الرئيسية / الأخبار / فلسطين
محمد عودة... تحدى الإعاقة بقوة الإرادة
تاريخ النشر: الأربعاء 03/04/2019 17:48
محمد عودة...  تحدى الإعاقة بقوة الإرادة
محمد عودة... تحدى الإعاقة بقوة الإرادة

كتبت إيمان سويدان و شوق منصور


"الإعاقة ليست سبب لعدم تحقيق الأحلام والأهداف، الإرادة تصنع المستحيل "هذا ما قاله الشاب محمد عودة (21) عاما الذي يعاني من مشكلة بصرية كاملة، مؤكدا أن النقص في حواس الإنسان يجعل لدى الشخص روح ايجابية ليستمر ويصل إلى مبتغاه.

يقول عودة :" في البداية لم تتقبلني المدارس الحكومية ما دفعني لدخول مدرسة خاصة بمدينة القدس".

لافتا إلى أن من أهم الصعوبات التي واجهته هي مسألة المبيت في المدرسة خاصة وأنه يقطن مع عائلته في مكان بعيد ما دفعه للعيش بعيدا عن أسرته لفترة طويلة.

"لم استسلم حتى استطعت أن اثبت نفسي وأكوّن صورة ايجابية عني، درست فيها حتى الصف السابع و بعد ذلك انتقلت إلى مدرسة حكومية وقدمت الثانوية فيها وحصلت على معدل 80 %." أضاف عودة.

يتابع عودة بنبرة فخر وثقة عالية بالنفس :" بعد ذلك التحقت بقسم علم النفس في جامعة النجاح الوطنية، لقد دخلت هذا التخصص عن حب ورغبة شديدة، فقد سمعت عنه كثيرا منذ الصغر و بعد نجاحي في الثانوية العامة قرأت و تعرفت على التخصص أكثر ووجدت نفسي فيه".

ويشير محمد إلى تعاون الجامعة معه وأنه لم يجد صعوبة كبيرة في دراسته وخاصة مساعدة مركز الإعاقة البصرية له فهم يقومون بطباعة الكتب بلغة بريل، و يوفرون متطوعون لمساعدتهم في الامتحانات.

موهبة الغناء

يقول عودة:" لقد اكتشفت عائلتي و أساتذتي أن لدي موهبة في الغناء، فبدأت أعمل على هذه الموهبة وأطور من نفسي، فكنت أغني في المدارس، وفي النوادي الثقافية وشاركت في عدة مسابقات ووصلت إلى مراحل متقدمة في بعض منها."

شارك محمد في مسابقة "النجاح جوت تالنت" و تم قبوله فيها ووصل لمرحلة متقدمة.


وتعلّق الطالبة روان عودة إحدى زميلات محمد بالقسم على شخصية محمد :" محمد مثال للطالب النشيط ، والمثابر، الذي يريد أن يعرف كل شي كنا نلاحظ ذلك أثناء المحاضرة فهو يرغب أن يتعلم و يستفسر عن كل معلومة تمر عليه".

وتتابع عودة :" كان محمد المبادر الأول بتسليم الواجبات ومشاريع، وكثير من الأحيان كنا نذهب إليه ونطلب منه المساعدة، فكان يساعدنا كما كنا نساعده في أي شي يحتاجه، لم نشعر بأن محمد يختلف عنا أو نختلف عنه ولم نشعره بذلك أيضا"

 


يقول أستاذ علم النفس علي الشكعة :" محمد طالب من الطلاب المجتهدين و كان يواظب على المحاضرات،درجة الانتباه و الاستماع لديه جيدة جدا و دائما يسعى لأن تكون علاماته أعلى من العلامات السابقة.

أمّا بالنسبة لطموح محمد و رغبته بالنجاح و الاستمرار بالدراسة يعلّق الشكعة :" لديه طموح كبيرو قدراته العقلية كبيرة، وصل لمرحلته الدراسية الحالية بسبب حبه للتعليم و رغبته بأن يصبح أفضل وهو مثال يجب أن يقتدي به بقية الطلبة".

