كتبت: إكرام التميمي
حول انطلاقة أول مؤتمر للشرطة الفلسطينية والذي عقد تحت رعاية دولة رئيس الوزاء و وزير الداخلية الدكتور محمد اشتية؛ وبالشراكة مع وزارة الإعلام، ونقابة الصحفيين الفلسطينيين، ومركز جنيف للرقابة على القوات المسلحة ( ديكاف) ، ناقش المؤتمرين خلال جلسات المؤتمر "العنف في الخطاب الإعلامي وأثره على الحالة الأمنية والسلم الأهلي في فلسطين"، ومن جانبه المتحدث الرسمي العقيد لؤي ارزويقات وعبر صفحة المديرية العامة للشرطة قال: " بأن اللواء حازم عط الله مدير عام الشرطة وجه رسالة شكر لكل الصحفيين وخاصة الذين حضروا وساهموا في إنجاح مؤتمر العنف في الخطاب الإعلامي الفلسطيني وأثره على الحالة الأمنية والسلم الأهلي، ومعبرا في الرسالة عن تقديره كذلك لكل المؤسسات التي ساهمت في إنجاحه .
وجاء في نص الرسالة " إنني اقدر واحيي جهدكم العظيم وتضحياتكم الجسام في البحث عن الحقيقة ورسمها وصياغتها بأقلامكم وأساليبكم الجميلة، ونقلها للعالم لتوضيح ما يجري على الأرض من انتهاكات الاحتلال بحق أطفالنا ونساءنا ورجالنا .
وهو جهد نقدره ونحترمه كما ونقدر دوركم في توعية أبناء شعبنا الفلسطيني في كل المجالات، ونقل الأخبار الشرطية والمجتمعية بتواصلكم الدائم مع مؤسستنا الشرطة للحصول على هذه المعلومات التي تساهم بقتل الإشاعة في مهدها .
وأضاف " لقد كان لمشاركتكم وحضوركم والدعوة للمؤتمر ونقل ما دار فيه من نقاشات دوّرا بارزا في إنجاحه وتوضيح بان المقصود بالعنف في الخطاب الإعلامي هو المنطلقات الايدولوجية والخطاب وما يُطرح عبر السوشل ميديا، وانتم كإعلاميين كنتم وما زلتم السد المنيع أمام استمرار هذه الحالة من خلال نقلكم للحقيقة وتعاونكم الدائم معنا للوصول إليها، رغم كل محاولات النيل من عزيمتكم ولكننا سنبقى إلى جانبكم دوما وسنتقبل كل ملاحظاتكم ونأخذها على محمل الجد وسنعالج أي خطأ في حال وقوعه بالتنسيق مع نقابة الصحفيين ".
وقد تمخضت عن المؤتمر العديد من التوصيات من بعد تقديم المشاركين والمشاركات لأوراق بحثية تطرقت للحديث العلمي والبحث الدراسي المعمق والواقعي حول الخطاب الإعلامي وأثره، وتمايزت بما أثرت الجلسات المشهد الفلسطيني من خلال شمولتيها، وتم نقاش جوانب عديدة من محاور الأوراق، والآن المأمول ما بعد التوصيات أن تتم قراءة المشهد في عيون المؤتمرين كما يجب .
ولا جدلية حول الواقع والمستحيل بما يمكن أن يتم الضبط به والاتفاق على قوانين ناظمة للحريات، ما لم تنضج الفكرة ونرتقي بجمالية وقيم الرؤى الحالمة، ولن تتوحد الجهود ما لم نساهم بشموليتها وحتى يكتمل الحلم الفلسطيني بالدولة الفلسطينية المستقلة؛ ولن نستطيع تحقيق العدالة الاجتماعية إلا بفعالية ما تمخض على هامش النقاش للمؤتمرين، وصياغة المدخلات والإستراتيجيات من قبل صانعي السياسات العامة وبالتوازي مع البرامج ذات الصلة، إن مفهوم الارتكازات الأمنية التي تحملها المؤسسات الأمنية على كاهلها لن تستطيع تحقيق ما لديها ما لم يكن هناك تكامل شامل حول الكل الفلسطيني، والتي تلزمنا جميعاً أن نستند على سيادة القوانين وأدوات الضبط ضمن أخلاقيات وأدبيات تحملها السلطات جميعاً " التشريعية، والقضائية، والتنفيذية، والإعلامية، والإنسانية الحقوقية التي هي عيون وعون للعدالة"، وإذا ما تطرقت هنا للمشهد الذي أرجو أن أكون قد أشرت ولو للنذر القليل؛ ولا بد أن أشير بالحاجة الماسة للفرد الفلسطيني، وبتجرد تام من التبعية الظلامية، وبعيداً عن النزعات الأيدلوجية الموظفة لدى البعض نحو تأجيج النزاعات أو تعزيز الانقسام بين أفراد المجتمع، فإننا لن نستطيع تحديد أدبيات السياسات التحريرية الواجبة وضعها في سياقات الخطابات السياسية عامة، والإعلامية خاصة، ما لم نتجنب ونحذر من الإشارة بإصبع الاتهام للآخر، وكي لا تتفرغ الحريات المنشودة من أهدافها الواعية والواعدة لتحقيق العدالة الاجتماعية الفضلى، وحيث تكمن قوتها بمنظومة قانونية ناظمة واضحة وشاملة واقعية قائمة على أداء الحقوق والواجبات وتقسيم الأدوار كما يجب، وكما هو قائم للبيت عماد وللحرية نسمو نحو عنان السماء وللشرعية ركن أساس وللبيت رب يحميه، وعلينا تفهم وتقبل الاختلاف في الرأي، لا الاختلاف على تحقيق الأهداف والثوابت الوطنية المنشودة والتي هي البوصلة التي تجمعنا جميعاً ولو اختلفت الرؤى بكيفية الوصول لاكتمال الحلم.
