كتبت: تسنيم ياسين
"أراضينا تسرق أمام أعيننا، كل الخير الذي كنا نعيشه سابقاً اليوم يتم تناسيه"، بحرقة تحدث إلينا المزارع أبو إياد من قرية قصرة بعد أن فقد نسبة كبيرة من أراضيه للمستوطنات.
يقول أبو إياد: "أراضينا الواقعة بين مستوطنتي جيتيت ومعالي أفرايم حرمنا منها للرعي والعيش فيها، هذه أراض في الأغوار أي أنها كانت بالنسبة إلينا مورداً أساسياً كفلاحين لا مورد لنا سواها، نحن نراها اليوم تسرق أمام أعيننا ونحرم من الوصول إليها".
ويطالب أبو إياد السلطة الفلسطينية ومكتب الارتباط بتوفير مساحين، يوضح أبو إياد: "نحتاج إلى مساحين معترف بهم وأكفاء قادرين على مسح أراضينا وتحديدها لنا، وأن يوفروا لنا تنسيقاً لدخولها بدلاً من أن تضيع، هذه الإجراءات كلفتنا خسائر باهظة".
أبو إياد واحد من 6 آلاف نسمة يعيشون في قرية قصرة التي تبعد عن نابلس كم إلى الجنوب الشرقي، محاصرين بالمستوطنات التي تحيط بقريتهم، وهي ايش كودش، وإحيا، وكيدا ومجدوليم.
تبلغ مساحة القرية العمرانية 9000 دونم، منها 6 آلاف دونم تصنف أراضي "ج"، و3 آلاف أراضي "ب"، وهو ما يعني أن ثلثي البلدة خارج سيطرة الأهالي ومالكي الأراضي الفلسطينيين.
محمد خرويش، رئيس بلدية قصرة يقول: "يحيط ببلدتنا 5 مستوطنات تذيقنا العذاب كل يوم، فلا يمر أسبوع دون أخبار الاعتداءات فهم يكسرون المعدات ويسرقونها، يحرقون الأشجار ويعتدون على المواطنين، حتى أن المنطقة الشرقية للبلدة تعد خطيرة على المواطنين بسببهم".
ويضيف خريوش: "الاعتداءات لا تقتصر فقط على الشجر والحجر، بل تتعدى إلى البشر، فآخر شهيد لدينا هو محمود زعل عام 2017، بعد اعتداء المستوطنين عليه أثناء دفاعه عن أرضه، وقبله عام 2011 الشهيد عصام بدران لنفس السبب".
وبحسب خريوش فإن المجلس البلدي يتركز دوره بشكل أساسي على مد البيوت القريبة من المستوطنات بالخدمات لتوفير المقومات الأساسية للسكان كي لا يتركوا بيوتهم.
منذ عام 2000 لم يستطع أهالي القرية الوصول إلى أراضيهم وهو ما حولها إلى أراض مهملة حول المستوطنات.
يبين محمود الصيفي مدير مركز أبحاث الأراضي: "منذ ما يقارب الـ20 سنة اضطر المزارعون لترك أراضيهم القريبة من المستوطنات بسبب اعتداءات المستوطنين وعدم سماح الاحتلال لهم بالوصول إليها، وعدم منحم تصاريح تخولهم الدخول إلى أملاكهم، وهو ما حولها إلى أراض مهملة".
"وفي كل عام يتناقص إنتاج القرية من الزيتون واللوزيات بسبب هذه الاعتداءات، والآن ما يقارب الـ50% من الأراضي لا يتم استغلالها".
هدم المنشآت سيف مسلط على أهالي البلدة، ومع غياب الوعي المجتمعي حول التعامل مع الإخطارات ولدت فكرة مركز أبحاث الأراضي لإعطاء ورشات حول الملف القانوني المحتم على متلقي الإخطار التعامل معه، يشير الصيفي: "عملنا على تدريب 11 بلدية في مختلف مناطق الضفة كي يستطيعوا التعامل مع الملف القانوني وترتيبه وبالتالي توفير الوقت والجهد على المواطنين".
ويتابع: "رغم اختلاف الاتجاهات والآراء حول التعامل مع محاكم الاحتلال إلا أنه أمر واقع والمحاكم في حال تم تقديم الملف القانوني كاملاً قبل المهلة القانونية لا تعقد المحكمة ونستطيع إيقاف أمر الهدم، لكن الذي يحدث أن المواطن يفتقد للوعي وبالتالي لا يقاوم أمر الهدم".