رامي مهداوي
2019-01-12
اقتحام مدينة رام الله والبيرة من قبل جيش الاحتلال في الآونة الأخيرة أصبح متزايداً ويتم بشكل يومي، وربما يذكرنا المشهد بمشاهد الانتفاضة الثانية. الغريب في الأمر، وضمن متابعتي لوسائل التواصل الاجتماعي، أن نسبة عالية تعاطت مع الاقتحام على أنه كارثة لا يتقبلها العقل وغير مقتنعين بأن الجيش في أهم شوارع "سيادية" برام الله والبيرة!
بالتأكيد المشهد مؤلم، لكن هذا المشهد لا يقل أهمية عن مشاهد يومية تحدث في كافة أرجاء المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية من اقتحامات لجيش الاحتلال أو/ و إرهاب المستوطنين وعربدتهم في شوارعنا الرئيسية التي أصبحنا نخشى السير عليها وقاية من اعتداءاتهم!
وهنا قد يكون الاستغراب - عند البعض- نابعاً من زاوية أن هذه الشوارع تتمركز بها المؤسسات السيادية؟! لكنهم تناسوا أننا ما زلنا خاضعين - بكل ما تحمله كلمة "خضوع" من معنى - تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، وهذا ما يقوله بشكل دائم وبوضوح أهم شخص في هرم السيادة الرئيس محمود عباس خلال العديد من اللقاءات الإعلامية والاجتماعات، أشهرها عندما رفع تصريح سفره الذي يسمح له بالتنقل أمام عدسات الكاميرات وعلى الهواء مباشرة.
تناسوا أيضاً أن أغلب المؤسسات تتعرض لاقتحامات من قبل جيش الاحتلال بشكل شبه يومي، من مدرسة، مستشفى، محطات إعلامية، مؤسسات اقتصادية، مؤسسات أهلية، بلديات ومجالس قروية، حتى دور العبادة أيضاً لم تسلم منها. بالتالي مفهوم السيادة لا يختلف بين المؤسسات الحكومية والهيئات ومكاتبها المنتشرة في محافظات الوطن.
آسف لإعلامكم بأننا ما زلنا تحت الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، وحتى قطاع غزة عبارة عن سجن مفتاحه بيد الاحتلال. آسف لإزعاج من استغرب أن الجيش في رام الله بقولي له: إن قوات الاحتلال بشكل يومي في قرية كوبر التي تبتعد عن رام الله أقل من 10 كيلومترات ويتم محاصرتها بشكل متكرر!
أعتذر عن هذه المعلومة لكل من لم يخرج من فضاء رام الله ويتنقل بين المدن الفلسطينية، التي تقول: إن 700 ألف مستوطن مسلح منتشرين بين بيوتنا وطرقنا أصبحوا تهديداً على حياتنا، وما تعرض له موكب رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله، فجر يوم عيد الميلاد المجيد، من هجوم من قبل المستوطنين في ذات الموقع للاعتداء الإرهابي على المواطنة عائشة الرابي، في تشرين الأول الماضي، عندما هاجمت قطعان المستوطنين بالحجارة السيارة التي كانت تقلها، ما أدى إلى استشهادها على الفور، يبرهن على أننا جميعاً من مسؤول ومواطن أمام فوهة سلاح المُستعمرين.
لا سيادة في ظل الاحتلال، بالتالي لا يوجد احتلال جزئي هنا وهناك، جميع شوارعنا تنتهك، جميع مؤسساتنا تنتهك، أرضنا واحدة ولا معنى لما يعرف (أ) و(ب) و(ج). بالتالي لا يوجد احتلال مُمَيز، هذا مسموح وذلك ممنوع، الاحتلال هو الاحتلال، لهذا السؤال الأساسي الذي لم يطرحه من استغرب أن جيش الاحتلال في رام الله هو: كيف ستكون رام الله لو كان مشهد الاقتحام في الانتفاضة الأولى؟!