على مدار يومين 24/25/4/2019 في مدينة رام الله، حققت فعاليات المؤتمر العديد من الأطروحات والأفكار النيرة، وفي الجلسة الأولى رئيس الجلسة د. ياسر عبد الله الباحث في معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي، قدم عراب الورقة البحثية الأولى الإعلامي محمد اللحام وتحدث حول" المنطلقات الأيدلوجية للعنف في الخطاب الإعلامي"، والذي تحدث حول ضبط الخطاب، وقال: لا حريات بدون أدبيات، والحرية ليست مطلقة، وتحدث عن الإشتراكية، والبعد الأيدلوجي، وقال نقلاً عن الإعلام الإسرائيلي "الإعلام الإسرائيلي على يمين يمين الجيش" حول القضايا الداخلية، وفي الحرب الجميع على يمين الجيش".
وفي الورقة الثانية حول "أخلاقيات النشر في مواقع التواصل الاجتماعي" تحدث أ. عماد الأصفر من مركز الإعلام في جامعة بير زيت حول الواقع الفلسطيني بتحليل دقيق ومشيراً لعدد من القضايا السياسية والاجتماعية بالشأن الفلسطيني، وقال:"المطلوب هو تقديم المعلومة الدقيقة، وأن غياب أو تأخر المعلومة هو الذي يجعل للإشاعة متنفس، ويتسبب بانتشارها في المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي؛ ومؤكدا على قانون حق الحصول على المعلومات"، وأشاد في إنجازات الشرطة الفلسطينية، وحيث أصبح الأداء فيها مرضي، وإيجاد منصة لتقديم الشكاوي دون الإفصاح عن الشخص المبلغ للشكوى عبر الموقع الإلكتروني الخاص بالشرطة، وتحدث عن قانون الأمن الفلسطيني والذي يمنع على رجال الأمن الإدلاء بأية تصريحات، وكما تحدث عن ظاهرة إطلاق النار وعدم ضبطها كما يجب وحسب القانون.
وفي الجلسة الثانية رئيس الجلسة الإعلامية خلود عساف رئيس تحرير وكالة وفا قدمت المتحدث أ. أشرف عريقات النائب العام المساعد والذي تحدث بشمولية أدبية وعلمية بورقته" المقتضى القانوني في معالجة العنف الإعلامي"، وحيث أشار بأن دولة فلسطين وقعت تقريباً على كافة القرارات والقوانين الدولية، وموضحاً الواقع الفلسطيني وارتباطه بالعهد الدولي والحقوق المدنية المادة 17 منه.
وفي ورقة أ. نداء يونس من وزارة الإعلام تحدثت عن " الثقافة البصرية والعنف وتأثير الصورة البصرية والفيديو في الخطاب الإعلامي"، وأشارت: هناك توجه عالمي نحو قراءة الصورة في الإطار العام، وتساءلت هل تفوقت الصورة على الخبر؟ ومن خلال استخدامها في تعزيز العنف والتطرف والإرهاب، وأوضحت أن الصورة في الماضي كانت ربما بريئة، أما الآن هناك الصورة يتم توظيفها في اتجاهات أخرى، وتابعت الصورة يجب أن يرافقها الإجابات الخمس كما الخبر، وإذا لم يتم تحديد السياق العام للصورة، وغير موظفه جيدا قد يرافقها تفسيرات أخرى وحسب المعرفة السابقة لدى كل مشاهد .
