انفلت اليمين الإسرائيلي ضد المحكمة العليا في أعقاب قرار شطب المرشح في اتحاد أحزاب اليمين المتطرف، ميخائيل بن آري، لانتخابات الكنيست، بسبب تصريحاته العنصرية ضد المواطنين العرب في البلاد ودعواته الترانسفيرية. لكن المحكمة صادقت على ترشح زميله إيتمار بن غفير، الذي يحمل أفكارا مشابهة لبن آري. وسبب آخر لهذا الانفلات العنصري هو رد المحكمة استئنافات على قرار لجنة الانتخابات المركزية بشطب قائمة تحالف الموحدة والتجمع وعوفر كسيف من قائمة الجبهة والعربية والتغيير. وصدرت صحف إسرائيلية، بينها "يديعوت أحرونوت"، اليوم الإثنين، بعنوان يستهجن قرار المحكمة: "المحكمة العليا قررت: بن آري شُطب، مصادقة على التجمع".
ونشرت "يديعوت أحرونوت"، التي تعتبر الصحيفة الأكبر في إسرائيل، تحليلان حول الموضوع، كتبهما إثنان من صحافييها المعروفين بمواقفهم اليمينية. واعتبر بن درور يميني، أنه "لا نقاش حول شطب بن آري. لكن ليس واضحا أبدا لماذا صادقت المحكمة العليا على مرشح مثل عوفر كسيف وحزب مثل التجمع، الذين ينفون بصورة واضحة للغاية حق وجود إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية".
وزعم شلومو بيوتركوفسكي في تحليل آخر، أن "المحكمة العليا حتى الأمس، والمحكمة العليا من الأمس وصاعدا ليست المحكمة نفسها. لقد فُتح تصدع عميق جدا في القاعدة التي بنيت عليها الثقة بها".
وعقب بن آري على قرار المحكمة بشطبه، بأن "هم (قضاة المحكمة) يسعون إلى قمع صرخة المذبوحين. اليوم وقعت مذبحة باليهود (عملية سلفيت أمس)، يبحثون عن منفذ العملية الوحيد. وهم يتهمونني بالعنصرية لأنني أقول أنه يوجد غلاف حاضن لمنفذ العملية، أي توجد أمة دموية تدعمه... توجد هنا طريق لوثبة يهودية. لقوة يهودية (اسم الحزب الذي يرأسه. وعلى (المستشار القضائي أفيحاي) مندلبليت، (المدعي العام) شاي نيتسان وكل هذه الجماعة أن تعرف أنه توجد نهاية للزمرة القضائية. ستجري محكمة هنا، لكنها محاكمة عادلة".
واعتبر اتحاد أحزاب اليمين أن "قرار المحكمة العليا هو خزي وعار. وسنوقف الاندفاع النشط للمحكمة العليا. هذه مسرحية ساخرة، ونتيجتها معروفة مسبقا وطبيعي جدا أن يجلسوا في محكمة ميرتس. وهذا انعزال مطلق عن الشعب. ولن يقرر القضاة للشعب من يكونوا منتخبيه. ولعل بن آري شُطب، لكن الشعب سيمنحنا القوة من أجل إعادة المحكمة العليا إلى حجمها الحقيقي والطبيعي".
وترددت أنباء، أمس، مفادها أنه في حال شكل رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الحكومة المقبلة، فإن بن غفير سيتولى رئاسة لجنة القانون والدستور في الكنيست، بينما سيتم تعيين زميله الفاشي، باروخ مارزل، وزيرا. وكان نتنياهو قد سعى جاهدا إلى تشكيل قائمة اتحاد أحزاب اليمين المتطرف. وبن آري ومارزل وبن غفير هم تلاميذ الحاخام الفاشي المأفون مئير كهانا، الذي كان يدعو إلى الفلسطينيين من كل فلسطين، حتى قتل في نيويورك.
شاكيد: "المحكمة حولت نفسها هيئة سياسية"
وهاجمت وزيرة القضاء الإسرائيلية، أييليت شاكيد، المحكمة العليا، رغم أنها كوزيرة مسؤولة عن هذه المحكمة وينبغي أن تدعمها بدل مهاجمتها. لكن شاكيد واصلت حربها ضد المحكمة العليا في أعقاب قرار شطب بن آري، وقالت إن "قضاة المحكمة العليا قطعوا الحبل وحولوا أنفسهم إلى هيئة سياسية". وتأتي أقوال شاكيد رغم أن 8 من أصل 9 قضاة في المحكمة العليا أيدوا شطب بن آري والمصادقة على ترشح التجمع وكسيف.
وأضافت شاكيد أن شطب بن آري هو "تدخل فظ ومضلل في صلب الديمقراطية الإسرائيلية، ودوس على قرار لجنة الانتخابات". وهددت أنها ستنشر اليوم خطة "لاستكمال الانقلاب القضائي في ولايتها المقبلة" بعد الانتخابات. وخلال ولايتها الحالية، سعت شاكيد إلى تعيين عشرات القضاة اليمينيين، في عملية غيّرت وجه جهاز القضاء الإسرائيلي.
وقال رئيس قائمة اتحاد أحزاب اليمين، عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش، إن "المحكمة العليا لم تهدر أي فرصة كي تثبت مدى انعزالها عن الجمهور ومدى عدم جدارتها بثقته. وفي يوم كهذا، ندفن فيه موتانا، يقرر قضاة المحكمة العليا أن مؤيدي الإرهاب الذين ينفون وجود دولة إسرائيل سيدخلون إلى الكنيست، لكن ميخائيل بن آري، الذين يخدم أبناؤه في وحدات قتالية في الجيش الإسرائيلي، لن يدخل. ولا توجد أي خدعة قضائية تفسر تشويه القانون الساخر هذا. والشعب سيقرر ويعيد المحكمة العليا إلى مكانها الطبيعي".
كذلك هاجمت كتلة "يهدوت هتوراة" الحريدية قرار شطب بن آري، واعتبرت أن "قرار المحكمة العليا يوضح أننا كنا على حق منذ عشرات السنين عندما قلنا إنه لا توجد صلاحية للمحكمة العليا بالتدخل في أمور ضميرية وأخلاقية ومواضيع الدين والدولة. وهذه المرة تفوق قضاة المحكمة على أنفسهم.
كذلك عقب حزب شاس بأنه "ثبت مرة أخرى أن المحكمة العليا تأخذ لنفسها صلاحيات زائدة وتشوش الإجراء الديمقراطي. وبدأ هذا بالتدخل الفظ في شؤون الدين والدولة، والآن بشطب شخص من ترشيح نفسه. وسيواصل شاس دفع مشروع قانون الالتفاف على العليا لكبح النشاط القضائي".
واعتبر رئيس الكنيست، يولي إدلشتاين، من حزب الليكود الحاكم، أن "قرار المحكمة العليا هو خطأ بالغ وسيدفع الجمهور كله ثمنا باهظا. لا مكان للتجمع، وهو حزب ينفي وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية، في الكنيست الإسرائيلي. وسنستمر في محاربة الجهات المعادية للصهيونية والاستفزازية في الكنيست الـ21 أيضا".