د. خالد معالي
قد يظن البعض ان الكتابة عن أثر وانعكاسات اقامة كلية طب هي الاولى في جامعة مستوطنة"اريئيل" والجامعة الوحيدة في مستوطنات الضفة الغربية، والتي تقع شمال سلفيت؛ هو امر محرج وصعب وفيه اشكالية كبيرة، كون الحديث يدور عن علم ومهنة انسانية سامية لا احد يرفضها سوى حاقد او مجنون.
لا احد في العالم لا يحب الطب - المهنة الانسانية النبيلة كونها من اسمى المهن الانسانية، لكن ان تستغل هذه المهنة بشكل غير معقول ومقبول، وتقام كلية للطب فوق اراضي تابعة لمزارعين بسطاء وفقراء من قرى وبلدات سلفيت وسط الضفة الغربية وفي قلبها، هنا يقع الاشكال، كون الخير لا يمكن ان يبني نفسه على الشر.
إقامة كلية الطب هو محاولة لتضليل الرأي العام والمجتمع الدولي حول حقيقة الاستيطان باستغلال المعاني الإنسانية ومهن الطب السامية والنبيلة لقهر وسلب شعب وطرده من أرضه ، حيث أن الأراضي التي ستقام عليها كلية الطب الجديدة تقع شمال سلفيت فوق أراضي زراعية ورعوية صودرت بالقوة .
مصادقة مجلس التعليم العالي في دولة الاحتلال مساء يوم الاربعاء 14\2\2019 على اقامة كلية طب في مستوطنة "اريئيل" شمال سلفيت وسط الضفة الغربية بشكل نهائي، عزز مخاوف مخاوف الساسة الفلسطينيين وفاقمها، لان هذا معناه ان الاحتلال ماض في سياسة الاستيطان والتوسع على حساب الاراضي الفلسيطينة والحقو المشروعة للفلسطينيني باقمة دولة مستقلة فوق الاراضي التي احتلت عام 1967.
تزداد حمى الاستيطان مع اقتراب موعد الانتخابات "الاسرائيلية"، حيث صرح وزير التعليم في دولة الاحتلال، "نفتالي بينيت"، بان المصادقة النهائية على القرار"انتصارًا كبيرًا لمجال الطب في "إسرائيل"، وانه من أهم إنجازاته.
إقامة الكلية ليس الهدف منه أنساني بقدر ما هو تثبيت وفرض وقائع الاستيطان على الأرض بالقوة وفرض الامر الواقع، فتجمع مستوطنة "اريئيل" تقول سلطات الاحتلال عنه انه سيضم لكيانها ولا انسحاب منه في المفاوضات النهائية المستقبلية والمفترضة، وكأنه لا يوجد في هذا العالم سوى منطق القوة والقوة فقط دون حقوق وعدل وحرية.
على المؤسسات الدولية فضح أهداف ومرامي الاحتلال الماكرة ؛ وذلك بعدم الاعتراف بجماعة مستوطنة"اريئيل" ولا بكلياتها، ومن ضمنها كلية الطب وكلية التراث لاحقا ؛ كونها أقيمت فوق أراضي هي بحسب القانون الدولي الانساني واتفاقية جنيف الرابعة اراضي محتلة يمنع إقامة منشآت تتبع الدولة المحتلة فوقها.
سلطات الاحتلال أغرقت محافظة سلفيت بالمستوطنين تحت ستار التعليم والمهن الإنسانية النبيلة في محاولة لتضليل وخداع المجتمع الدولي، وذلك على حساب المزارعين الفقراء والبسطاء الذين فقدوا مصدر دخلهم من الأراضي المصادرة بالقوة؛ لصالح التوسع الاستيطاني الذي يشهد تسارعا كبيرا مع اقتراب انتخابات الكنيست في الكيان والغى اقامة دولة فلسطينية على الاراضي املحتلة عام 67 لاستحالة اقامتها مع مواصلة الاستيطان.
يستطيع الاحتلال ان فعل ما يشاء في الضفة الغربية، وان يضلل المجتمع الدولي، بما يملك من قوة قاهرة وظالمة، لكنه لن يستطيع ان يعاند سنن الكون وقوانينه، فمن يحارب الله حتما سيخسر، والموضوع هو مجرد مسالة وقت حتى ينتهي الاحتلال، فهل اتعظ "نتنياهو" من دروس التاريخ وأوقف ظلمه للشعب الفلسطيني واوقف الاستيطان وانسحب من الضفة، الجواب طبعا: لا، لان الطغاة عبر التاريخ كانوا لا يحكمون عقولهم ولا يتعظون و"نتنياهو" واحد منهم.