فادي أبو سعدى- القدس العربي- لا شك في أن إسرائيل تحاول رد "الهاتريك" الفلسطيني، بعد اختفاء ثلاثة مستوطنين يهود قرب الخليل جنوب الضفة الغربية، هذا "الهاتريك" الذي أطلق عليه الفلسطينيون إسم "ثلاثة شلاليط" أصاب إسرائيل بحالة من التخبط في بداية الأمر، لكنها سرعان ما تحركت في محاولة للرد على الفلسطينيين، بطريقة مختلفة ووتتبع لميزان القوى، وعلى جبهات ثلاث
فالشعب الفلسطيني لم يكن يوماً بعيداً عن ضغط الحياة من جهة، وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي من الجهة الأخرى، والحياة في البلد، بعيدة كل البعد عن السلام والسكينة، أو الرفاهية التي يعيشها سكان أي بلد آخر، ومزيد من الضغط على الشارع الفلسطيني، لن يبقيه هادئاً لفترة طويلة، وهو ما تحاول إسرائيل القيام به، منذ بدء العملية العسكرية في الخليل المحتلة، وامتدادها إلى باقي مدن الضفة الغربية، وتوسعها بشكل مضطرد، واعتقال المئات، وقتل الفلسطينيين دون سبب، وإعادة الأسرى المحررين إلى السجون، وإغلاق الطرقات بين مدن الضفة الغربية، واعتقال ممثلي الشعب الفلسطيني من أعضاء البرلمان، فإنها بذلك تسعى لانفجار الشارع نحو انتفاضة ثالثة، قد تُخفف من الضغط الدولي عليها، وقد يفك من عزلتها الدولية ولو شيئاً بسيطاً.
وهو ذات الأمر الذي أكده عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمود العالول، الذي قال بأن العدوان الإسرائيلي المتواصل على الفلسطينيين، هو انعكاسا للأزمة الداخلية التي تعيشها حكومة الاحتلال، ومحاولة لخروج حكومة الاحتلال من حالة العزلة التي تعيشها، وجلب العنف إلى المنطقة.
الأمر الثاني، هو اتهام حركة حماس بالوقوف وراء تنفيذ العملية ضد المستوطنين، رغم عدم وجود دليل رسمي حتى الآن، كما قال الرئيس محمود عباس، يبقى الباب مفتوحاً نحو إعادة الانقسام إلى الشارع الفلسطيني، بعد فُرقة دامت سبع سنوات عجاف، بين شقي الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبين فصيلين كبيرين في فلسطين، وهما حركتا فتح وحماس، وهو الأمر الذي لا يريده أحد في الشارع الفلسطيني، ولا حتى في الفصيلين نفسهما، إلا أن إسرائيل تمارس المزيد من الضغط على الرئيس أبو مازن والسلطة الفلسطينية، بالاعتقالات وما يجري على الأرض من جهة، ومن الجهة الأخرى مطالبته صراحة من إسرائيل بفك ارتباطه بحركة حماس والتخلص من حكومة الوفاق الوطني التي ولدت من رحم المصالحة مع حركة حماس.
حيث قال الوزير الإسرائيلي يوفال شتاينتس بأن على الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن يبرهن أنه شريكاً للسلام من خلال فك الشراكة مع حركة حماس ووقف ما أسماه بالتحريض، مضيفاً بأنه لا يمكن إعفاء السلطة الفلسطينية من مسؤولية "اختطاف" المستوطنين الثلاثة، إذ أنه من واجبها منع أي نشاطات "إرهابية" في أراضيها على حد زعمه.
أما القضية الثالثة التي تسعى لها إسرائيل، فهي مواجهات فلسطينية فلسطينية، والأبعد من ذلك أن تكون دامية، عبر محاولة زرع فتنة داخلية في الشارع الفلسطيني بين الشعب وسلطته، وما جرى فجر أمس الأول الأحد أمام مركز شرطة رام الله، ما هو إلا "بروفا" لما قد تؤول إليه الأمور إذا ما استمر الحال كما هو عليه، فمشاهد قوات الاحتلال الإسرائيلي أمام المراكز السيادية والأمنية الفلسطينية، فجر غضب المواطنين، خاصة في ظل استمرار تأكيد السلطة الفلسطينية على أهمية التنسيق الأمني مع إسرائيل، وهو ما يراه الشارع أمراً مرفوضاً عندما تكون فلسطين تحت "عدوان" منظم من قبل إسرائيل، خاصة وأن هذا العدوان واضح الأهداف، كما هو الحال للفيديو الذي بثته وكالة شهاب "التابعة لحماس".
الفلسطينيون تنبهوا "مبدئياً" لمخطط الاحتلال الإسرائيلي واضح المعالم، لكن الأمر بحاجة لأكثر من الانتباه، خاصة وأن إسرائيل تضغط بشتى الطرق على الفلسطينيين، والأمر لا يتوقف على الاعتقالات والإغلاقات، بل يمتد إلى الاقتصاد باحتجاز البضائع المستوردة للفلسطينيين من الصين وغيرها في الموانئ الإسرائيلية، كما هو الحال بخصوص مداهمة محلات "الصرافة"، ومصادرة الأموال التي تقدر بملايين الدولارات، الأمر الذي يصيب الفلسطينيين في مقتل، لأنهم بذلك لن يتمكنوا من العودة سريعاً، وقد يتطور الأمر لمزيد من الهجرة الفلسطينية، إلى خارج البلاد، وترك أراضيهم لمزيد من الاستيطان والمصادرة من قبل إسرائيل، وهو ما تسعى إليه دولة الاحتلال.
كما قرر الفلسطينيون "أخيراً" البدء بحراك دولي، حيث أكدت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشرواي، أن القيادة الفلسطينية ستتوجه إلى مجلس الامن الدولي، والجمعية العامة للامم المتحدة، من أجل وقف العدوان الاسرائيلي المتواصل على الفلسطينيين، وتوقعت عشراوي أن تقابل الخطوة الفلسطينية في مجلس الامن بالفيتو الامريكي، موضحة أن الذهاب للمنظمة الأممية، يظهر للعالم أن اسرائيل خارج القانون الدولي، ويجب وقف اعتداءاتها.