المعركة الانتخابية المركزية الدائرة حاليا هي داخل معسكر اليمين الإسرائيلي، بين حزبي الليكود و"اليمين الجديد"، والهدف هو الحصول على أكبر عدد ممكن من أصوات ناخبي اليمين. وهذه ليست معركة جديدة، لكنها تصاعدت أمس، الأحد، بعد إطلاق رئيس "اليمين الجديد"، الوزير نفتالي بينيت، تصريحات بأن زعيم الليكود ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، "سيقسم القدس، ويقيم دولة فلسطينية في 90% من المنطقة" أي الضفة الغربية. وهذا التصريح هو ليس أقل من اتهام، وربما تخوين أيضا، بمفاهيم اليمين الإسرائيلي.
وأشار موقع "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني اليوم، الإثنين، إلى خلفية تصاعد المعركة الانتخابية داخل معسكر اليمين. "هناك حالة تأهب بالغة في المؤسسة السياسية عشية إعلان المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، بشأن تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو". ووفقا لمصادر سياسية، فإنه إذا جرى تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو في أعقاب استجواب معه، فإنه ستنشأ مجموعة "خائبي أمل في الليكود"، الذين سيبحثون عن "بيت جديد" في اليمين، وأقوال قادة "اليمين الجديد"، أي بينيت وأييليت شاكيد خصوصا، موجهة إلى هذه المجموعة تحديدا.
وبحسب "يديعوت"، فإن "أداء بينيت وشاكيد اليوم متأثر بقدر كبير من دروس انتخابات العام 2015، عندها أدار نتنياهو حملة من أجل زيادة قوته على حسابهما. وهما يتجهان هذه المرة إلى صراع على الجمهور اليميني، وجها لوجه مقابل نتنياهو".
وبدأ بينيت مهاجمة نتنياهو، لدى دخوله إلى اجتماع الحكومة الأسبوعي، أمس. وقال إن يعلم بأن نتنياهو والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اتفقا على استجابة إسرائيلية لخطة السلام الأميركية، "صفقة القرن". وأضاف أن هذه الخطة تشمل "تقسيم القدس وإقامة دولة فلسطينية في 90% من المنطقة".
ورد نتنياهو على ذلك قائلا إن بينيت متوتر ومرتبك بسبب الانتخابات، وأنه لا أساس لأقواله، وأن حزبه هو واحد من مجموعة أحزاب صغيرة. ويشار إلى أنه في أعقاب الإعلان عن تأسيس حزب "اليمين الجديد"، أظهرت الاستطلاعات أن قواته قد تصل إلى أكثر من عشرة مقاعد في الكنيست، لكن آخر الاستطلاعات منحت هذا الحزب ما بين 6 – 7 مقاعد.
وفي سياق حملة "اليمين الجديد" الانتخابية، أصدر مقاطع فيديو يظهر فيها بينيت يقرع باب بيت أحد ناخبي الليكود ويقنعه بأن "اليمين الجديد" هو اليمين الحقيقي. ولفتت "يديعوت" إلى أن هذه المرة الأولى التي يتوجه فيها بينيت وشاكيد علنا إلى ناخبي الليكود ويحاولون دفعهم إلى نقل أصواتهم إلى حزبهما. كذلك يقول قائدا "اليمين الجديد" في مقابلات صحفية إنه بدون ضم حزبهما إلى الحكومة المقبلة، فإن نتنياهو سيرضخ لضغوط حزبية وسياسية.
من جانبه، نتنياهو لا يوفر أي وسيلة من أجل إضعاف "اليمين الجديد" بهدف الحصول على أكبر عدد ممكن من الأصوات داخل معسكر اليمين. ورغم أن بينيت وشاكيد يعتبران شركاء طبيعيين لنتنياهو في أي حكومة قد يشكلها، إلا أن العلاقات بين الجانبين متعكرة جدا.
ونقلت "يديعوت" عن قياديين في الليكود قولهم إنه المعركة الرئيسية بالنسبة للحزب هي ضد كتلة "أزرق أبيض" برئاسة بيني غانتس ويائير لبيد، وأن المعركة الثانية، هي إضعاف بينيت وشاكيد كي لا تكون قوتهما كبيرة أثناء المفاوضات الائتلافية. وأشار قسم من القياديين في الليكود إلى أن الجهود الحثيثة التي بذلها نتنياهو من أجل توحيد حزب "البيت اليهودي" مع الحزب الفاشي "قوة يهودية"، لم تكن بهدف منع خسارة أصوات لمعسكر اليمين فقط، وإنما أيضا من أجل عزل بينيت وشاكيد عن حلفائهما السابقين في "البيت اليهودي" ومنع وضع توحد فيه أحزاب اليمين قوتهم أثناء المفاوضات الائتلافية، على غرار "حلف الأخوة" بين بينيت ولبيد، بعد انتخابات العام 2013، وفرضا على نتنياهو حينها عدم ضم الأحزاب الحريدية إلى حكومته.
ويبدو أن اتحاد حزبي "البيت اليهودي" وقوة يهودية" ينسق حملته الانتخابية مع نتنياهو ولمصلحته. وقالت "يديعوت" إن هذه الكتلة بصدد القيام بحملة ضد بينيت وشاكيد في محاولة لإبعاد مصوتين عن "اليمين الجديد". وستركز هذه الحملة على انشقاقهما عن "البيت اليهودي"، بهدف "جذب أصوات اليمين العميق إليهم ودفع أصوات اليمين التقليدي إلى الليكود"، وبحيث يبقى بينيت وشاكيد في عزلة.
وبتصريحاته أمس، قال بينيت إن نتنياهو يعتزم تبني "صفقة القرن" وأن الإدارة الأميركية ستطرح هذه الخطة غداة انتخابات الكنيست، التي ستجري في التاسع من نيسان/أبريل المقبل، أو بعدها بأيام قليلة. ويقدر بينيت أن طرح تفاصيل الخطة سيتم قبل تشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة، كي يتم إرساء بنودها في الخطوط العريضة للحكومة المقبلة.
وخلصت "يديعوت" إلى أن "مصيدة نتنياهو كبيرة: بعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس، قال ترامب إن إسرائيل ستطالب بتنفيذ تنازلات مقابل اللفتة التاريخية. والمقربون من نتنياهو يأملون أن الرفض الفلسطيني للخطة سينزلها عن الطاولة، لكن ليس مؤكد أن هذا ما سيحدث".