د. خالد معالي
الزمان، العشر الاواخر من شهر رمضان الكريم، والمكان ساحات المسجد الاقصى المبارك في القدس المحتلة، والمشهد الموجع والمؤلم هو عدد من المستوطنين يدنسون المسجد الاقصى بحماية كبيرة من شرطة الاحتلال، وتشاهد امة الميار ونصف من المسلمين المشهد، دون ان يحرك أحد منهم ساكنا، ودون ان يحشدوا الجيوش لتحرير مسجدهم المقدس من فوق سبع سماوات، ولم نسمع او نرى حتى بيانات الشجب والاستنكار، التي تعود الشعب الفلسطيني عليها.
الصمت عن تدنيس المسجد الاقصى في العشر الاواخر من شهر رمضان، يغري الاحتلال بالمزيد، ضمن سياسة التدرج، فمن امن العقاب أساء الأدب، ولا يوجد من يعاقب الاحتلال في ظل صمت وسكوت امة الاسلام.
تكررت عمليات تدنيس المسجد الأقصى في شهر رمضان بكثافة؛ ولم تتوقف كما جرت العادة فيما تبقى من العشر الاواخر، فالاحتلال يريد تهويد القدس والمسجد الاقصى وبناء ما يزعم انه هيكل سليمان مكان المسجد الاقصى، أو بناء كنيس داخله.
ما حصل لم يكن يحصل في السابق، حيث كان الاحتلال يقتحم ساحات المسجد الاقصى في ايام غير شهر رمضان، وعندما لم يجد ردات فعل للحدث، صاروا يدنسوا المسجد الاقصى خلال شهر رمضان دون العشر الأواخر، والان تمادوا كثيرا وصارت العشر الاواخر لا تراعى حرمتها، كما هي حرمة مئات ملايين المسلمين حول العالم.
الهدف من التدنيس في العشر الاواخر من شهر رمضان واضح جدا، فهي محاولات مستميتة من الاحتلال لكي الوعي السياسي الجمعي للشعب الفلسطيني وللأمة العربية والإسلامية، بزعم أن المسجد الأقصى بني مكان جبل الهيكل؛ الهيكل المزعوم الغير موجود الا في عقول من لوثت افكارهم بعقائد فاسدة.
المسجد الاقصى المبارك، يشكو ألمه حزنه جراء تدنيس المستوطنين له دون حرمة لشهر رمضان، لكن الامة الاسلامية في سبات، حيث تمر في مرحلة في من اتعس المراحل التي مرت فيها عبر التاريخ.
المسجد الاقصى المبارك، من بنايات وساحات وباحات وأورقة وممرات ومساطب، وقبة صخرة والمسجد القبلي وغيرها، له قدسية خاصة لدى الفلسطينيين والعرب والمسلمين، والمس به يعني المس بكل مسلم في العالم.
ما يخفف من حزن المسجد الاقصى ويقهر الاحتلال، هو منظر عشرات الاف من المصلين وهم يزحفون نحوه في رمضان، برتابتهم وسلاستهم بصفوف مستقيمة، فالمسجد الاقصى مسرى رسولنا الكريم، الصلاة فيه ب 500 صلاة، والنفحات الايمانية لمن صلى فيه ليست كغيرها من النفحات في المساجد الاخرى.
ما حصل من تدنيس المسجد الاقصى في العشر الاواخر هو امر خطير جدا، فلا يجوز ترك المقدسيين والفلسطينيين وحدهم يواجهون الاحتلال وصفقة القرن التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية.
من المفترض في ظل تعاظم التحديات، واجماع الكل الفلسطيني على رفض المس بالمسجد الاقصى ورفض صفقة القرن، ان تتعاظم الوحدة ورص الصفوف، لا ان تزيد التناقضات الفرعية، وتطغى على التناقض الرئيس، وما احوج شعبنا الفلسطيني الى كلمة سواء وكلمة طيبة في هذه الاوقات العصيبة، وما احوجنا لطي صفحة الانقسام والتوحد خلف برنامج وطني مقاوم موحد، فالزمن يجري سريعا ولا يلتفت للخلف.