لم تكن شعبية الجنرال السابق في الجيش الإسرائيلي بيني غانتس قد اتضحت بعد، حينما أيّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تبكير الانتخابات العامة الى التاسع من شهر إبريل / نيسان المقبل.
ولكن، وبعد أسابيع قليلة، تحوّل هذا القرار إلى أحد أسوأ كوابيس نتنياهو، الذي استند إلى المعطيات السياسية آنذاك، التي أوضحت عدم وجود منافس له، على موقع رئاسة الوزراء.
فبعد أسابيع قليلة فقط، من تكهن استطلاعات الرأي العام في إسرائيل، بحصوله على 13 مقعدا في الكنيست القادم، فإن استطلاعا آخير أشار لحصول غانتس، الرئيس السابق لأركان الجيش الإسرائيلي، على 22 مقعدا في حال جرت الانتخابات اليوم.
ويتفوق غانتس، الذي يدخل المعترك السياسي للمرة الأولى، بذلك على أحزاب إسرائيلية كبيرة، مثل "العمل" برئاسة آفي غاباي، و"هناك مستقبل" برئاسة وزير المالية الأسبق يائير لبيد.
واستنادا إلى استطلاع نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، مساء الأربعاء، فيحصل حزب "الليكود" برئاسة نتنياهو على 32 مقعدا، بمقابل 22 مقعدا يحصل عليها حزب غانتس.
وما لم يحصل تغيير على هذه النتائج، فإن نتنياهو سيشكل الحكومة الإسرائيلية المقبلة، شريطة حصوله على ثقة 61 عضوا في الكنيست الإسرائيلي المؤلف من 120 مقعدا.
ولكن التغيير يبدو محتملا.
فيشير الاستطلاع، إلى أنه في حال خوض غانتس الانتخابات في تحالف مع لبيد، فإن تحالفهما سيحصل على 35 مقعدا، وهو ما سيعني عمليا تكليفه بتشكيل الحكومة القادمة.
ولكن لبيد، يرفض تحالفا مع أي حزب آخر، لا يكون هو قائده، ما يجعل تحالفه مع غانتس غير مؤكد.
كما أن نظرة إلى نتائج الاستطلاع، تشير إلى أن نتنياهو ما زال مؤهلا لتشكيل الحكومة المقبلة.
فالأحزاب اليمينية الإسرائيلية ما زالت تفرض هيمنتها على استطلاعات الرأي العام في إسرائيل.
فحزب "اليمين الجديد"، يحصل على 7 مقاعد، و"يهودوت هتوراه" يحصل على 6 مقاعد، و"شاس" على 5 مقاعد، ومثلها لحزب "البيت اليهودي"، وأيضا لحزب "إسرائيل بيتنا"، فضلا عن 4 مقاعد لحزب "كلنا" برئاسة وزير المالية موشيه كحلون.
وبقيادته لائتلاف يقود هذه الأحزاب سويا، فإنه يمكن لحزب "الليكود" ان يشكّل حكومة تحظى بثقة 64 عضوا في الكنيست.
وبالمقابل، فإن الحلفاء المتوقعين لائتلاف يقوده "مناعة لإسرائيل"، هم حزب "هناك مستقبل" الذي يحصل على 11 مقعدا و"العمل" الذي يحصل على 6 مقاعد وربما أحزاب " كلنا" الذي يحصل على 4 مقاعد و"إسرائيل بيتنا" الذي يحصل على 5 مقاعد.
وبذلك، فإن ائتلاف يقوده "مناعة لإسرائيل"، بالشراكة مع هذه الأحزاب سيكون بإمكانه ضمان 48 مقعدا فقط.
ولكن الاحتمالات ما زالت مفتوحة على مصراعيها، سيما في ضوء نية المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية أفيخاي ماندلبليت، نشر توصياته هذا الشهر، حول الاتهامات الموجهة إلى نتنياهو، بالفساد.
وفي محاولة لصد تقدم غانتس، فإن اليمين الإسرائيلي هاجم أقواله، بأنه لا يستبعد الانفصال عن الفلسطينيين في الضفة الغربية على غرار ما جرى في قطاع غزة.
وكان غانتس قد قال أمس لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، إنه "لا ينبغي على إسرائيل أن تحكم شعب آخر (..) نحن بحاجة إلى إيجاد طريقة لا نتحكم فيها بأشخاص آخرين".
وعمّا إذا كان بذلك يعني تأييده انسحابا من الضفة الغربية، مشابها لما حدث في قطاع غزة، قال غانتس:" كان فك الارتباط (الانسحاب من غزة عام 2005) خطوة دبلوماسية قامت بها دولة إسرائيل، وسجّلت جميع الأطراف المعنية نقطة عالية في قدرتها على عدم تمزيق الشعب عندما نُفذت".
وسارع نتنياهو، إلى التعقيب على تصريحات غانتس قائلا:" (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن راضٍ، لأن بيني غانتس قال إنه سينفذ فك ارتباط ثان في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وأبو مازن تمنى له النجاح في الانتخابات، ولهذا فإننا ملزمون بالسير معا، للانتصار في هذه الانتخابات ولمنع هذا، هذه هي الخلاصة الحقيقية للانتخابات: حكومة يسار برئاسة بيني غانتس أو حكومة ليكود برئاستي".
ورد عليه غانتس في تغريدة على حسابه في "تويتر"، قد يُفهم منها تراجعه عن تصريحاته السابقة، حيث قال:" في حكومة غانتس، لن تكون هناك أعمال أحادية الجانب تتعلق بإخلاء مستوطنات".
كما نشر حزبه "مناعة لإسرائيل" صورة للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مع نتنياهو عام 1996 وكتب عليها:" نتنياهو لقد طردت اليهود، ودفعت الأموال لحركة حماس، لقد مر وقتك أما نحن فإننا مستمرون".
وفي هذا الصدد، انتقدت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في افتتاحيتها، اليوم الخميس، تغريدة "غانتس" التي رد فيها على نتنياهو، وقالت إنه "أدخل في خطابه كلمة السلام، سار خطوة أخرى وعبّر عن مواقف شجاعة نسبيا، وكفيلة بإنقاذ إسرائيل من الطريق المسدود السياسي والأخلاقي الذي علقت فيه، غير أنه لم تنقضِ بضع ساعات، وإذا بغانتس يُصاب بالذعر"، في إشارة الى رده على أقوال نتنياهو.
وتابعت الصحيفة:" كي يطرح غانتس بديلا لنتنياهو، عليه أن يُبدي عمودا فقريا قِيَميا: حكم أناس آخرين هو بالفعل غير شرعي؛ استخلاص الدروس من فك الارتباط، كجزء من خطة إخلاء مستوطنات في الضفة هو ضروري".
المصدر الأناضول