لم تكن ردة فعل أهالي مخيم شعفاط قرب القدس على إحراق إبنهم محمد والتنكيل به بعد قتله وإختطافه، مجرد ردة فعل "عشوائية" !
بل إن المتعمق والمتمعن في سير المواجهات منذ اللحظة الأولى، لابد أن يسترعي إنتباهه "تكتيكات" جديدة في المقاومة الشعبية وحتى وإن بدت بسيطة بالنسبة لكثيرين، لكن العمل المنظم الذي يسوده الترتيب هو أساس كل فعل ناجح.
فالشباب الفلسطيني في المواجهات سارع لإعتماد نظام التبديل "شِفتات" خلال المواجهات، نظراً لوجود المواجهات في ساعات الصيام أثناء النهار، إضافة لحرصهم على إستمرار المواجهات الميدانية بنفس القوة والوتيرة المتصاعدة خلال كافة الساعات، وهذا يدل على تنظيم وترتيب صادرٍ عن عقل منفتح واعٍ ويدرك ما يدور حوله، ويحسن وزن الأمور ولا يعتمد على الغوغائية، ويفرد للمنطق مساحة في لهيب العاطفة.
أما الأمر الآخر فهو أسلوب "الألعاب النارية" التي أصبح الشبان يستخدمونها كأسلوب مفضل للمواجهات الميدانية، فهي لم تعد تستخدم للهو فقط، أو لبث الرعب في قلوب المستوطنين والجنود وتشتيت إنتباههم فحسب، بل أصبح الشبان يزودونها بالمسامير والقطع الحديدية، ويقذفونها من أيديهم لتطير نحو الأهداف تماما كالقنابل اليدوية والرُمانات!.
وفي مواجهاتٍ شعفاط أيضا مشاهد تذكرنا ببداية إنتفاضة الأقصى، فنسوة شعفاط يتزاحمن على تجميع الحجارة للشبان ومساعدتهم، إضافة لتوزيع وجبات الإفطار والماء البارد في ساعات الغروب.
علاوة على ذلك، تبرز حنكة الفلسطيني وسرعة بديهته عبر التعميمات الالكترونية على مواقع التواصل الإجتماعي، ومن أبرزها دعوة شبان المواجهات إلى مواجهة خطر المستعربين والتخلص منه، وحتى قد يصل الأمر إلى إيذائهم، ومن ذلك التعميم الذي ينص على دعوة شباب المواجهات إلى إدخال "البلايز" في "البنطلونات" كي يتم تمييزهم عن غيرهم من المستعربين، إنطلاقا من كون المستعربين بديهيا وتلقائيا لا يملكون القدرة على ذلك كونهم يحملون مسدسات ومخازن رصاص إضافة للأصفاد "الكلبشات" ! فهم - أي المستعربين- يخفون معداتهم تحت ملابسهم.
اليوم يا غولدمائير، في "شعفاط" لا يلتزم العرب الفلسطينيون منضبطين في طابور الحافلة، لكنهم يعرفون ماذا يفعلون وكيف يهاجمون وعلى أي أساس يتحركون!! .