كتبت: تسنيم ياسين
المسير في الحقول الخضراء وسط الجبال، حلم يعتقد رواده أنه ليس إلا في بلاد تتقن جذب السياح كتركيا ربما أو سويسرا، لكن لن يتصوروا أن هذا الحلم يبعد عن مدينة جنين 15 كيلومتراً جنوباً في قرية الكفير.
ليست مبالغة إن وصف التجوال في القرية عودة 100 عام أو أكثر إلى الوراء، حيث المساحات المفروشة بالأخضر، والبيوت القديمة الخالية تلهو فيها قطعان الماشية، يصيح الديك والكلب باسط ذراعيه، الهدوء يسود المكان بلا عجب، فعدد السكان لا يزيد على الـ48 نسمة بحسب الإحصاء الفلسطيني.
يقدر تاريخ القرية التابعة لمحافظة طوباس والتي تبعد عنها 7 كم إلى الشمال الغربي منها، بأنه يعود إلى عام 2000 ق.م، بحسب سعادة ارشيد وارث ممتلكات عائلة ارشيد التي كانت تحكم المكان منذ استوطنوه.
يروي ارشيد: "الكفير كانت مملوكة لعائلتي الذين هاجروا من بصرى الشام بعد عام 1400 م إلى مناطق متعددة، ومنهم من توجه إلى الأردن ثم بسبب مشاركتهم في قتال المغول قدموا عام 1450 إلى منطقة الكفير وسكنوها، ولكن العائلات الإقطاعية كانت في صراع دائم، ونصيب عائلتي كان القتال مع عائلة مشاقي التي كانت تحكم بالجوار".
ويتابع: "قضى حاكم المشاقي على عائلة ارشيد باستثناء شخص واحد استطاع الحصول على ود الحاكم وخطب ابنته واسترد أملاك عائلته التي تمتد في تلفيت وصير وعقابا والزبابدة وطوباس ورابا وكفر ثلث ومسلية، وتزيد على الـ55 ألف دونم، وورثها جدي ديب".
الجد ديب الذي ولد عام 1840معلقة صورته في القصر العائلي الذي يعتبر من أعلام القرية، فهذا المنزل بحسب ارشيد بني عام 1828 م، مكون من 26 غرفة على النظام الإقطاعي، الطابق السفلي للعمال والحراثين أما العلوي فلأهل البيت.
يحرص سعادة ارشيد على الحفاظ على ممتلكات العائلة حتى الأوراق، صور الآباء تزين الجدران فيما تختبئ مكتبة البيت بالمخطوطات والروايات العصرية والقديمة والكتب في الأفلاك والكيمياء والأديان الموروثة، بلا مساس.
مباني القرية مهجورة خالية على عروشها، ومع تراكم السنين وانهيارها، هدم أكثر من ثلثي القرية لتراكم الأوساخ فيها، وكلفة ترميمها، واشتهرت القرية بأنها ذات الـ28 ناخباً من الـ48 نسمة.
تعاني القرية من الإهمال الظاهر في غياب الطرق وخطط ترميم البيوت التي تعود إلى مئات السنوات، تبدو وكأن الزمن توقف عندها.