وفي اليوم الثاني للمؤتمر في الجلسة الأولى والذي ترأسها الدكتور عقيد عماد بني عودة نائب مدير دائرة التوجيه السياسي، قدم الدكتور صلاح أبو حسن من جامعة الخليل، والذي تحدث في ورقته حول "آليات ضبط الخطاب الإعلامي لخدمة الصالح العام"، والذي بدوره أوضح بانه من خلال استطلاع الآراء مع 7 خبراء حول إشكالية تعدد الخطابات، ومشيراً إلى " البيت، المدرسة،والمسجد، التيارات الفكرية، والأيدلوجية، وممارسي السياسة، والإعلام "، وقال: تتم عملية التوعية للضبط مع كل هؤلاء، وهي انطلاقا من فكرة التربية الإعلامية.
وأضاف، الانفكاك من التبعية التي تتبع السياسة والمال، وتابع حول أهمية المتابعة وتحليل، والتشجيع على ثقافة الحوار، وخرجت توصية بضرورة وضع قاموس للمصطلحات التي تشير وتوضح الكلمات المحرضة من انطلاق التربية الإعلامية وضبط الفوضى في النشر.
ومن جانبها أ. نبال ثوابته من مركز الإعلام في جامعة بير زيت تحدثت حول" سياسات التحرير في المؤسسات الإعلامية بين العنف والواقعية" واستهلت ورقتها بالوحش الكامن في أجهزة المحمول وتأثيرها على الطلبة الجامعيين ولا سيما أثناء وجودهم في المحاضرات الجامعية، وقالت لا يجب أن نغفل تأثير الإقبال الشديد على استخدام الإنترنت بين الشباب وبالمجتمع، وكوسيلة اتصال دائمة سيساهم سلباً على العلاقات الإجتماعية، مع عدم إغفالها ما بهذا التطور من ايجابيات كاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي(السوشل ميديا) بالمجمل العام وهم لأكثر انتشارا، ولكنها تحذر من بروز العديد من المشكلات والقضايا السياسية والاجتماعية من جراء ذلك وقالت: "لن يكون سلام إعلامي ما لم يكن سلام روحي ومع الذات" وتابعت، "السلم الصحفي" اتفاق حول ما نقول وما لا نقول" والسياسة التحريرية"، و التنظيم الذاتي هو الأساس".
وفي الورقة الأخيرة تحدثت أ. ناهد أبو طعيمة من جامعة بير زيت حول " رؤى نقدية لتغطية قضايا العنف بحق المرأة والأحداث"، والتي من جانبها طرحت أمثلة حول عدد من الجرائم والإنتحار، وعدم الرضا عن الجزء المتعلق بهذه القضايا، وتساءلت حول التغطية الإعلامية ودور الإعلام في فتح نقاش معمق للقضايا التي تتعلق بالنوع الاجتماعي، وتساءلت حول ذهنية قطاع العدالة وكيفية التعامل في قضايا النساء والأحداث، وأوضحت:" المطلوب ما بعد تغطية قضايا القتل الانتصار للضحايا".
وختم المؤتمر؛ ببيان وتوصيات المؤتمر بحضور مساعد مدير عام الشرطة للبحوث والتخطيط العميد إبراهيم أبو عين، الذي بدوره شدد على دور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المهم في تحديد الخطاب الاعلامي، وأوضح مدى تأثيرها على العنف والكراهية في المنصات الإعلامية، والضرورة الملحة لوضع خطط لمواجهة خطاب العنف والكراهية في الإعلام الفلسطيني، وهذا الذي دفع بالشرطة الفلسطينية لعقد هذا المؤتمر للخروج بتوصيات تساعد الجميع في مواجهة خطاب العنف والكراهية، وتعزيز مبدأ السلم الأهلي في المجتمع الفلسطيني .
وحول مخرجات المؤتمر تم الدعوة إلى " إطلاق حملات إعلامية للتوعية بمخاطر العنف في الإعلام، والسعي لتطوير الدوافع الايديولوجية والسياسة المحركة له بهدف هندسة الجماهير وتحريكها، والعمل على وجود سياسات تحريرية تتحسس للعنف ومخاطره، وأوصى المؤتمر على إقرار تعديلات بالقوانين الخاصة بتنظيم عمل وسائل الإعلام في فلسطين، إضافة إلى العمل على ضبط المصطلحات الفضفاضة لضمان دقة المرجعيات التفسيرية والإجرائية فيما يخص العمل الإعلامي وقضاياه المختلفة".
ولعنا نستطيع قريباً قراءة المشهد في عيون أبناء الشعب الفلسطيني، وتهاليل الفرح بنشوة الحرية للدولة الأم للوطن فلسطين الأرض والإنسان، وحيث بشائر العيون المبتسمة دون دموع لسيدة الجلالة الصحافة.