memantin iskustva memantin alzheimer memantin wikipedia"> memantin iskustva memantin alzheimer memantin wikipedia
">بدأت الشمسُ بالذبول، كأنها تخبرني أن الوحدةَ هي الزاوية الضيقة التي ستكون بيتك، حينَ ودعني خيطها الاخير وجدتُ نفسي افقدُ شعاع الأمل، الاسئلةُ تتكاثر في خاطري ولا اجابة تسعفني للهدوء، احاول لملمة افكاري المنتشرة بسرعةِ دقات قلبي، الا أن الكلمات التي نطق بها الجندي اعادتني الى فراغ الحيرة، سيأتي المحقق.
قاطعني صوتُ الباب الذي اغلق بقوة مُحدثاً ضجة تثير الريبة، يدخل شخصٌ قصير القامة اصلع الرأس بملامح بارزة يبدوا أنه في سنيه الثلاثين، سحب الكرسي قليلاً جلس واعتدل في جلسته، يبدوا أنني لست موجود في الغرفة قلت لنفسي فتصرفاته توحي بكمٍ من التجاهل نحوي، قَلّبَ كفيه بعد أن نفخَ بهما وكأن صيدهُ الثمين يتوافق مع مقدار حبه لخدمةِ دولته ، صمتَ قليلاً ثم القى ببصره نحوي ليقول : كيفك احمد؟ انا المحقق يوري، اجبت اهلاً يوري.
كان هدوءه اشبه بتلك العاصفة التي ترسلُ جنودها لتكبل كل شيءٍ بحديد الصمت، لم اتوقع ذات يوم ان اقف امام محققٍ ينهالُ علي باسئلته التي تكدر خاطري وتبعثر بنيانه، حين قال: غَلَّبوك على الطريق؟ صمتُ فجأة واخذت الاسئلةُ تقذف سهامها نحوي، مَن هم؟ ألست مثلهم؟ فنطق لسني ليقول لا لكن اين انا، كان لبرودة اجاباتهِ نارٌ تكوي انتظاري واسئلتي التي اصبو لاجابةٍ واحدة لا اكثر، أنت ضيف عنا بعسقلان، أجابَ وكأن البلاد التي كانت تسمى فلسطين اليوم تبدلت لتصبح غير الارض التي اخبرنا الاباءُ عنها، تبدلت معالم الوانها وروحها وجسدها ولغتها، اصبحنا ضيوف اذن ليس في بلادنا فقط بل في سجونِ ظلمهم.
قطع حديثه سكة افكاري بل اسئلتي التي كادت تنفجرُ في رأسي بغير مُوَقتٍ لها، قال بلكنةٍ يغلبُ عليها السخرية: شكلك ابن ناس لماذا تفعل افعال تضر بك؟ تنهدتُ الهنيهة استعداداً للكلام فقاطع تنهدي سؤلاٌ اخرَ نقلني من خوفِ التحقيقِ الى التفكر فيه، حين تبسم بسؤاله ليقول: بتحب؟!
شعرتُ ببرودةٍ تسري في جسدي حولت الدم المتدفق من شدة الخوف الى سيلٍ عارم يحمل الشوقَ واللهفة، اخذني الصمت قليلاً لينطق قلبي بلساني نعم، حينها وجدتُ الكهرباء الخفيةَ التي تنير القلب قد ازاحت غمةً ألَمّت بي، خفق قلبي نعم بلهفةِ المُحب لا بغثيان الخائف، حينها أتت تلك الجميلة الغريبة من دهاليز الظلمة لتمسحَ بيديها على جبيني وتبسمت فسكنتُ بين الشوق اليها في مكانٍ يضيقُ كلما اتسع.
نحى التحقيق شطراً مختلفا عن ذاك الذي رسمته في نفسي، فأخذ يخوض في خضم الشخصنة أسئلةٌ عن اهلي اصدقائي عملي بلدي، وكل الاجاباتِ معروفة لا اسرار لدي تُغَيرُ من ملامحي عند سؤالٍ غير متوقع، كنت افكرُ أن هذا الجيش الذي لا يُهزم هو عاجزٌ في اصله لولا كثيرٍ من المساندة، من الغريب والقريب، مرت ساعتان الى الان ربما او اكثر لستُ أدري فالزمن لم يعد يقاسُ بالوقت، وعقاربُهُ تلدغني تفكيراً.
نهض يوري فجأة سار نحو الباب نظرَ إلي وقال:سأجلبُ فنجان قهوة أتريد؟ قلت سادة لو سمحت هز برأسه وانصرف.
كم انا بحاجة الى الاسترخاء ربما يكن في بعض القهوة اتزانُ الكون في رأسي، ربما يحررني فنجانُ القهوة قليلاً من الاصفاد التي انهكتني، حين عاد يوري حاملاً معه فنجان قهوة واحد اخذني اليأس الى الحقيقة التي تقول أنني اسيرٌ هنا، مكبلٌ في قيود الظالمين.
