أشارت دراسة شاملة بادرت إليها مجموعة الأزمات الدولية، يوم الأربعاء الماضي، إلى مخطط إسرائيل، أصبح في مراحل متقدمة، يهدف إلى دفع ضم قلب القدس الشرقية المحتلة، من خلال تسجيل كافة الأراضي في القدس الشرقية في سجل الأراضي الإسرائيلي. وفي موازاة ذلك، لا يزال التخطيط جاريا لفصل مناطق في شمال وجنوب القدس، وتقع وراء جدار الفصل العنصري، عن منطقة نفوذ بلدية القدس.
وأورد الصحافي عكيفا إلدار، في مقال في موقع "ألمونيتور" أمس، الثلاثاء، معطيات حول القدس، التي "حاولت إسرائيل طوال أكثر من 50 عاما جذب المزيد من اليهود إلى القدس الشرقية ودفع الفلسطينيين إلى المغادرة". لكن النتيجة، وفقا لمعطيات نشرها "معهد القدس لبحث السياسات" العام الحالي، بمناسبة الذكرى السنوية لاحتلال المدينة عام 1967، هي أن ميزان الهجرة اليهودية في القدس سلبي. ففي العام 2017 غادر القدس 17 ألفا وانتقل للسكن فيها 11 الفا، 96% منهم يهود. وبلغ عدد سكان القدس قرابة 900 ألف في نهاية العام 2017، 62% منهم يهود. "وإذا استمر الاتجاه الديمغرافي الحالي، فإنه بالإمكان أن تتحول إلى مدينة توجد فيها أقلية يهودية بحلول العام 2045".
وأكد إلدار على أن ادعاء الإسرائيليين عن "وحدة المدينة" ليس مدعوما بحقائق، لأن "وحدة حقيقية لا يمكن تحقيقها من دون مساواة مدنية ومن دون توفير خدمات عامة وبنية تحتية متساوية". ولفت إلى معطيات أوردها تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي، في أيار/مايو العام 2018، أفادت بأن 76% من الفلسطينيين و85% من الأطفال في القدس يعيشون تحت خط الفقر. كذلك فإن متوسط دخل الفرد الشهري أقل بـ40% من دخل اليهودي. والبنية التحتية في جميع الأحياء الفلسطينية مهترئة للغاية، كما أن هذه الأحياء تعاني من نقص بالغ بالغرف الدراسية والمباني العامة.
وكتب إلدار أن "القيادة الإسرائيلية، من اليسار وحتى اليمين، تدرك أنه ليس بالإمكان الحفاظ على القدس كلها بحدودها البلدية الحالية، من دون فقدان الأغلبية اليهودية في المدينة. وفشل جميع الحكومات في تربيع الدائرة، أي الحفاظ على الأغلبية اليهودية في المدينة والحفاظ على السيطرة على كافة أنحاء المدينة، بحدودها البلدية الحالية، أسفر عن تحول مزدوج: استكمال الضم في الأجزاء الداخلية من القدس الشرقية، وخاصة منطقة الحوض المقدس، وعزل الأحياء الخارجية الواقعة خارج الجدار الأمني. ويرى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بهذه العملية خطوة نحو انفصال كامل عن الفلسطينيين وضم المنطقة C التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية".
ونقل تقرير مجموعة الباحثين التابعة لـ"مجموعة الأزمات الدولية" عن مسؤول فلسطيني مقرب من رئيس السلطة، محمود عباس، قوله إن السلطة الفلسطينية لن تتعاون مع المخطط الإسرائيلي، وأنه "يجب معالجة موضوع القدس بشكل شامل، وليس على مراحل، وفقا لنزوات إسرائيل".
وعبر محامي فلسطيني يعمل في موضوع الأراضي عن التخوف من أن تسجيل أراضي سكان القدس الشرقية غايته سيطرة إسرائيل على أراضي الفلسطينيين الذين يسكنون خارج البلاد، ثم تحويلها إلى المستوطنين. وتؤكد ذلك الممارسات الإسرائيلية، خاصة في الشيخ جراح وسلوان، حيث يتم تسليم "أملاك الغائبين" إلى الجمعيات الاستيطانية اليمينية المتطرفة، التي تنهب بيوت الفلسطينيين في القدس. ويعتقد مسؤول سابق في السلطة الفلسطينية، حسب تقرير الباحثين، أن عملية تسجيل الأراضي سيتم بالتدريج، بيتا تلو الآخر، وستواجه السلطة الفلسطينية مصاعب في إيقاف هذا المخطط.
ونقل إلدار عن رئيس طاقم الباحثين التابع لـ"مجموعة الأزمات الدولية"، الباحث الإسرائيلي عوفر زالتسبرغ، قوله إن "الدراسة تدل على أن الذين وضعوا الخطة الخماسية الإسرائيلية والذين يطبقونها يتعاملون مع القدس الشرقية كما تتعامل مع مدن عربية ’عادية’، كالناصرة مثلا. ولذلك يستخفون بشدة ردود الفعل على دفع المخطط قدما".