د. خالد معالي
"كطي السجل للكتب"؛ طوي عام 2018؛ وسيستقبل "نتنياهو"عام 2019 بالمزيد من الاحمال ألثقال، والتحديات الصعاب، بفعل قوة ايمان وإرادة شعب لا يمل ولا يكل من التضحيات لانتزاع حقوقه من حلق "نتنياهو" ومؤشر ذلك؛ ان غزة صارت شوكة في حلقه، فلا هو قادر على بلعها عام 2019، ولا هو قادر على لفظها، وصارت امرا واقعا بمقاومتها وحكمتها؛ بطول نفسها وتخطيطها الدقيق في مواجهة الاحتلال.
"نتنياهو في عام 2019 سيختلف عنه في 2018؛ فهو على ما يبدو قد استسلم للواقع الجديد في غزة، وما انتقادات وزير جيشه السابق "افغدور ليبرمان" له حول دفع اموال لغزة مرغما صاغرا، ستبقى؛ ولن تتوقف بفعل مقاومة غزة المدروسة بعناية لعلاقات فن علاقات القوى ببعضها البعض، وهو ما يعرف بفن علم السياسة، وغزة وحدها من سيستغلها خصوم ومعارضي "نتنياهو" لاضعاف اصواته الانتخابية؛ لكنها لن تصل لدرجة افشال "نتنياهو" في الانتخابات، كون "نتنياهو" يعرف كيف يعوض النقص في الاصوات هناك؛ في الضفة الغربية.
ما سيجعل "نتنياهو" - حسب التوقعات - يفوز في الانتخابات القادمة عام 2019، هو الضفة الغربية، فهي الخاصرة الضعيفة التي يضرب من خلالها ليحصد المزيد من الاصوات الانتخابية، ودليل ذلك الاعلان بشكل شبه يومي عن مخططات استيطانية جديدة تصل احيانا لمئات الوحدات، وترتفع لتصل لعدة آلاف منها جهارا نهارا، عدا عن الاقتحامات والاعتقالات والمصادرات.
ما يعرفه "نتنياهو" حقا ان الظلم لا يدوم، وان موعد زوال دولته قد اقترب، ولكنه يكابر ويعاند كعادة الطغاة والمستبدين عبر التاريخ المغرورين بقوتهم وبطشهم وجبروتهم الفاني، ظانين ان القوة الغاشمة هي الحل لكل المشكلات.
سيبقى"نتنياهو" ساخرا من المجتمع الدولي، ولن يتغير من ناحية تنكره للحقوق الفلسطينية وسيدخل عام 2019 بالمزيد من الصلف والتحدي للمواثيق والقوانين الدولية، وعمليات التوسع الاستيطاني، فما دام الرد هو الشجب والاستنكار من قبل المجتمع الدولي والعربي والفلسطيني، فان ذلك ما يسعده ويجلعه يحصد المزيد من الاصوات الانتخابية.
عام 2019 سيواصل "نتنياهو"؛ الضغط على السلطة وابتزازها كونها لا تملك أوراق قوة وضغط عليه؛ وسيتواصل الاستيطان وإذلال الفلسطينيين على الحواجز، وحملات الاعتقال اليومية في مختلف مناطق الضفة الغربية، وستبقى الضفة ملعبه المفضل لعرض عضلاته وتحقيق الانجازات له.
"نتنياهو" كونه ثعلب ماكر مثل سلفه "شمعون بيرس" فانه سيبقى يستغل حالة التيه العربي والانقسام الفلسطيني الفلسطيني والفتن العربية المشتعلة لأبعد درجة؛ ولسان حاله يقول: ما دام الميدان خال؛ ولا توجد ضغوط حقيقية، والعرب والمسلمون يكتفون بالفرجة، ولا يتقنون غير الشجب والاستنكار، فلماذا أتوقف عن تهويد القدس والضفة؟!
سيبقى "نتنياهو" عام 2019 ديدنه هو لا يوجد شيء عنده ليقدمه بالمجان دون مقابل، وليس في عجلة من أمره؛ إلا بقدر ما تضغط عليه المقاومة في غزة والضفة، فالحياة مقاومة وليس مفاوضات.
"نتنياهو" 2019 قد يشن غارات على غزة ولكنها ستبقى محدودة واكثرها في مناطق غير مأهولة؛ لخشيته أن تكون حربا تقصف فيها"تل الربيع " تل أبيب من قبل المقاومة، وهو وان كان يملك قوة اكبر بأضعاف من الفلسطينيين ألا انه يعلم أن هناك حدود لاستخدامها لا يمكنه القفز عنها؛ وإلا وقع في المحظور المحلي والاستراتيجي الإقليمي والعالمي.
في عالم السياسة اليوم لا يعترفون بالضعيف وحقوقه؛ بل بالمصالح، وبالقوي وشروطه والتي يتبجح بها "نتنياهو" صباح مساء، بفعل الدعم الغربي والأمريكي له، ولكنها ستكون اقل تأثيرا على غزة، كون غزة عرفت كيف توجع الاحتلال بصواريخها، وبالمقاومة الشعبية السلمية ومسيرات العودة على جدار وسياج غزة الذي يفصلها عن ال 48.
ما سيبقى يقلق "نتنياهو" عام 2019 هو ما سيواجه من جبهة فلسطينية قوية وعنيدة؛ هناك في غزة، قوامها؛ الإيمان والإرادة والأحقية بالنصر وانتزاعه من الظلمة، والبحث عن أوراق القوة من قبل المقاومة، والتي يمكن من خلالها الضغط على "نتنياهو" وإخضاعه، بعملية تراكمية وجولات متتابعة، حتى كنس الاحتلال.