تعتبر المخلفات البلاستيكية من أخطر المشاكل البيئية في الوقت الراهن، حيث تهدد الحياة البرية وحتى حياة البشر.
ومنذ سنوات تحاول دول العالم تخفيض نسبة إنتاج البلاستيك، في مسعى لتخفيف الضغط ولو قليلا على النظام البيئي الذي يواجه تحديات أخرى، مثل الأمطار الحمضية، والمبيدات الزراعية، والمخصبات الكيميائية.
وقد توصلت نحو 180 دولة إلى اتفاق الجمعة، يستهدف تحقيق خفض حاد في كميات مخلفات البلاستيك التي ينتهي بها المطاف في المحيطات حول العالم، بحسب بيان للأمم المتحدة.
واتفقت هذه الدول على تعديل اتفاقية "بازل" من أجل جعل التجارة العالمية في مخلفات البلاستيك أكثر شفافية وتنظيما مع ضمان أن يكون التعامل مع هذه المخلفات أكثر أمانا لصحة الإنسان وللبيئة.
وقال البيان إن "التلوث الناجم عن مخلفات البلاستيك، والمعروف بأنه مشكلة بيئية كبرى تمثل قلقا عالميا، وصل إلى نسب وبائية في ظل وجود نحو مئة مليون طن من البلاستيك حاليا في المحيطات، يأتي ما بين 80 و90 بالمئة منها من مصادر على الأرض".
وأشار السكرتير التنفيذي لاتفاقيات بازل وروتردام وستوكهولم رولف باييت إلى أن المفاوضات التي بدأت قبل نحو 11 يوما وشارك فيها 1400 موفد حققت أكثر مما كان متوقعا.
وأرجع مسؤولون ما تحقق من تقدم إلى تزايد الوعي العام على مستوى العالم بمخاطر التلوث الناتج عن مخلفات البلاستيك على الحياة البحرية.
وقال باييت إن القواعد الجديدة ينبغي أن يكون لها تأثير على تلوث المحيطات وضمان ألا ينتهي المطاف بمخلفات البلاستيك في مثل هذه الأماكن.
بحسب الأمم المتحدة، فإنه يتم شراء نحو مليون قنينة مياه بلاستيكية كل دقيقة حول العالم، بينما يصل استخدام الأكياس البلاستيكية التي تستعمل مرة واحدة إلى 5 تريليونات كل عام. وقد تم تصميم نصف جميع المنتجات البلاستيكية ليتم استخدامها مرة واحدة فقط - ثم يتم التخلص منها.
وفي تسعينيات القرن الماضي، تضاعفت المخلفات البلاستيكية نحو ثلاث مرات مقارنة بالعقدين السابقين، أما في أوائل العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، فقد ارتفع إنتاجنا من النفايات البلاستيكية أكثر مما كان عليه في السنوات الأربعين الماضية.
اليوم، ننتج نحو 300 مليون طن من المخلفات البلاستيكية كل عام، هذا الوزن الذي يعادل تقريبا وزن التعداد البشري على كوكب الأرض.
ويقدر العلماء أن البشر قد أنتجوا نحو 8.3 مليار طن من البلاستيك منذ خمسينيات القرن الماضي، وقد انتهى المطاف بنحو 60 بالمئة من هذا البلاستيك إما في مكبات النفايات أو الطبيعة.
99 بالمئة من البلاستيك يتم تصنيعه من المواد الكيميائية المشتقة من النفط، والغاز الطبيعي، والفحم، وكلها موارد ملوثة وغير قابلة للتجديد.
إذا استمرت معدلات الإنتاج الحالية للبلاستيك، فإنه بحلول عام 2050، يمكن أن تشكل صناعة البلاستيك نحو 20٪ من إجمالي استهلاك النفط في العالم.
كما يمكن أن تتخطى نسبة المخلفات البلاستيكية في البحار والمحيطات نسبة الأسماك بحلول عام 2050، إذا استمر الإنتاج البلاستيكي على هذا المنوال.
وتصب الأنهار حول العالم، نحو 8 مليون طن من البلاستيك في المحيطات والبحار حول العالم سنويا.
وتصب 10 أنهار ما يقدر بـ 90 بالمئة من إجمالي مخلفات الكوكب في المحيطات، مثل نهر تشانغ يانغ، ونهر السند، ونهر هوانغ هي، ونهر هاي هي، ونهر النيل، ونهر النيغر، ونهر ميكونغ، ونهر اللؤلؤ.
ويؤثر التلوث البلاستيكي البحري على 800 نوعا على الأقل من الحيوانات البحرية في جميع أنحاء العالم، وتشمل هذه الآثار وفيات ناجمة عن الابتلاع، والتجويع، والاختناق، والعدوى، والغرق، والتشابك، الذي تتسبب فيه المخلفات.
وتقتل النفايات البلاستيكية ما يصل إلى مليون طائر بحري و100 ألف من ثدييات البحر والسلاحف الحرية والأسماك في السنة، وعندما تبتلع الطيور البحرية البلاستيك، فإنها تأخذ مساحة في معدتها، مما يتسبب في بعض الأحيان في الجوع.
تم العثور على العديد من الطيور البحرية ميتة وبطونهم مليئة بالنفايات البلاستيكية. ويقدر العلماء أن 60 بالمائة من جميع أنواع الطيور البحرية قد أكلت قطعا بلاستيكية، وهو رقم مرشح أن يرتفع إلى 99 بالمائة بحلول عام 2050.
العالم يكافح
بدأت عدد من الدول حول العالم باتخاذ إجراءات قانونية وتنفيذية للحد من المخلفات البلاستيكية.
في كندا، كانت مدينة فانكوفر هي الأولى في حظر الشفاطات البلاستيكية، كما حظر مجلس المدينة توزيع أكواب الشاي والحاويات البلاستيكية، وسينفذ القرار بداية من 1 حزيران/يونيو المقبل.
وفي كوستاريكا، سيتم حظر استخدام المنتجات البلاستيكية ذات الاستعمال الواحد بحلول عام 2021، والتي تشمل الشفاطات، والزجاجات، وأدوات الموائد، والأكواب، والأكياس.
في بريطانيا، أعلنت الحكومة عن نيتها في حظر بيع الشفاطات، وأدوات تقليب المشروبات، وعيدان الأذن البلاستيكية.
وفي نيودلهي بالهند، قررت المدينة حظر جميع المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد منذ عام 2017.
وفي أستراليا، فرضت الحكومة غرامة مالية على متاجر التجزئة الكبرى في جميع الولايات التي تستخدم المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، باستثناء ولايتين.