الرئيسية / مقالات
معول وليس فأساً بقلم: رامي مهداوي
تاريخ النشر: السبت 05/07/2014 10:18
معول وليس فأساً بقلم: رامي مهداوي
معول وليس فأساً بقلم: رامي مهداوي

 منذ بدء الرواية الإسرائيلية بموضوع اختفاء المستوطنين، وأنا كغيري أجد التخبط الفلسطيني بالتعاطي مع هذه الرواية يزداد يوما بيوم حتى لحظة كتابة هذا المقال، وأخشى أن يتدهور هذا التخبط أكثر وأكثر مما سيؤثر على مسار القضية الفلسطينية وشعبها الذي يعاني جراحا كثيرة تزداد بازدياد عمر الاحتلال الزمني والمكاني.

أن تكتب كلمات تصف، تحلل، تنقد... ليس بقيمة ورهبت وألم الحدث ذاته عندما تجد أطفال شعبك يتم خطفهم وحرقهم أو صدمهم بالسيارة والهروب. ما فائدة النص والكلمة وجميعنا يعلم أين نحن الآن نقف كشعب صامد على بقايا أرض تسرق يوميا. يتحفظ بعض رجال السياسة/ رجال الدين/ النقابيين/ كتّاب الرأي/ المحلل السياسي/ المهتمين/ المستشارين على النَّقد الموجه الى القوى الحزبية/ الحكومة/ أعضاء التشريعي/الرئاسة. ويعتقدون أن كثرة النقد تضعف البيت الداخلي! الجبهة الداخلية!.
ويصرخ البعض بهز ذنبه إلى أبعد من ذلك بالقول: إن نقد القيادة بصفة عامة... م.ت..ف... القوى الإسلامية... يصب في مصلحة العدو الإسرائيلي، ويُبرر للطابور الخامس بأن يثير المشاكل والتوترات مما يؤدي الى توفير غطاء للاحتلال أن يتلاعب بنا كيفما يشاء..!
وعند متابعتي للأحداث كمواطن ينظر الى الواقع من نظرة شاب في بداية خطواته الإعلامية، أجد بأن من يقوم بالنقد من أجل البناء ..التحرر.. الإستقلال... التنمية... تطوير ما يمكن تطويره.. يقابل باتهام لكل صاحب رأي نقدي بكونه سلبي يُمارس النَّقد لمصالح شخصية... غير وطني... تابع لشخص ما.. أو أنه يعيش في عالم مثالي، أو كما كتب أحدهم على صفحته في الفيسبوك مؤخرا في شأن الذين ينتقدون القيادات السياسية" أغلب كتاب المقال في البلد لا يجيدون سوى النقد الهادف الى تدمير قيادتنا الشرعية وإشعال وتخريب البلد بتدميرها اقتصاديا وسياسياً".
ممكن أتفهم بعض الأوقات خطر النقد الذي يهدف الى التدمير كونه نقد فقط من أجل النقد، لكن هناك نقد يجب على القيادة بكافة أشكلها أن تسمعه بأذن ليست من طين، لأن أهمية النقد الذاتي البناء في كونه أحد الأسباب الرئيسة للتقدم بالمجلات المختلفة، وإذا ما أخذنا فقط وأكرر فقط الفترة الماضية التي لا تتجاوز الأسبوعين كان من الأجدر على القيادة السياسية الاستماع لأصوات نقدية مختلفة حول كيفية التعامل مع هذا الحدث من حاجات وتطلعات الفئات والمكونات المختلفة للمجتمع، من أجل العمل على تطوير الأداء السياسي اتجاه الرواية الإسرائيلية لعملية الاختفاء وتبعات ذلك.
الاعتقاد بأن النقد يُعطل العمل هو حجة متهافتة لا تقوى على الصمود أمام تجارب البلدان المتقدمة، التي تُشير إلى أن النقد دافع ليس مانعا عن العمل، وحتى لو قبلنا مبرر التعطيل وهو غير مقبول، فإنه لا ينطبق على حال القوى السياسية المحلية إطلاقا، لأني أفترض مقدما بأنها تخلت منذ فترة ليست بقصيرة عن مسار مناكفة الحكم أو العمل الإصلاحي، وسقطت في دائرة البحث عن المكاسب الخاصة.
حين لا تسمع القيادات صوت شعبها فهي تغامر ليس فقط بمسيرة ومستقبل الحزب وكوادره بل في الوطن ذاته، حين لا يتم نقل الواقع ونبض الشارع من قبل الأفراد_ مستشارين وحاشية ومقربين_ الذين تقع عليهم مسؤولية نقل الواقع كما هو وليس كما تطلب مصالحهم الشخصية لأنهم يريدون الحفاظ على ذاتهم سيصطدم القائد بحائط فشله، والأخطر من ذلك بأنهم يتعاملون_جميعاً_ بعقلية قديمة فعكس على أدائها مما يجعلها أن تستمر ليس بالتراجع إنما السقوط الى الهاوية، إن السبب الأساسي وراء التدهور وفقدان الإدارة العامة هو غياب النقد الهادف البنّاء، فغياب النقد يترجم بولادة الفراغ بالتالي الركض الى الهاوية، أي أننا في حاجة إلى النقد بمنطق نقد السياسة والتوجهات، وليس تجريح وتحريم وذم الفرد.
لهذا نجد أن القيادة الفلسطينية بأطيافها المختلفة تعاني من مأزق يتمثل بحالة الجمود، فكل القيادات الحزبية لم تقدم جديدا خلال المرحلة السابقة من عمر القضية، وأظهرت عجزا في إنتاج خطاب سياسي معاصر، وبدلا من أن تُساهم في صناعة الفعل استمرت في العيش على الأزمات وردود الأفعال، مما جعلها تبحث عن مصالحها، مما جعل من الهدف الأساسي وهو العمل والنضال السياسي كائن مشوه وبات الحصول على منصب هو أقصى ما يطمح إليه قادة الأحزاب.
بكامل قواي العقلية أقول إن بقاء القيادات القديمة التقليدية وتكرراها الأخطاء المستمرة، هو سيد الموقف في ظل غياب المنهجية النقدية، بالتالي يتم تكريس عقلية المجاملة "الطبطبة" السياسية بل وتمجيد الأخطاء، حتى الآن لم نشاهد كشعب أي مظهر من مظاهر النقد الذاتي، فكل القيادات الحزبية.. النقابية... المؤسساتية مالت، إما لتصوير أدائها بأنه فوق النقد والتقييم كالآلهة!! أو أنها قفزت على الأخطاء وتجاهلتها.. وكأن شيئا لم يكن. ومن الضرورة أن ندفع جميعا باتجاه كسر هذا الواقع بتفعيل النقد البنّاء، ليفهموا أن النقد معول لحرث الأرض وزراعتها من جديد، وليس فأسا للتكسير ووالتدمير فالنقد دافع وليس مانعا عن العمل، إنه فرصة للخروج من المآزق التي نعيشها كشعب تعب من واقع ينهار يوم بيوم، النقد الذاتي كان ولايزال هو صمام أمان للمسيرة من التعثر. 
للتواصل: 
بريد الكترونيmehdawi78@yahoo.com
فيسبوك RamiMehdawiPage
 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017