الرئيسية / الأخبار / فلسطين
حِصن و"عطر" وزيتون..
تاريخ النشر: الخميس 31/01/2019 06:04
حِصن و"عطر" وزيتون..
حِصن و"عطر" وزيتون..

طوباس: أخذت العشرينية آلاء بشارات تغرس زيتونة في قمة جبل "عيّوش"، واستذكرت ابن عمها الشهيد محمد، الذي صار يحمل اسم الشجرة، في حديقة اختار التجمع الوطني لأسر الشهداء وفعاليات المحافظة إطلاق حديقة الحرية على قمتها.

وسردت بشارات خلال الحلقة (47) لسلسلة (كواكب لا تغيب)، التي تنظمها وزارة الإعلام في محافظة طوباس والأغوار الشمالية منذ 6 سنوات: هناك علاقة روحية بين الشهداء والتراب والزيتون، فالأشجار تغرس في التراب، ويسكن الشهداء أحشاء الأرض، وتكبر الزيتون المُعّمرة ويُحلّق الشهداء عاليًا. وقالت: كل غصن هو تذكار للأكرم منا، وهو أقل الواجب لأجل أرواحهم.

ووقف السبعيني محمود بشارات على تلة تعلو الأغوار وتكشف جبال نابلس والأردن، واسترد حكاية ابنه عماد، الذي ارتقى في آذار 1992، خلال برصاص المستعربين في مخيم عسكر القديم. وقال بصوت حزين: غرس عماد زيتونة في ساحة بيتنا، تذكرنا به كل ساعة، وتوزع والدته زيتها عن روحه، واليوم نغرس في بطن الجبل شجرة أخرى له.

وكان محافظ طوباس اللواء يونس العاصي يغرس فسيلة، ويتحدث عن عظمة الأرض الكنعانية، التي استطاعت الإطاحة بزيف الاحتلال.

وقال: نزرع سفوح الجبال بأشجارنا المعمرة، ونواجه مساعي الاحتلال لسرقة سفح جبل "تل كبيش"، والمناطق المحيطة، ونستذكر الشهداء الذين قدموا دمهم فداءً للأرض.

وأضاف العاص: أثمر الشهداء حرية، وستثمر هذه الغراس زيتونًا مباركًا، وسنصمد فوق أرضنا، ونُعمر جبالنا.

وأفاد أمين سر تجمع الوطني لأسر الشهداء، نهاد بشارات، أن أهالي الشهداء وفعاليات المحافظة دشنوا اليوم "حديقة الشهداء"، وزرعوا 220 شجرة في أعلى نقطة بالمنطقة.

وتابع: لكل شهيد شجرة، ونُكرّم اليوم 220 رمزًا من المُضحين لأجلنا، ارتقوا في محافظنا منذ الاحتلال، 80 منهم في طمون وحدها، أولهم أحمد أبو جلدة، الذي أعدمه الاحتلال البريطاني قبل النكبة، وآخرهم الشاب محمد بشارات.

وقال بشارات: تمتد الحديقة على أكثر من 6 دونمات، وتتلون اليوم بشقائق النعمان الحمراء، وستكون وصية على سيرة الشهداء.

وغرس الثمانيني محمود أبو لبادة شجرة باسمه زوجته صبحية، التي ارتقت في نيسان 2004. وقال: كانت رفيقة دربي تزرع النعناع والبقدونس والريحان على سطح منزلنا بمخيم الفارعة، واليوم نخلد اسمها بشجرة. ومثله فعل معتصم بشارات، الذي فقد ابنه عام 2014، وعبّر عن حزنه برحيله بشجرة تشرف على مسارب عبور الفدائيين من الأردن.

فيما استذكر معتز سوالمة حكاية شقيقه توفيق، الذي أوقف رصاص الاحتلال قلبه عن العزف عام 1985. وباح: كان أخي أسمر البشرة، وأحب الرياضة وبناء الأجسام، ودرس في معهد قلنديا، واليوم حفظناه ذكراه بشجرة، سنحرص على ريها.

ووقف كمال أبو عرة، نائب أمين سر "تجمع الشهداء" قرب شجرتين خلدتا ذكرى شهيديه: فادي وأيسر. وقال: كانا يغرسان الأزهار والأشجار في حقولنا، واستشهد الأول خلال اجتياح مخيم جنين 2002، وارتقى الثاني في رام الله عام 2006.

وأضاف: بالتأكيد الأشجار ستكون وفية لأصحابها، ولن تغيب الأسماء والصور والذكريات عنا، فهي تسكننا.

وحمل رئيس بلدية طمون بشار بني عودة معولًا، وراح يخفي جذور زيتونة تخلد ذكرى أخيه علاء الدين، الذي اختطفه رصاص الاحتلال في شباط 1993.

واسترد: كان أخي يحب الزيتون، ويربى الأرانب والدواجن، ويعمل في حديقة المنزل، لكنه رحل قبل الأوان.

وقال بشارات: نقيم اليوم حديقة الحرية، ونؤكد أن جبل "عيوش" فلسطيني كنعاني، وهو يصون سيرة الشهداء، ويفند مزاعم الاحتلال بوجود "مقامات يهودية"، فهذا أرتنا منذ الناصر صلاح الدين.

وأمسك أحمد مساعيد فسيلتين، وبحث عن مكان مناسب ليطلق عليهما أسمي أخويه كمال وأمجد، اللذين ارتقيا في جنين وطوباس. وقال: كل هذه الأشجار ستُذكرنا بقائمة الشهداء، وستحرص على ريها، وستكبر وسيشعل زيتها طريق حريتنا.

وذكر أمين سر "فتح" في طمون محمد بني عودة بأن موقع "حديقة الشهداء" في أعلى الجبل، يثبت أن لا شيء يعلو تضحيات الشهداء.

وأشار المفوض السياسي والوطني العقيد محمد العابد بأن ثلاثية الأرض، والشهداء، والزيتون تكوّن وصفة وفاء واعتزاز وفخار، وهي رسالة وطنية وسياسية وبلاغية تثبت أن شعبنا لن يقز عن عناوين نضاله، كما تفيض بالدلالات.

وتابع: تحرص هيئة التوجيه السياسي والوطني على بث الثقافة الوطنية، وغرسنا شجرة للشهيد والمفكر والمناضل صلاح خلف، الذي خلدنا ذكراه السنوية قبل أيام، وسمعنا سير عناوين كرامتنا المنحوتة من المجد. كما أحيينا باعث الثقافة الوطنية وسادنها، محمود درويش.

وبيّن ممثل جبهة التحرير العربية، محمود العدم: هنا تاريخ وجغرافيا ومقامات دينية تحاول إسرائيل السطو عليها، ولدينا مسار بيئي محاط بتنوع حيوي كبير، وستكون غراس الزيتون أبرز تعبير عن ارتباطنا بأرضنا وبشهداء حريتنا.

وذكر عضو مجلس بلدي طمون عبد اللطيف بشارات أن "رأس عيوش" يرتفع 583 مترًا عن البحر، ويمتد على 1350 دونمًا، ويستضيف مقامًا دينيًا أسسه صلاح الدين الأيوبي، ويقابله مقام بلال في جبال نابلس، وهو استراحة للطيور المهاجرة القادمة من أوروبا وأفريقيا، ويشرف على قلعة عجلون الشهيرة، ويحرس الأغوار، ويطل على بلدات نابلس. وتابع: مكان "حديقة الشهداء" يليق بتضحياتهم، فقاماتهم عالية وسيرتهم عطرة.

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017