نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن الطريقة التي يؤثر بها ترتيب الميلاد على شخصية أطفالك.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن ترتيب الأطفال في العائلة يعدّ أمرا أساسيا في تحديد جزء من شخصيتنا. ولملايين السنين، كانت الحياة معقدة نوعا ما، وكان على الوالدين توزيع الموارد بين أطفالهم، وهي مهمة صعبة، خاصة إذا كان لديهم الكثير من الأطفال. وفي حين يعتقد العديد من الآباء أنهم يتعاملون مع جميع أطفالهم على قدم المساواة، يرى الأطفال الأمور من منظور آخر، وغالبا ما يتحدثون عن الاختلافات في المعاملة.
وأوردت الصحيفة أن الرأي القائل إن التنافس بين الأشقاء دليل على سوء تصرف الوالدين هو أمر خاطئ، ذلك أن المنافسة أمر طبيعي وفطري في الإنسان وبين جميع الكائنات. فالمنافسة تعزز الإبداع وتضع حدودا لما هو مقبول. ويكمن الاختلاف الذي من شأنه أن يجذب انتباه الوالدين في تطوير شخصية فريدة من نوعها.
وأضافت الصحيفة أن العبارة النموذجية "لقد ربيت أطفالي على قدم المساواة" ليست صحيحة. فكل طفل لديه شخصية مختلفة عن الآخر، لذلك يجب مساعدته على النمو بطريقته الخاصة. وقد قضى علم النفس الإيجابي سنوات في إظهار أنه من الأفضل تكريس الموارد لتعزيز مهارات الأطفال بدلا من محاولة تحسين نقاط الضعف لديهم، لذلك عليك أن تستثمر فيهم بشكل انتقائي.
وأوضحت الصحيفة أن الارتباط العاطفي بين مقدم الرعاية والطفل يحدث بشكل أساسي خلال السنة الأولى من العمر. وتنشأ هذه العلاقات بشكل أكثر مع الطفل البكر، وهو ما أكدته استطلاعات الرأي، حيث يشعر المولود الأول أنه أقرب إلى والديه مقارنة بأشقائه الأصغر سنا.
كما سلطت دراسات أخرى الضوء على ظواهر تسمى بتحديد الهوية، التي تنطوي على التمييز. فعلى سبيل المثال، إذا كان أخي الأقرب، المنافس الرئيسي لي، يفضل الأب، فسأفضل الأم، ما يؤدي إلى إنتاج أنماط متعرجة في العديد من جوانب العلاقات مع الوالدين.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأطفال البكر يُعتبرون من قبل آبائهم وإخوتهم الآخرين أكثر انضباطا وتنظيما وحكمة في تصرفاتهم مقارنة بالأصغر سنا. وعموما، إن الطفل البكر، إذا لم يكن لديه أشقاء آخرين، ستكون كل الموارد متاحة لديه، وسيكون الوالدان أو مقدمو الرعاية هم المرجعية الأساسية بالنسبة له. وغالبا ما يتصرف الطفل البكر كبديل لوالديه خلال غيابهما، وتكون سلوكياته محبذة من قبل والديه. وعادة ما يكون الطفل الأكبر في العائلة أكثر مسؤولية وتميزا ومتفوقا في عدة مجالات. في المقابل، يميل الأطفال الأكبر سنا إلى أن يكونوا أكثر عدوانية ويستخدموا قوتهم لحل النزاعات.
وأفادت الصحيفة بأن الطفل الأوسط سيتعين عليه دائما مشاركة الموارد المتاحة مع إخوته الآخرين والتنافس معهم للحصول عليها، وسيكون مطالبا بمواجهة العقبة المتمثلة في أن أشقاءه الأكبر سنا هم أقوى وأكثر ذكاء منه بسبب فارق السن. وبالتالي، إن الشخصية المرجعية بالنسبة له لن يكون الوالدين وإنما إخوته الأكبر سنا.
وأوضحت الصحيفة أن الطفل الأوسط يميل إلى الحصول على اهتمام أقل بنسبة 10 بالمئة مقارنة بإخوته الكبار والأصغر منه. وغالبا ما يبحث الطفل الأوسط عن طرق لكسب مكانة بين أقرانه، أي مع أطفال آخرين خارج البيئة الأسرية. في المقابل، عادة ما يكون هؤلاء الأطفال أكثر قبولا ولديهم علاقات صداقة جيدة، كما أنهم أكثر إخلاصا في العلاقات العاطفية.
وأبرزت الصحيفة أن الطفل الأصغر في العائلة يحتاج إلى الكثير من الوقت والموارد، لكن أمامه العديد من الإخوة، لذلك يجب على الآباء اختيار وترتيب الأولويات. فهؤلاء الأطفال لا يحتاجون إلى أبوين استبداديين، لأن لديهم بالفعل إخوانهم الأكبر سنا الذين يديرون اللعب أو يوزعون الحلويات، كما أنهم يبحثون عن فراغ لإبراز قدراتهم أمام الوالدين، ويتحملون المخاطر.
من جهة أخرى، يحظى صغير العائلة باهتمام خاص من قبل والديه، حيث يرغب الولدان، خاصة الأم، في تصحيح جميع الأخطاء التي ارتكباها مع الأشقاء الأكبر سنا، ما يجعلهم مدللين للغاية.
وأكدت الصحيفة أن الأشقاء الصغار معتادون على التفاوض مع الإخوة الآخرين ويتمتعون بشخصية أكثر انفتاحا وحنانا، وهم باختصار الشخصية الكوميدية في العائلة. كما أن الأشقاء الصغار معتادون على المخاطرة في كل من الجوانب الإيجابية والسلبية، ولديهم أفكار مبتكرة أو جذرية، فضلا عن عدم ترددهم في تغيير استراتيجيتهم وتجربة أشياء جديدة.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن الطفل الوحيد في العائلة يتمتع بسمات شخصية محددة، لأنه لا يعاني من ضغوط الأخ الأصغر حتى يكون عدوانيا، أو الأخ الأكبر حتى يكون جريئا. إلى جانب ذلك، بإمكانه أن يحتل المكانة التي يريدها، لكنه أكثر تباينا في سماته الشخصية. وتشير الدراسات إلى أنه من الصعب التنبؤ بسلوك الأطفال الوحيدين في العائلة؛ لأنه في مرحلة الطفولة كان لديهم العديد من الخيارات أكثر من الأشخاص الذين يكبرون مع أشقاء آخرين.