الرئيسية / الأخبار / عناوين محلية
الشيخ عادل إدريس إمام المسجد الإبراهيمي: أكثر ما أثارني يوم المذبحة رؤيتي لأدمغة الأطفال والدماء التي تناثرت في كل مكان من حولي
تاريخ النشر: الأثنين 25/02/2019 14:14
الشيخ عادل إدريس إمام المسجد الإبراهيمي:  أكثر ما أثارني يوم المذبحة رؤيتي لأدمغة الأطفال والدماء التي تناثرت في كل مكان من حولي
الشيخ عادل إدريس إمام المسجد الإبراهيمي: أكثر ما أثارني يوم المذبحة رؤيتي لأدمغة الأطفال والدماء التي تناثرت في كل مكان من حولي

الخليل:

في فجر يوم الجمعة الخامس عشر من رمضان 1415هجري، الخامس والعشرين من شهر شباط عام 1994م اقتحم مستوطن يهودي حاقد من مستوطنة كريات أربع شرقي الخليل وهو ضابط في الجيش الصهيوني يدعى (باروخ غولدشتاين ) المسجد الإبراهيمي الشريف في الخليل، بينما كان المصلون المسلمون يصلون صلاة الفجر في ركعتهم الأولى، ليفتح نيران رشاشه الأوتوماتيكي على المصلين الساجدين فقتل نحو 29 شهيدا مصليا وأصاب نحو 200 آخرين.

إمام تلك الصلاة في ذلك الفجر الشيخ عادل فلاح إدريس الذي استشهد شقيقه وزوج أخته ومؤذن المسجد بين يديه.

عن تلك الصلاة التاريخية وتفاصيل تلك المذبحة وتدافع الشهداء كان هذا اللقاء مع إمام تلك الصلاة الشيخ عادل إدريس.

س) كيف بدأت مذبحة المسجد الإبراهيمي وهل من مقدمات؟

ج) قبل المجزرة بأيام بدأ المستوطنون بأعمال استفزاز ضد المصلين المسلمين وخاصة قبل المجزرة بليلة، حيث كانت صلاة التراويح في رمضان وأذهلهم أعداد المسلمين وكان عندهم أعياد (عيد المساخر) ولم يتمكنوا من أخذ راحتهم في احتفالاتهم الصاخبة، فبدأوا من الليل التحرش بالمصلين وتهديدهم علناً وقد قيل لعدد من الحراس داخل المسجد الإبراهيمي، غداً سنريكم ماذا ستفعل بكم!! ولم يعر المصلون المسلمون هذه التهديدات اهتماماً وفي صباح المذبحة كنت مكلفاً من دائرة الأوقاف بإمامة صلاة الفجر في الحرم، دخلت المسجد أنا وشقيقي المهندس سليم الذي استشهد وزوج أختي الذي استشهد ايضاً. عند دخولي الحرم وجدت بعض التغييرات حيث منعوا النساء من الصلاة في ساحة الإسحاقية ونقلوهم إلى مسجد الجاولية داخل الحرم وشاهد أيضا أنه لا يوجد حراسات مشددة من الجنود على الأبواب، الساعة الخامسة فجراً أقيمت الصلاة ووقفت في المحراب وبدأت الصلاة وقرأت من سورة السجدة، وركعنا سجدة السجود وما أن وضعت رأسي على السجادة ومن خلفي مئات المصلين حتى انهمر الرصاص فوق رؤوسنا، وعلا صوت التكبير والمؤذن خلفي يقول لي خذ الأرض حتى لا يصيبك الرصاص، امتلأ جو المكان بالتكبير والصراخ وسادت حالة من الإرباك رؤوس ووجوه تسيل دما، اندفع المصلون المصابون إلى باب المسجد فوجدوه مغلقاً، ثم عادوا إلى داخل المسجد فووجهوا بالرصاص من أسلحة اوتوماتيكية، فقد أصبحت ساحة المسجد الداخلية والمحراب بركة من الدماء.

س) هل أصبت انت كإمام بالرصاص؟

ج) انا لم أصب قمت بمساعدة أخي المهندس سليم المصاب، إلا أنه استشهد بين يدي، كما حاولت مساعدة زوج شقيقتي وعلاجه إلا أنه استشهد على صدري، وحاولت إنقاذ حياة المؤذن الذي كان الدم يتدفق كالشلال من جمجمته إلا أنه استشهد أمامي! استشهدوا جميعاً ولم تكتب لي الشهادة وقد كنت أتمناها.