جلس يروي ورفع قدميه على كرسيٍ مقابل، نظر إلي نظرةً اثارة خوفي لينطلق، بدأ بطرح اسئلتهِ باسلوبٍ مختلف ونبرة اشبه بالصراخ بل هي كذلك، قال: انت بتعرف ليش انت هون؟ صَمَّتُ حتى يهدأ خوفي ليس مما اواجه بل من ارهاقِ يومٍ طويل، اجبتُ لا، كأن اجابتي كانت العد التنازلي لانفجار غضبه، نهض بقوة ليصرخ في وجهي لا انت بتعرف ليش انت هون لانك مخرب.
مخرب، اي كلمة هذه، التي تعني الكثير لكل فلسطيني، مَن المخرب؟ الذي سُرقت بلاده وقتل شعبه وهجر اهله واسر اقرانه، مَن المخرب؟ نطقتُ بكل قوة أنك تملك معلوماتٍ خاطئة، اخذته ضحكاتٍ اشبهُ بتلك التي تعودنا عليها في برامج الطفولة التي ترتسم بخبث والمكر والشر على اوجهِ اصحاب الشر ، قال هون كل المعلومات صحيحة، كانت ردةُ فعلي اكبر اشبهَ بسباق الرعد والبرق قلتُ انا لستُ مخرب ولا تتعب نفسك انا لستُ كذلك.
سادَ صمتٌ مخيف على المكان، فأخذ يحوم حولي كما يحوم المفترسُ على فريسته، بدأ يوري يتمتم بكلماتٍ عبرية لا افقه منها اي شيء، وبدأت نفسي تفكر بما هو آت، وكل الافكار كانت ترتدي احتمال السوء، صرخ فجأة ليقول: انتم دائما تنكرون لكن سوف تتكلم كل الوسائل سوف تجبرك على الكلام والاعتراف، فاعترف من البداية ولا تتعبنا ووتعب نفسك؟ تنهدتُ وقلت ماذا اقول؟ كان سؤالي بمثابة الكنز المنتظر الذي يحملُ كل انواع الجواهر، هو الصفحةُ البيضاء التي سَيَخُطُ عليها ما يشتهي هكذا بدى لي حين قال الآن بدأت تفهم.
خطى يوري الى لوحٍ موجودٍ في الغرفة أخذ قلماً وبدأ برسم مثلث، وقتها لا اعلم لماذا بدأت بوصلتي بالترنح واخذ سفينتي اليأسُ ليحطم اشعرتها، لكن الفلسطيني لا ييأس هكذا قالوا لنا قديما والتاريخُ يشهد، صدمني ما كتب في زوايا المثلث الذي يدورُ مع دوران افكاري،تنظيم مسلح، تصنيع سلاح ،و خطف جنود.
ضحكتوالتعب يجر حروفيمن مثلث برمودا الذي يبتلعني لتخرج كلماتي مدموجةً بكثيرٍ من الاسى والتعجب لأقول: ماهذا؟ أهذه اتهامتي توجهي لي؟ انا اكبر انجازات الوطنية ضرب حجر، قاطعني بقوله: "مالك احمد انا جايبك لهون على ضرب حجر؟ لا حبيبي".
مرت الساعة والحديث لم يتغير، فقط انا المخرب وهو المحقق، من حجرٍ القيتهُ اصبحتُ مخربا كما يدعي، لها نحن الفلسطينيين متهمون دائما كلٌ منا تهمةٌ تسري على الارض وسيكون لكلٍ منا ملف لدى الاحتلال، التهم موجودة تنتظر الاشخاص حتى أولائك الذين يرون في منامهم وطنا يسمى فلسطين، لكن قلبي يخفق بشدة ويردد هي مقومة وليست تخريب ايها الارهابيون.
قاطعَ صمتي ليقول: فكر بجدية اكبر،اذهب الى زنزانتك ولن تخرج منها الا للاعتراف، ارقد بها الف سنة لكن اريد معلومات فقط ولا جدال ولا مناقشة بأي شيء، ثم انصرف.
دخل الجندي نفسه الذي اتى بي الى الغرفة، سرتُ وانا مكبل الفكر منهك الجسد، لم تكن تؤلمني الاصفادُ التي تقتلع معصمي وقدمي من شدةِ ضيقها، بل الاعترافُ بشيءٍ لم افعله، شعرتُ ان العالم يدور حولي وأن رأسي اشبه بجبلٍ اصابهُ زلزالٌ قوي بدأ ينهارُ بافكاره، وصلت الزنزانة فك قيودي ثم دخلتُ عالمي الجديد، عالمٌ لا نور فيه بل ظلمةٌ موحشة كلما فتحت عينيك ابتلعتك.