تستبعد تقديرات إسرائيلية أن يسود الهدوء في قطاع غزة حتى موعد الانتخابات العامة للكنيست، في التاسع من نيسان/أبريل المقبل. لكن بسحب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، اليوم الأحد، فإن الاتفاق حول دخول المنحة المالية القطرية إلى قطاع غزة، في نهاية الأسبوع الماضي، يمكن أن تحقق هدوءا نسبيا محدودا، "وقد تقلص التزام حماس بمنع العنف لفترة طويلة".
وأشار هرئيل إلى تأخير تحويل المنحة القطرية، التي كان يفترض أن يتم في الأسبوع الثاني من الشهر الحالي. "في البداية تهربت إسرائيل ولم تعترف بصورة رسمية أنها تؤخر دخول المال، ثم سوّغت التأخير بالعنف المتصاعد في الأسابيع الأخيرة. وعمليا، كان لهذه الخطوة سبب آخر، وهو أن نشر الصور أثار انتقادات عامة، ورئيس الحكومة (بنيامين نتيناهو) هوجم من قبل منافسيه في اليمين على ما وُصف باستسلام للعدو".
وفي المقابل، وفقا لهرئيل، فإن أذرع الأمن الإسرائيلية أوصت أمام المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) بالمصادقة على تحويل المال "لأن حماس بذلت جهدا من أجل لجم العنف في المظاهرات" الأسبوعية عند السياج الأمني المحيط بالقطاع. كذلك تعرضت حماس لانتقادات في هذا الخصوص.
وبعد أن صادق الكابينيت على تحويل المال، يوم الأربعاء الماضي، أرجأ نتنياهو الإعلان عن ذلك إلى مساء اليوم التالي، لكن حماس أعلنت من جانبها أنها ترفض استقبال المنحة القطرية. وأدى هذا الوضع إلى اتصالات بين الجانبين، بوساطة قطر والأمم المتحدة، أسفرت عن وضع معادلة جديدة، بحسب هرئيل.
وتقضي هذه المعادلة الجديدة بتحويل المال بواسطة الأمم المتحدة إلى مشاريع بنى تحتية بمراقبة دولية. ويتم تحويل المال إلى عاملين في هذه المشاريع. وسيستمر توزيع المال على العائلات المحتاجة "ولكن ليس لموظفي حماس". ورأى هرئيل أن "هذا حل مريح لإسرائيل وحماس، لأنه يُبعد الحرج الذي تسببت به صور نقل المال بحقائب ولموظفي الحركة الذين حضروا إلى البنوك لسحب المال".
وأضاف هرئيل أن بإمكان حماس أن يرى بهذا الحل إنجازا، لأن أية مساعدة لغزة تمر منذ الآن عبر قنوات رسمية ومتفق عليها، وليس كحل مصطنع ودعم قطري للمحتاجين. "بالنسبة لحماس، هذه مرحلة أخرى لاعتراف دولي فعلي تحصل عليه الحركة. وليس مستغربا أن الإحباط في السلطة الفلسطينية يتصاعد على ضوء هذا الاتفاق".
وأضاف هرئيل أنه ثمة إشكالية في هذا الاتفاق بالنسبة لإسرائيل. "لأن الأمم المتحدة باتت ضالعة الآن في هذه الخطوة، سيكون صعبا على نتنياهو إيقاف تحويل المال عند يريد ذلك. ولأن حماس لا تحصل على المال مباشرة لصالح موظفيها، فمن الجائز أن التزامها بالاتفاق سيتراجع، وستتراجع مصلحته بالحفاظ على الهدوء أيضا. وبما أن تحويل المال أصبح ضمن مسؤولية الأمم المتحدة، فإن هذا الأمر قد يستوجب الاستعانة بأونروا في القطاع، ويحدث هذا فيما تعمل إسرائيل والولايات المتحدة على تقليص نشاطها".
ولفت هرئيل إلى وجود أسباب أخرى لتصعيد أمني محتمل، وأبرزها الاعتداءات الإسرائيلية على الأسرى، وخاصة القمع الحاصل في سجن "عوفر". واستمرار هذا الوضع في السجون يؤثر على ارتفاع مستوى التوتر في قطاع غزة والضفة الغربية، حيث تصاعد التوتر الأمني فعلا في الأيام الأخيرة وسقط شهيدان بنيران جيش الاحتلال والمستوطنين.