س) ما هو أكثر مشهد أفزعك خلال المجزرة ولا تكاد تنساه؟

ج) المشهد كان مروعاً ولا يمكن وصفه ولا بأي شكل، لكن أكثر ما أثارني مشهد لعدد من الأطفال الصغار الذي لم تتجاوز أعمارهم العاشرة والثانية والثالثة عشرة وقد لبسوا (الدشاديش) الصغيرة والجميلة، أفجعني وأنا أشاهد بأم عيني أدمغتهم وهي تتناثر على ملابسهم وعلى السجاد وعلى عباءتي، دماؤهم انتثرت وتدفقت كالشلال في كل مكان، أطفال في عمر الورود يخطفهم الرصاص الحاقد الغادر فيغيب حياتهم، هذا مشهد لن أستطيع أن أنساه بتاتاً طوال حياتي.

س) كيف توقفت المجزرة وسكت الرصاص؟

ج) كان المجرم المستوطن باروخ غولدشتاين يقف بلباسه العسكري متمسمرا بالقرب من بوابة المصلى الإبراهيمي، فانقض عليه شاب فتي اسمه نمر مجاهد وقد كان يحمل بين يديه أسطوانة لإطفاء الحرائق فهوى بها على رأس غولدشتاين الجزار القائل فأجهز عليه، ومن ثم قتل واستشهد برصاص جنود الاحتلال والمستوطنين المتواجدين في المكان، عندما توقف إطلاق الرصاص وبدأت سيارات الاسعاف وسيارات المواطنين بنقل الشهداء والجرحى، وكانت حصيلة المجزرة 29 شهيدا ونحو 200 جريحاً داخل الحرم، ووصل عدد الشهداء في نفس اليوم على إثر المجزرة نحو 45 شهيدا و350 جريحا.

س) هل كان القاتل واحدا أم أكثر؟

ج) التحقيقات أثبتت أن المشارك الرئيس في المجزرة باروخ غولدشتاين وكان معه آخرين وشارك الجيش في عملية القتل، فقد كشف أطباء مدينة الحسين الطبية في عمان وجود رصاص متنوع في أجساد الجرحى ومن مقاسات عدة وهذا يعني ان أكثر من سلاح شارك في المجزرة، كذلك ألقيت قنابل في ساحة المجزرة أدت إلى تقطيع أشلاء البعض، لهذا كانت المجزرة إرهاب دولة إضافة إلى إرهاب مستوطنين، فهي مخططة ومبرمجة من قبل حكومة الاحتلال وما المستوطنون إلا أداة.

س) ألم تخش على نفسك وروحك للصلاة في المسجد الإبراهيمي من جديد؟

ج) لقد أغلقت سلطات الاحتلال المسجد الإبراهيمي بعد المجزرة ستة أشهر، وعندما تم افتتاحه للصلاة، عدت وكنت أنا أول إمام يصلي بالمسلمين جماعة في المسجد.

س) كيف كان شعورك في هذه الصلاة؟

ج) ذرفت الدموع الساخنة، تذكرت أخي سليم الذي استشهد بين يدي، تذكرت زوج أختي، تذكرت المؤذن الشهيد والأطفال الشهداء، استعدت الذاكرة وأنا أرى الشهيد تلو الشهيد يحملون على الأكتاف ودماؤهم تسيل على السجاد، تفطّر قلبي ألماً على حال أمتنا كيف لا نصير لها ولشعب أعزل يذبح كالخراف.

س) ما هي الآثار التي نتجت عن المذبحة بخصوص المسجد الإبراهيمي؟

ج) لقد أجرم اليهود الصهاينة في حق المسلمين وعوقبوا رغم دمائهم وجراحهم، فقد أغلق اليهود المسجد ستة أشهر، وقسّموه مكانياً وزمانياً، وحوّلوا جزءاً كبيراً منه إلى كنيس يهودي، كما حوّلوا جميع ساحاته إلى ثكنة عسكرية وبوابات إلكترونية فلا يستطيع المسلم أن يدخل إلى المسجد ليصلي إلا عبر البوابات الإلكترونية والتفتيش العسكري، كما أغلقوا غالبية أسواق المدينة بعد المجزرة، أغلق منها إغلاقا كاملا نحو 400 دكان إضافة إلى إغلاق كامل لسوق الخضار المركزي (الحسبة) وإغلاق كامل لشارع الشهداء ومحطة الباصات المركزية.

في الختام الجلاد هو الذي فرض سياساته ونفوذه وهيمنته على حساب الضحية وهو الشعب الفلسطيني. 

الحرية نيوز

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017