يجلس محمد عوض بهنجاوي من مخيم بلاطة شرق نابلس على كرسي يلتفت يمنة ويسرة باتجاه الصوت، يمسك بيد ابنه الصغير فجر، والذي بات فجره ونوره بعد أن فقد بصره نتيجة مرض أصابه.
بهنجاوي الذي يعيل أسرة مكونة من أربعة أطفال أكبرهم تبارك (13 عاما) وأصغرهم فجر (أربع سنوات) يتحدث بألم وحرقة ما حل به "أصعب شيء أن يطلب منك طفلك شيء، ولا تستطيع تلبيته، أراهم حولي ولا أراهم، اشعر بوجودهم، افتقد رؤية ضحكاتهم".
وفقد بهنجاوي بصره قبل ثلاث سنوات نتيجة ضعف في البصر متوارث في عائلته، وأدى ذلك إلى شبكية العين، وفاقم وضعها عمله في البناء "القصارة"، التي استمر فيها لحاجته الماسة لمصدر رزقن مما أدى إلى فقدانه البصر تماما، وأقعده عن العمل.
وضع صعب تعيشه أسرة البهنجاوي بعد أن فقد معيلها العمل، ففي منزل لا تبلغ مساحته 50 مترا لا تدخله أشعة الشمس وتحيط بجدرانه رطوبة أثرت بشكل كبير على صحة أطفاله، التي تطغى على وجوههم الحزن والألم.
ويقول بهنجاوي " حاولت مرارا أن أجد عمل يناسب وضعي الصحي الحالي، لكن للأسف الشديد، الرفض كان دائما بالمرصاد، نعتمد على ما يصلنا من الشؤون ووكالة الغوث، ولكن ذلك لا يكفي فهي لا توفر الحد الأدنى من المصروف، أنا عاجز على أن أقدم لأطفالي أي شيء، لا استطيع مواجهتهم واخجل منهم كثيرا".
ولا يقتصر الأمر على فقدان الأب بصره، فالأطفال جميعهم يعانون من ضعف البصر بسبب مرض وراثي، وتتخوف والدتهم من أي يصابوا بالعمى كأبيهم مع الوقت، ويتطلب علاجهم مبلغ من المال لا يستطيع الأب توفيره بهذه الفترة.
كما أن ضعف بصرهم سبب لهم مشاكل عديدة بحياتهم الاجتماعية، واثر على تحصيلهم العلمي.
بغرفة صغيرة جدا يتكدس الأطفال الأربعة مع الثلاجة والغسالة، دون أي منفذ للهواء يعيشون في وضع مأساوي وفقر طال وجوههم الصغيرة، التي نبدى الشحوب عليها.
يتمسك فجر بوالده، وهو يتحدث عن حاله "اشعر بالذنب الكبير اتجاه أطفالي خاصة ابني عامر، الذي ترك مدرسته حتى يرافقني في تنقلي".
وتبدي زوجة البهنجاوي قلقها على صحة أطفالها، وتتنمى مساعدتهم في علاج أطفالها وإيجاد عمل لزوجها، حتى يتنسى لهم متابعة حياتهم وتحسين وضعهم المعيشي.
تعليق المقدمة: معالي حسنين
تقديم: دجى مسروجة
تصوير: محمد غسان ذوقان & باسل تيسير نصر الله