نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية تقريرا تطرقت فيه إلى تبعات إطلاق موقع فيسبوك لعملته الرقمية الجديدة "ليبرا"، التي ستمثل طريقة مستحدثة لدفع تكاليف العديد من الخدمات والحصول على العائدات الإعلانية للمسوقين وصناع المحتوى.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن اقتحام شركة فيسبوك لعالم المال قد أثار تساؤلات حول مدى تأثير عملتها الرقمية الجديدة على الخدمات المالية التقليدية.
ومن جهتها، وعدت الشركة بإنشاء عالم يُستغنى فيه عن وساطة البنوك ومقدمي خدمات الدفع الأخرى عن طريق استخدام عملتها الجديدة "ليبرا"، مما سيتيح إجراء تحويلات مالية دولية فورية وذات تكلفة منخفضة للغاية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في حال اعتمد مستخدمو موقع فيسبوك، البالغ عددهم 2.4 مليار شخص، هذه العملة فإنه سيكون لها تأثير هائل على دور البنوك المركزية.
وقد أكد مدير التكنولوجيا التنفيذي في شركة "ترانسفير وايز"، هارش سينها، أن شركته مرت بعمليات تنظيمية طويلة لإنشاء شبكة لنقل الأموال في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الحصول على إذن من كل ولاية أمريكية، مشيرا إلى ضرورة بذل جهود مكثفة للتأكد من مصدر الأموال والتحقق من صحة الشيكات لمكافحة التزوير وغسيل الأموال.
وذكرت الصحيفة أن مساندي استخدام هذه العملة الرقمية أشاروا إلى ضرورة الحصول على الموافقة من قبل الجهات التنظيمية في الوجهات الكبرى التي يقع تحويل الأموال إليها، على غرار الهند والمكسيك، وكذلك داخل الولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن يمثّل هذا المشروع الجديد عبئا إضافيا، لأنه سيضيف عملة جديدة إلى العملات الموجودة، مما يجعل مهمة التحكم في التضخم في بعض البلدان مهمة صعبة، لا سيما في البلدان التي تسيطر عليها رؤوس الأموال.
وحيال هذا الشأن، قال مسؤول في أحد البنوك المركزية في منطقة اليورو: "حتى الآن، لم يكن استخدام العملة المشفرة واسع النطاق بدرجة كافية لتثير قلق البنوك المركزية"، مضيفا أن "حجم قاعدة مستخدمي فيسبوك والحجم الهائل لهذه الشركة لم يسبق له مثيل".
وفي الوقت الحالي، يراقب المصرف المركزي هذا المشروع عن كثب وينتظر ظهور المزيد من التفاصيل حوله.
ونقلت الصحيفة عن محافظ بنك إنجلترا، مارك كارني، أن البنك المركزي سيتعامل مع عملة ليبرا "بعقل مفتوح" ولكن "لن يفتح الأبواب أمامها". أما في الولايات المتحدة، تحفّظ المنظمون عن إبداء أي تعليق، على الرغم من أن هيئة المتاجرة في السلع الآجلة أفادت بأن هناك محادثات جارية مع شركة فيسبوك في هذا الخصوص.
بالإضافة إلى ذلك، أوضح الرئيس التنفيذي لشركة "موني غرام" العابرة للحدود والمتخصصة في تحويل الأموال، أليكس هولمز، بأن "كل ما ترغب شركة فيسبوك في القيام به هو التحقق من مدى صحة البلوكشين والعملة الرقمية، وتقديم رؤية توضيحية للعالم في المستقبل، كما أنها تسعى للحد من تعقيدات [نقل الأموال] عبر الحدود والمسؤوليات القانونية والتنظيمية المترتبة عنها".
كما نقلت الصحيفة عن مسؤول تنفيذي بقسم المدفوعات في أحد البنوك العالمية الكبرى أن هناك "الكثير من الارتباك" حول كيفية تعامل المنظمين مع العملات الرقمية.
كما أورد مسؤولون تنفيذيون في العديد من البنوك الكبرى أن البيئة التنظيمية التي تتسم بعدم اليقين تمثّل أحد الأسباب الرئيسية لعدم مشاركتهم في هذا المشروع، علما بأن البنوك لم تكن من بين الداعمين الأساسيين لهذه العملة الرقمية.
وأكدت الصحيفة أن تبني هذا المشروع كان القضية الرئيسية الثانية التي سُلط عليها الضوء. وتكمن الصعوبة في إقناع التجار الذين عادة ما يترددون في اعتماد تكنولوجيات بسيطة للموافقة على قبول الدفع باستخدام عملة تتذبذب قيمتها مقابل العملة المحلية التي يجب على التاجر استخدامها لدفع ضرائبه وإيجاره.
ونوّهت الصحيفة بأن شركة "موني غرام" تملك مصالح، شأنها شأن شركات المدفوعات عبر الحدود الأخرى والبنوك، لمعرفة خطط فيسبوك المستقبلية، خاصة وأنها تبحث عن سبل للتخلص من الوسطاء ذوي التكلفة العالية، والانتشار في السوق.