الرئيسية / مقالات
ترامب.. «كابوس» يطارد نتنياهو قبل الانتخابات !
تاريخ النشر: الأربعاء 28/08/2019 20:56
ترامب.. «كابوس» يطارد نتنياهو قبل الانتخابات !
ترامب.. «كابوس» يطارد نتنياهو قبل الانتخابات !

بقلم: حيمي شليف
صرح دونالد ترامب، أول من أمس، كمن يحاول التخريب المتعمد لفرصة نتنياهو في الفوز في الانتخابات، أو كأنه براك اوباما، أو الصندوق الجديد.
أحرجت التصريحات المتسامحة للرئيس الأميركي تجاه إيران في قمة الـ "جي 7"، والخطوات الدبلوماسية الخفية التي سبقتها، نتنياهو، وأضرت بهيبته، لا سيما على خلفية التصعيد الشديد في المواجهة بين إسرائيل وطهران، التي حدثت بموازاة ذلك.
ولكن أيضا أقوال ترامب عن العدو الذي تحاربه إسرائيل مقدمة فقط لجهنم التي تنتظر نتنياهو وراء الزاوية.
يكفي التفكير بصورة مبتسمة يمتدح فيها ترامب روحاني بمستوى الحميمية التي يحتفظ بها للطغاة الذين يهددون الولايات المتحدة، بدءاً من بوتين وحتى كيم جونغ أون، كي تثير الانفعال والذعر والهستيريا في مكتب رئيس الحكومة. وليس فقط فيه.
هكذا يتم التعامل مع شخص، هكذا سيقول منتقدو نتنياهو، الذي وضع مصيرهم ومصير أمته في أيدي رئيس غير مقبول ومتقلب وليس لديه ولاء إلا لنفسه ويتعامل مع العالم كساحة ألعاب خاصة به، والذي في اليوم الأول يقوم بإمطار النار والكبريت على الإيرانيين ويهددهم بالتدمير، وفي اليوم التالي يتسامح معهم، بل يقترح، دون أن يطلب منه أحد ذلك، فتح خطوط اعتماد لهم.
في اليوم الأول هم بالنسبة له إرهابيون من الصعب إصلاحهم، وفي اليوم التالي هم بالنسبة له أشخاص جيدون ومعقولون، وكل ما في الأمر أنهم يريدون مصلحة شعبهم ودولتهم.
إن مجرد استعداد ترامب للتعامل مع جهود رئيس فرنسا مكرون من أجل التقريب بين واشنطن وطهران من أجل تجديد الاتفاق النووي، يمكنه أن يشعل الضوء الأحمر في مكتب رئيس الحكومة.
سنوات من الجهود الكبيرة، التي بذلها نتنياهو في تعليم وتربية ترامب، يمكن أن تذهب هباء بسبب نزوات الرئيس وضعفه ازاء استخذاء من النوع الذي يهمسه مكرون في أذنه.
الدبلوماسية التي أظهرها ترامب، أول من أمس، تجاه طهران لا تتلاءم مع استراتيجية نتنياهو الشاملة التي بلورها مع حلفائه في الادارة الأميركية ومع محيطه.
استهدفت الخطة عزل طهران، وخنق اقتصادها من خلال فرض عقوبات مؤلمة وتهديدها باستخدام القوة العسكرية الشديدة الى أن تركع على ركبتيها. أحد العيوب القاتلة في الخطة المحكمة، اضافة الى اخطاء ومزاج الرئيس، هو أن البدء في تطبيق الخطة أدى الى فصل وخلاف بين الدول العظمى، التي وقعت على الاتفاق النووي الأصلي. فبدلا من أن تجد إيران نفسها معزولة في العالم فان الدول الاوروبية تحولت الى وسيط من قبل إيران، وترامب بالذات وجد نفسه في عزلة شديدة.
