تقرير لبنى اشتية
على أطراف مدينة نابلس وبالقرب من بلاطه البلد، وبين البنايات القديمة خلف أسوار عتيقة، بدأت حكاية بئر النبي يعقوب الذي كان مسافراً من بيت المقدس إلى الجليل نزولاً في مدينة نابلس.
جلس سيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام على حافة البئر، مرهقاً متعباً من طول الطريق في مجيء امرأة سامرية طلب منها سيدنا يعقوب شربة ماء لكنها رفضت أن تعطيه بسبب العداء بين اليهود والسامرية، ومن هنا بدأت قصة المرآة ألسامريه وسيدنا يعقوب التي تجسدها صورة المسيح والمرأة السامرية والبئر على الباب الرئيسي للكنيسة بحسب ما ذكرته الكتب السماوية والتاريخية.
وكان الانشقاق الثالث والأخير بين السامرين واليهود بدأ عندما دمر يوحنان هركانوس المكابي هيكل السامرين مرتين على قمة جبل جرزيم، في نهاية القرن الثاني قبل الميلاد، في عهد المكابيين، سنة 128 ق.م. وفي عام 107 ق.م.
وجد بئر يعقوب منذ نحو 4000عام، والذي يعتقد البعض أن سيدنا يعقوب هو من حفر هذا البئر، ويبلغ عمقه 40 متراً، وعند مجيء الملكة هيلانا والدة الإمبراطور البيزنطي قسطنطين في القرن الرابع للميلاد بنت كنيسة ضخمة، ذات جدران عاليه يبلغ ارتفاعها 43 متراً وعرضها 25 متراً، مزخرفة برسومات الفسيفساء التي زينها الإمبراطور جوستنيان فوق البئر في ذلك العهد.
ولكن الكنيسة لم تبق على جمالها فترة طويلة ففي عهد الفاطميين عام 1119م هدمت هذه المعالم التاريخية ولم يبق لها أثر، وفي القرن الثاني عشر جاء الصليبيون وأعادوا بناءها من جديد، إلا أن ذلك لم يكن الاستقرار النهائي لإقامتها؛ فقد هدمت مرة أخرى عندما خرج الصليبون من فلسطين، وكانت المرة الأخيرة لإعادة ترميمها في عام 1908م وتوقف الترميم لمدة 80 عاماً حتى سنة 1914م مع الحرب العالمية الأولى وبقيت متوقفة حتى استلمت السلطة مدينة نابلس 1994م.
الكنيسة لم تسلم من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، ففي عام 1979م تعرضت إلى هجوم عنيف وسيطرة كاملة من جنود الاحتلال والمستوطنين، حيث كان الخوري اليوناني الأب "فيلومنس خسابيس" يؤدي صلاته داخل أروقة الكنيسة، فاعتدوا عليه ضرباً، وقُتل بـ36 طعنةً وضربة فأس، وحاولوا مراراً وتكراراً السيطرة الكاملة على المنطقة بأكملها وصار بهم الامر الى إصدار قرار عسكري بمنع إعادة ترميم الكنيسة، حتى جاء الرئيس الراحل ياسر عرفات وأعطى الأوامر بإعادة ترميمها.
وفي لقاء مع المسؤول عن أمور الكنيسة جمال سرحان يقول إن الكنيسة تتعرض وبشكل مستمر إلى هجمات الاحتلال وإغلاق المنطقة بأكملها في معظم الأيام، مضيفاً أن تاريخها يعود إلى فترة ما قبل الفاطمييين.
ويصف سرحان الماء الموجود في البئر بأنه ماء مقدس بالنسبة لجميع المسيحيين والأجانب السياح، وأن من يشرب منه في وجهة نظرهم يشفى من مرضه، ةهي تعتبر مكاناً مقدساً للمسيحيين من كل أنحاء العالم.
وأكد سرحان أن بئر يعقوب ليس الوحيد الذي يتعرض الى انتهاكات بل يوجد في كل مدينة من مدن فلسطين أثر تاريخي يروي قصة من قصص الانبياء ويتعرض إلى هجمات الاحتلال الاسرائيلي كذلك الأمر.
ويشير إلى أن الجانب المقابل للكنيسة يوجد فيه مقام سيدنا يوسف وليس كما يعتقد البعض بأن سيدنا يوسف قد دفن في نابلس بل دفنت عظامه في مدينة الخليل، وأقيم مقامه بجانب كنيسة بئر يعقوب.