التي دأبت على استخدام تطبيق هاتف ذكي مخصص لتذكيرها بشرب المياه.
وقد صرحت آغنيس أن التطبيق تسبب في التقليص من الكميات التي اعتادت شربها في اليوم الواحد. وأفادت إحدى مستخدمات تطبيقات التحكم بالسعرات الحرارية بأن اعتمادها على هذا التطبيق تسبب في تطور اضطرابها الغذائي.
فبعض العادات التي تسعى التطبيقات إلى تعميمها من خلال دفع المستخدمين إلى التقيد بها بشكل صارم والالتزام بمهام محددة، قد يكون لها قدرة تدمير ذاتي. وبشكل عام، تعمل هذه التطبيقات على مساعدتك لاكتساب عادات جديدة من خلال إنشاء روابط عصبية جديدة داخل الدماغ.
وتتمثل مشكلة تطبيقات العناية بالصحة الرئيسية في أن العديد من العادات التي تُحاول حث المستخدمين على اكتسابها ليست العادات التي يعتقدون أنهم بصدد تبنيها في حياتهم. ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن التعود على ممارسة تمرين صباحي معين يندرج ضمن لائحة العادات الجيدة، في حين لا يمكننا قول الأمر ذاته عن عادة الولوج إلى التطبيق.
لا ينفي ما ذكر آنفا قدرة عدد من التطبيقات على إحداث بعض التغييرات الجذرية، بغض النظر عن التطبيقات التي تطلب من مستخدميها اشتراكا شهريا خاصا دون تقديم خدمات ترقى لمستوى تكلفتها المرتفعة وتطلعات مستخدميها.
فبعض التطبيقات تسعى إلى تحقيق الأرباح من خلال خدمة هدف معين عوضا عن تعقيده. ويمكن تبين ذلك من خلال تطبيق "لايف سام" للأكل الصحي، الذي يحث المستخدمين على دفع رسوم الحصول على خطط خاصة تتضمن حميات غذائية متخصصة تساعدهم على تحسين نظامهم الغذائي.
حيال هذا الشأن، يزعم ماتياس ستورم، رئيس قسم قياس النمو الاقتصادي داخل الشركة، أن التطبيق يوفر البساطة لأولئك الذين يحتاجونها، فضلا عن دعم إضافي للأشخاص الذين يريدونه. وأضاف ستورم، أن "الإنسان يستغرق عشرين يوما حتى يصبح القيام بأمر ما مألوفا لديه، في حين يحتاج ستين يوما لكي يدرجه ضمن قائمة عاداته".
صحة المرأة
من جهتها ترى الكاتبة الدانماركية إيدا تين، ومطورة تطبيق "كلو" الشهير لتحديد أوقات العادة الشهرية لدى المرأة، أن معظم التطبيقات المماثلة تعتمد تقويما يصل إلى 28 يوما، وهو ما يعتبر غير مفيد.
وبالنسبة لتطبيق كلو، فهو يعمل على معالجة البيانات التي يقوم المستخدم بإدخالها لتوفير تنبؤ دقيق حول تاريخ بداية الدورة الشهرية لدى المرأة. ومن جهتها، صرحت مطورة التطبيقات الدانماركية أنها تسعى من خلال هذا التطبيق إلى مساعدة النساء على فهم أجسادهن بشكل أفضل.
في مثال آخر يسمح تطبيق "أو وايز" لمستخدميه الذين يخضعون لعلاج سرطان الثدي بمشاركة بياناتهن التي تتعلق بنظام نومهن وجودته ومدى شعورهن بالتعب مع أطبائهن. ووفقا لتقرير ورد في مجلة أبحاث الإنترنت الطبية، يتسم هذا التطبيق بجملة من الفوائد بالنسبة للمستخدمين وفريقهم الطبي.
بلغ صدى تطبيقات الصحة المنظمات الرسمية مثل هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة، التي أشارت إلى أن تطبيق "ماي بوسيبل سيلف" يساعد على تخفيف الشعور بالقلق والتوتر كما يوفر تطبيق هيليوم إمكانية تتبع النظام الغذائي للأشخاص المصابين بالسكري النمط الثاني.
ويمكن القول إن أفضل خيار يمكن لأحدنا اتباعه هو أن يكون مدفوعا بأهدافه ولا يعول على تطبيق ما لتحفيزه على الحفاظ على صحته. فضلا عن ذلك، لا بد أن يحرص على بلوغ تغيير فعلي عوضا عن الاكتفاء بتعقب نشاطه بصفة سلبية.
المصدر : غارديان