بقلم :فراس الصيفي
– الكلمات السلبية التي يشتم بها الطالب مدرسته وامتحاناته وحتى في أغلب الأحيان معلميه، نتيجة صعوبة امتحان أو ثقل هم مادة يدرسها في المدرسة هي نتاج تربية خاطئة بالطريق الأول ونتاج تعليم سيء بالدرجة الثانية وقلة تخطيط لجيل المستقبل، فكلما ارتبط التعليم بالتربية كان لها أجرين، أجرٌ في السلوك وأجرٌ في الفكر، وإذا ما فُقد الإثنان انهارت القيم والأخلاق وبقيت الشكليات الدراسية والأعداد الهائلة من الطلاب هي فقط أرقام ومناظر خداعة لا تسمن ولا تغني من جوع.
بعد كل نهاية فصل دراسي نواجه مكبات عشوائية في شوارع القرى والمدن والمخيمات لأوراق الكتب الدراسية التي أخذت مجهوداً عظيماً في إعدادها، وترى الوحدة الرابعة من الكتاب ممزقة على شجرة التين والوحدة الأولى بالقرب من حاوية للنفايات لا تبعد عنها سوى أمتارٍ قليلة، كدليل على أن لا شيء مهم في هذا الكتاب ليبقى سليماً برؤية طالب العلم منه.
ما يمنع الرؤية هو مناهجنا الثقيلة، ومساؤلها المعقدة، وتفاصيلها المملة والتي أرهقت عقولنا وأتعبت أجسادنا ولكنها لم تعطِ أفكارنا شيئا إضافياً، لأنها اعتادت على نموذج البصم والحفظ لا الفهم والتطبيق ومعايشة العلم الحقيقي والبحث العلمي.
هنا نقف لحظة حاسمة تجاه واضعي المناهج في وطننا، ونفكر برهة كيف استطاعوا أن يدركوا ما هي احتياجات الطلاب في كل مرحلة دراسية ؟ وكيف لبّى هؤلاء "الرسل" وقائع هذه الاحتياجات ولامسوها بالعلم الذي وضعوه؟ وهل أدركوا أن الطلبة لا يتساوون بالاهتمامات الدنيوية والعلمية، وأن لهم عقلاً واحداً ذكياً ولكن كلٌ في مجال مختلف؟؟ وتزيد التساؤلات: ألم يأخذوا من الوقت ثانية لتقييم اهتمام الطلبة في مرحلتهم الأساسية؟! ألم يجلسوا مع أولياء أمورهم ليقولوا لهم: ماذا يميز ابنكم؟ بماذا يهتم؟ ما الذي يسعده؟ ما الذي يزعجه؟ هل يشتت انتباهه أي شيء؟ هل ينام مبكراً؟ والكثير من الأسئلة التي تواجه واضعي علم المدرسة في توجيه الطلاب لصفوف ذكية، ولعل أصحاب علم النفس في تقييم الأطفال والآخريين يعلمون أكثر مني في هذا المجال وحول الأسئلة التي يمكن أن يتشاركوها مع واضعي المنهاج العقيم.
ماذا عنكم أولياء الأمور؟ ماذا فعلتم لتجعلوا أبناءكم مبدعين ولا يمزقون كتبهم المدرسية؟ هل وضعتموهم في محور اهتماماتهم أم أجبرتموهم على أن يسلكوا طريقاً لم تستطيعوا أنتم أن تسلكوه في الماضي لتقولوا للآخرين: " أنظروا هذا ولدي يتعلم كذا وكذا ..." وتفخرون بما لم تنجزوه أنتم!! هل شاهدتم ابداعاتهم منذ الصغر بكراساتهم، وبألعابهم، بمواهبهم الفنية والرياضية وحتى تلقي المعلومات بالشكل السريع؟ هل دربتموهم على أشياء كثر لتكتشفوا بماذا يبدعون؟ أم بقيتم تريدونهم أطباء ومهندسين ومحامين مثلكم يمشون على خطىً لا يرغبونها.
شجعوا أبناءكم على العلم الحقيقي لا على آمالكم أنتم وأحلامكم أنتم فإن لهم أحلاماً منذ الصغر لو ساعدتموهم على تحقيقها لأصبحوا من علماء وأطباء ومهندسي ومخترعي العالم الحالي.
قبل أن تلوموا الطلاب لوموا أنفسكم كمربين وكمعلمين وكمخططين لهذا الجيل، فلولا فشلكم في دراسته وتدبيره نحو الأفضل لما وصلوا ليمزقوا كتاباً مليئاً بالعلم الصالح ولكنه موجود في ظروف خاطئة.