ويتابع أستاذ علم النفس :" أتوقع لمحمد مستقبل باهر إذا استمر بالدراسة و أنصحه بإكمال الماجستير و الدكتوراه وأن لا يجعل مشكلة بصره عائقا أمام طموحه و حلمه."

وفي الإطار نفسه تقول الموظفة الإدارية في مركز الحاسوب للمعاقين بصريا روان الشعبي :" أسست جامعة النجاح مركز الحاسوب للمعاقين بصريا عام 2007 في الحرم القديم لتلبية احتياجات المكفوفين داخل الجامعة, و تساعدهم على الاندماج في المجتمع المحيط ويعمل المركز بدوام كامل مثل دوام الجامعة."

تتابع الشعبي :" يوفر المركز المناهج الدراسية وأيّ شيء يحتاجه الطالب الكفيف يتم ذلك بمساعدة طلاب خدمة مجتمع حيث يقومون بطباعة كتب المكفوفين على برنامج (word) ونحن نقوم بتحويلها بعد ذلك من خلال الأجهزة الخاصة بالمكفوفين إلى لغة بريل".

تكلفة ورق بريل عالية ضعفي سعر الورق العادي فتقوم الجامعة بتوفيرها بشكل مجاني للمركز،وعند طباعة الكتاب يأخذ أوراق أكثر بكثير وحجم الورق يكون أكبر.

وتتابع الشعبي :"عدد الطلاب المستفيدين من خدمات المركز يختلف من فصل لآخر, وفي الوقت الحالي لدينا تسعة طلاب منهم طلاب بكالوريوس وآخرين ماجستير وتخصصاتهم مختلفة منها شريعة وقانون ولغة عربية وعلم نفس."

و تضيف الموظفة الإدارية :"يوجد أيضا طلاب لديهم مشاكل جزئية في النظر فنساعدهم عن طريق تكبير كلمات مناهجهم الدراسية, ونوفر لكل طالب لديه مشكلة بصرية طالب آخر يساعده بالدراسة،و نوفر أيضا طلاب آخرين لمساعدتهم على تأدية الامتحانات ونساعدهم إذا واجهتهم مشاكل في مساق ما أو مع دكتور معين ونوضح لهم حالة الطالب".

وأوضحت الشعبي أن المركز يوفر الوقت والجهد على الطلاب المكفوفين فيستطيع الطالب تصفح الإنترنت أو كتابة أيّ شيء دون طلب المساعدة, و أحيانا يترك المركز الفرصة للطلاب للاعتماد على أنفسهم دون مساعدة أحد.

وردا على سؤال يتعلق بتجهيزات المركز أكدت الشعبي أن المركز يوفر أجهزة حاسوب مزودة ببرامج ناطقة للكف الكلّي و برامج التكبير للكف الجزئي وهذه البرامج لها تكلفة عالية وليست مجانية، و يوجد أيضا لوحة مفاتيح تحوّل النص للغة "بريل" فبمجرد لمس الأحرف يعرف الطالب ما يوجد على الشاشة ويتم وضع سماعات لخصوصية الطالب.

وما يميز المركز بحسب الشعبي وجود طابعات الكترونية تحوّل الكتابة العادية للغة بريل، و يوجد قاموس انجليزي ناطق،و جهاز يشبه الحاسوب المحمول تكلفته عالية جدا يستطيع الطالب كتابة ملاحظاته عليه، ناهيك عن توفير الآلة اليدوية التابعة للغة بريل (بيركنز) ويمكن استخدامها لكتابة ملاحظات معينة أو تلخيص محاضرة ما."


وفي النهاية يوجه محمد رسالة لكل شخص لدية أيّ مشكلة في جسده أو حواسه أن لا يستسلم لها، وأن لا يجعلها سبب لعدم تحقيق ما يريد ويرغب فيه، بل بالإرادة والإصرار نستطيع أن نصنع المستحيل.
 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017