في ظل غياب الدعم الدولي، زادت أهمية البديل: تهديد مباشر باستخدام القوة العسكرية الكثيفة للولايات المتحدة. ولكن في حينه ظهر خلل آخر. فبعد أن أوضح التوتر الأخير في الخليج الفارسي للجميع، بمن فيهم إيران، بأن ترامب غير معني بتصعيد أو اشتعال. وبالتأكيد ليس في منطقة غنية بالنفط التي يمكن للمس بها أن يحدث اضطرابا عالميا يؤدي الى ركود الاقتصاد الأميركي. وكل ذلك يأتي في بداية سنة انتخابية للرئاسة. مع كل الاحترام للصداقة المدهشة مع نتنياهو والتزامه القوي بأمن إسرائيل، إلا أن هناك للرئيس سلم أولويات.
مع ذلك، الانعطافة الحادة، على الاقل ظاهريا، التي أحدثها ترامب في مقاربته تجاه طهران يجب رؤيتها على خلفية التقلبات التي أصابته، الأسبوع الماضي، التي فيها ظهر مستقرا بدرجة اقل وسوقيا بدرجة اكبر كما هو في العادة. رئاسته كانت مشابهة في هذا الاسبوع لقطار شياطين، فقط محاولة متابعة تعرجاته تثير الدوران والغثيان.
قام ترامب بتصعيد الحرب التجارية مع الصين، وأسقط الأسواق، وأحرج المستثمرين الى أن قرر، أول من أمس، أن رئيس الصين هو شخص يمكنه تدبر أمره معه بالتأكيد. ولا نريد الحديث عن هجومه المبتذل على يهود أميركا وتبجحه كي يكون وريث الملك داود والمسيح معا. وإعلانه، أول من أمس، الذي يمكنه ايضا أن يصعب على نتنياهو، بأن خطة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين يمكن نشرها حتى قبل الانتخابات.
إن تقلب ترامب كان يمكن أن يشكل ضوء تحذير لنتنياهو، أن لا يضع كل آماله على الرئيس على حساب مكانة إسرائيل وعلاقتها مع الولايات المتحدة ومع العالم.
السخرية هي أن عدم الاستقرار ذاته، الذي يحول مراهنته الشاملة على ترامب الى فوضى خطيرة، يمكن أن تمنحه الملاذ من انتقاد الرأي العام. دعكم من ذلك، سيقول رجال حملة نتنياهو عن الرئيس الذي قاموا بتتوجيه كمخلص إسرائيل.
ترامب معروف كمن لا يقول ما يفكر فيه، والعكس صحيح، هو سينقلب مرة اخرى على الإيرانيين قريبا بدون أن يرمش.
المهمة المستعجلة جدا لنتنياهو في الـ 21 يوما التي بقيت على موعد الانتخابات هي اخفاء آثار الانطباع الواضح الذي تركه ترامب، أول من أمس. وهو أنه في الحقيقة لا يحسب أي حساب له أو لسيناريوهات جهنم الإيرانية. للمرة الاولى، ربما منذ بداية ولاية ترامب، ينكشف نتنياهو عاريا على حقيقته هو والسياسة التي اتبعها. نتنياهو ومن يؤيدونه يجب عليهم الصلاة، الآن، من أجل أن لا تسيطر عليه مرة أخرى الرؤية المشوهة التي يتخيل فيها ترامب نفسه بأنه صانع سلام عالمي يستحق جائزة نوبل، على الأقل في الوقت القريب.
نتنياهو بحاجة الى ثلاثة أسابيع اخرى من تبلد الاحساس واستمرار الخيال الذي باعه لمؤيديه في إسرائيل وفي الولايات المتحدة وكأن إخلاصه المطلق لترامب هو استراتيجية مبدعة، وليس مراهنة فوضوية وغير محسوبة بحيث يتحول نتنياهو الى الضحية الاولى فيها، قبل أن تشعر دولة إسرائيل وتجرب على جلدها كل أضراره وتفاهته.

عن "هآرتس"

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017