ونحن على أعتاب الذكرى الحادية والسبعين لنكبة الشعب الفلسطيني العظيمة وكارثة الأمة العربية, وأمام مشاهد مسيرات العودة والزحف العظيم في غزة هاشم وكافة المدن الفلسطينية التي أرعبت دولة الكيان وجعلت من أوصال أقطاب حكومة اليمين الفاشية ترتعد خوفا وتكاد ألسنتهم تلعن سيد البيت الأبيض المجنون (ترمب) لتجاوزه كل الخطوط الحمر, وكل محددات السلام في المنطقة من خلال إعلانه المشؤوم إعتبار القدس العربية الإسلامية عاصمةً لدولة الكيان الصهيوني العنصري الغاصب, وتداعيات ذلك المحتملة على الساحتين الفلسطينية والعربية ومنها احتمالات إيقاظ مارد الثورة العملاق الكامن في الذات الفلسطينية ومعها مئات الملايين من أبناء أمتنا العربية والذي إذا ما إنفجر حتماً لن توقفه كل تلك الترسانة من أسلحة الفتك والقتل والإبادة التي يمتلكها الاحتلال وداعميه الكبار في واشنطن ولندن ,وبالتأكيد شظايا ذاك الانفجار ستطال كل العالم وأصقاع المعمورة ..هذا العالم الذي سيشهد قريباً أفول عصر البلطجة والعربدة الصهيوأمريكية وبزوغ فجر الحرية والتحرير والتطهير الكامل لكافة الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة.
وفي مثل هذا اليوم وبعد مرور أكثر من سبعين عاماً على المأساة الفلسطينية يستذكر فيها شعبنا حجم الكارثة التي حلت به ..حيث ملايين المهجرين من بيوتهم وديارهم بلغت نسبة النصف تقريبا من مجمل التعداد السكاني الفلسطيني ,وذلك جراء سياسة التطهير العرقي العنصري الممنهجة من قبل حكومات الاحتلال الصهيوني النازي المتعاقبة..وحيث مئات الاّلاف من الشهداء الذين أوغلت يد العصابات الصهيونية بدمائهم الزكية الطاهرة ومارست بحقهم أبشع صور القتل والجريمة في مجازر ومذابح جماعية وكذلك حرق الأطفال وهم أحياء بشكل مبرمج وشبه يومي منذ النكبة وحتى يومنا هذا .جرائم يندى لها جبين البشرية بلغت حد إرتكاب جرائم الإبادة الجماعية وجرائم بحق الانسانية وجرائم التطهير العنصري ..وفي السياق لا ننسى سياسة الزج في سجون وزنازين الفاشية الصهيونية التي أتت على قرابة المليون فلسطيني فقط منذ العام 1967م ممن غيبتهم سلطات الاحتلال في أتون معتقلاتها خلف القضبان المظلمة في ظروف قاهرة وقاسية أودت بحياة العديد منهم, وتسببت في إعاقة الاّلاف منهم تحت سياط جلادييهم ومختلف وسائل التعذيب البشعة التي مورست بحقهم والتي تتعارض مع كل المواثيق الدولية الخاصة بحماية الأسرى زمن الحرب.
وفي ظل هذه الذكرى الممزوجة بإعلان (ترمب)المشؤوم تشتعل الأرض العربية ناراً تحت أقدام الغزاة ,وينتفض معها شعبنا مجدداّ على شكل موجات بشرية مليونية قررت السير في مسيرات العودة والزحف نحو الأسيجة والأسلاك الشائكة التي زرعها الاحتلال لتحول دون تحقيق حلم العودة ,وذلك تأكيداً على إصرار شعبنا على خوض الكفاح بكافة أشكاله ومواصلة الزحف النضالي حتى تحطيم أسيجة الاحتلال وكل حصونه وقلاعه مهما كلف ذلك شعبنا من ثمن.. غير مبالين بحجم التضحيات العظيمة في سبيل العودة للديار التي هجروا منها عنوة وعلى طريق دحر الاحتلال وكنس مستوطنيه وتقرير المصير وإقامة الدولة العربية الفلسطينية على كامل التراب الوطني المحتل وعاصمتها القدس الشريف شاء من شاء وأبى من أبى .
وفي إطار هذه الذكرى الأليمة التي وقعت بحق شعبنا الفلسطيني وتالياً بحق الامة العربية المستهدفة بوحدتها ونهوضها وتقدمها لا بد من قراءة جيدة للمشهد السياسي العربي ومحاولة إستنهاض كل عناصر القوة الكامنة في أمتنا وتسخيرها في خدمة قضايا أمتنا المصيرية وفي المقدمة منها فلسطين الجريحة التي تحملت عبر تلك السنين الطويلة من ليالي الإحتلال الحالكة التي تفوح منها رائحة العنصرية البغيضة وأفعال النازية المشينة كل أعباء النضال والكفاح نيابة عن الأمة في مواجهة كل أعدائها وتحديداً الثالوث الصهيوأمريكي والرجعية العربية . وعلى ضوء قراءة المشهد لا بد أيضاً من بلورة إستراتيجية وطنية قومية تعتمد الكفاح الشعبي المسلح طويل المدى في مقارعة الإحتلال وكل قوى الإستعمار وصولاً نحو بزوغ شمس الحرية وإستعادة كامل حقوق شعبنا المغتصبة وإزالة أثار النكبة وما حل يشعبنا الصابر من كوارث ونكبات.
بقلم : ثائر محمد حنني
بيت فوريك – فلسطين المحتلة
أيار - 2019