تسود حالة من الهدوء الحذر قطاع غزة منذ ساعات الصباح الباكر بانتظار انتهاء اجتماع المجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر "كابينت" بعد عودة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ظهر اليوم إلى تل أبيب.
وشهد قطاع غزة حركة معتادة للمواطنين بعد ليلة ساخنة من الغارات التي استهدفت عشرات المقرات والمباني والشركات.
وكانت المقاومة الفلسطينية تحدثت عن إبرام تهدئة مع الاحتلال تدخل الساعة العاشرة من مساء أمس إلا أن الاحتلال واصل بعد هذا التوقيت عدوانه على قطاع غزة مما دفع المقاومة للرد على استمرار العدوان.
وبدأ الـ "كابينت" الإسرائيلي ظهر اليوم اجتماعا في مقر وزارة الأمن الإسرائيلية في تل أبيب لتقيم الوضع بعد سقوط الصاروخ على تل أبيب فجر الاثنين.
وكان نتنياهو قال فجر اليوم الثلاثاء، قبيل مغادرته الولايات المتحدة التي اقتصر زيارتها عائدا على تل أبيب ليرأس اجتماع الوزراء المصغر، "إن الجيش رد بشكل قوي على حماس بعد إطلاق الصاروخ على شمال تل أبيب".
وأضاف "ينبغي على حماس أن تعرف أننا لن نتردد في الدخول بأي مواجهة والقيام بأي خطوة لازمة طالما يتعلق ذلك بأمن إسرائيل".
وبحسب مكتب الإعلام الحكومي في غزة فإن عدد الغارات التي شنتها طائرات الاحتلال منذ بدء العدوان مساء أمس بلغ أكثر من 50 غارة استهدفت بالقصف بنايات سكنية ومقرات مدنية ومواقع للمقاومة وأراضي زراعية، وأسفرت عن قرابة 10إصابات بين المواطنين.
وأوضحت الإحصائية أن القصف طال خمسة مبان سكنية ومقرات، شملت: مكتب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ومقر شركة "الملتزم" للتأمين، إضافة إلى تسعة مواقع تتبع لفصائل المقاومة في شمال ووسط وجنوب قطاع غزة، ومرفأ الصيادين في خان يونس، و20 قطعة أرض زراعية في أماكن مختلفة.
كما قصفت طائرات الاحتلال مسجد "عمر بن عبد العزيز" في بلدة "بيت حانون" شمالي قطاع غزة، وذلك بحسب وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.
واستنكرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في بيان لها استهدف الاحتلال للمسجد الأمر الذي أدي إلى اندلاع حريق كبير بالمسجد وحدوث أضرار جسيمة داخله.
واعتبرت الأوقاف أن استمرار الاحتلال في سياسة استهداف المساجد جريمة جديدة تُضاف إلى الجرائم الوحشية التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته.
من جهته، رجح الخبير والمختص في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر، أن يكون نتنياهو قد اكتفي بالضربة التي وجهت لغزة الليلة دون أن يتم استدراجه لعملية عسكرية كبرى.
وقال أبو عامر لـ "قدس برس": "نتنياهو عنده حسابات دقيقة جدا لا سيما أننا على بعد أسبوعين فقط من الانتخابات، وهو يعلم تماما أن الرد الذي حصل في الساعات الأخيرة قد يكون نسبيا كافيا الإرضاء الرأي العام الإسرائيلي وامتصاص غضبهم".
وأضاف: "الرد بشكل أوسع من دمار واغتيالات واجتياح بري يعني تكرار مشاهد قصف تل أبيب ولذلك هو يتردد كثيرا في هذا الموضوع، وأن هذا التوسع قد لا يكون لصالحه إطلاقا في الانتخابات القادمة".
وتابع: "ذهاب الإسرائيليون إلى هذه الانتخابات في حين تزكم أنوفهم برائحة البارود وقصف تل أبيب والمقرات والمباني هذا أكيد سيكون خسارة مدوية لنتنياهو".
وأشار إلى أن "نتنياهو يدير أزمة كبيرة مع حركة حماس أمامه اختبار واحد يوم السبت القادم في مسيرات العودة في ذكرى يوم الأرض، موضحا أن جيش الاحتلال كفيل باستيعاب ما قد يحصل على الحدود إلا إذا حصلت تطورات أكبر كما ونوعا".
وقال: "نتنياهو يعتبر أن جبهة غزة هي خاصرته الضعيفة في السنوات القادمة ويحاول أن يجتازها في الأيام القادمة بأقل خسائر بحيث لا تؤثر على موازين استطلاعات الرأي الإسرائيلية وحساباته الانتخابية".
وأضاف: "يعتقد نتنياهو أنه قد ينجح في ذلك وهو يتحمل انتقادات الخصوم لكن في النهاية لن يتم استدراجه في عملية كبيرة في غزة يدفع أثمانها في صناديق الاقتراع".
وحول الهدوء الذي يسود قطاع غزة منذ الصباح الباكر أكد أبو عامر أن الجهود المصرية تجري على قدم وساق لإبرام تهدئة جديدة.
وقال: "نحن في الساعات القادمة ننتظر انتهاء اجتماع الكبنيت الإسرائيلي، والوفد الأمني المصري يدفعون بقوة لضبط الوضع الميداني في قطاع غزة".
وأضاف: "الإسرائيليون ليسو بعيدين عن الموقف المصري وكذلك حرة حماس لا تريد تصعيدا كبيرا".
وتابع: "ربما اكتفت الأطراف بما حصل في الساعات القادمة بانتظار جولة أخرى، لكن من الواضح أن الرد الإسرائيلي ليس هو الرد المعتاد عليه".
وأكد أبو عامر على أن حجم التهويل التهديد والوعيد الذي حصل في الماضي لم يتناسب مع حجم الرد.
واستدرك بالقول:" لكن إسرائيل دولة تمتلك أكبر قوة عسكرية في المنطقة، ولكنها في الوقت نفسه تعلم أن لهذه القوة حدودا وقيودا عليها ولذلك هي فعلت ما يمكن القيام به دون أن تتدحرج لمواجهة عسكرية كبيرة مع غزة".