نهارٌ رمضاني صاخب على غير عادة, فهذا منزل في الجوار تضج فيه الزغاريد والأغاني الشعبية محتفية بنجاح ابنها, وهناك آخر وآخر تطلق منهم المفرقعات والألعاب النارية بغزارة معلنتاً نتائج أبنائها بالثانوية العامة, وهناك آخر تصدح من عقره السماعات بأغاني الفرحة والنجاح, وطرق ملئى بضجيج زمامير السيارات فرحة بنتائج الثانوية العامة في الضفة الغربية, وهناك ليس ببعيد منزل في غزة يضج بالنحيب والدموع يبارك نتيجة باهرة لطالب ارتقى شهيداً قبل النتائج!
ألعاب نارية هستيرية
منذ ساعات الصباح الباكر وحتى قبل اعلان النتائج استيقظ الناس على أصوات الألعاب النارية والمفرقعات يقول ن.ل من مدينة نابلس "منذ ساعات الصباح بدأ اطلاق الالعاب النارية بوتيرة عالية ومزعجة للغاية" ويتساءل "بلحظة نسينا كل ما نعانيه؟".
وتقول ك.م من سفليت "الوضع مزعج للغاية وليس فقط هنا وانما في جميع القرى والمدن بالضفة الغربية, اطلاق الألعاب النارية يتم بكثافة وبشكل عشوائي ومستمر, المعظم منزعج, لدينا اطفال صغار يفزعزن من هذه الاصوات" وتضيف ناصحة الطلاب الناجحين والمبتهجين "نحن بحاجة لشباب واعي وأكثر رقي ومسؤولية وفهما للواقع والظروف".
ومن طولكرم تعلق م.خ "أعلن أكثر من مرة في مكبرات الصوت بالمساجد, بالتوقف عن اطلاق المفرقعات والألعاب النارية, احتراما لحرمة رمضان وحرمة الشهداء, ومراعاة لظروف الناس وعدم الافراط في ازعاجهم, ولكن لا حياة لمن تنادي".
ومن جانبها تبارك الدكتورة فدوى عودة من تربية وتعليم طولكرم للناجحين قائلة "لا مانع من الفرح لكن تذكروا أن نصف الجسد الفلسطيني ينزف مدافعا عن كرامة أمة ماتت, فعار علينا ان نطلق المفرقعات ونهدر الاموال ونصفنا الثاني يحارب بأقل القليل".
مع أم ضد المفرقعات
ويقول المواطن م.ن من رام الله "حقا المفرقعات مزعجة جدا ولا تمت للفرح بصلة, بل هي غباء وتخلف شباب مجتمعنا يقيمون الدنيا بها, هل نحن فعلا كما قال فينا نزار قباني: لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية؟!"
تقول ع.م " اطلاق الألعاب النارية شيء مؤسف حقا في ضل هذه المجازر, قديما كانت فلسطين كلها تعلن الحداد لشهيد يرتقي, أما اليوم مجزرة ترتكب في حق فلسطين وكأن شيئاً لم يكن, فأي قوم نحن نحتفل ونرقص على أشلاء قتلانا وآهات جرحانا"
الدكتور عادل الأسطة البروفسور في جامعة النجاح الوطنية يقول" نجحت في التوجيهي منذ زمن , وكنت الرابع في الضفة الغربية والتاسع على المملكة ذكورا, لم أطلق المفرقعات ولم أحتفل حتى بنجاحي, اقتصر الاحتفال على طبل وأغان داخل حدود بيتنا"
ويستنكر الأسطة اطلاق المفرقعات مخاطبا المواطنين "هذه المفرقعات ليست من الأدب, يا ناس اعقلوا, فالمفرقعات تشترى من المستوطنات".
ومن جانبه يعتبر المحامي س.أ أن اطلاق الألعاب النارية تعبيرا عن الفرحة بنتائج التوجيهي حق لهم ويضيف " نحن شعب يصنع من رحم المعاناة لحظة فرح".
وتؤيد ش.س "نحن نفرح لأبنائنا ولم ننسى أبدا شهداء غزة, لكن من حقنا أن نفرح في يوم هو حلم حياتنا ومناها انتظرناه كثيرا, فلا تستكثروا علينا الفرحة".
الضفة وغزة قلب واحد
في غزة كم هي مؤلمة صورة تلك الأم التي نزلت توزع الحلوى على الناس في الشارع بنجاح ابنها (الشهيد), حيث تشير الاحصاءات أن أكثر من عشرين طالب وطالبة ارتقوا شهداء في المجازر الاخيرة على غزة.
ودوما كانت الضفة وغزة قلبا واحدا تمثلان فلسطين الجسد الواحد, فهناك الكثير من الطلاب في الضفة كانت فرحتهم معقولة, وبهجتهم متزنة ومسؤولة, فكما أوردت العديد من صفحات موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك), أن الطالب الأول على فلسطين والذي حصل على معدل 99 في الثانوية العامة, قال" لن نحتفل وأهلنا يقصفون".
وأهدى عددا من الطلاب والطالبات المقدسيين نجاحهم لغزة وأهالي غزة, رافعين عدد من اللافتات كتب عليها عبارات مثل "نهدي نجاحنا لغزة" و"غزة المقاومة زفينا".
كما وانتشرت الكثير من العبارات والصور تنصح بعدم اطلاق الألعاب النارية كان منها صورة كتب عليها "لا توقظوا شهداء غزة بمفرقعاتكم, دعوهم يخلدوا بسلام, فقط في غزة العديد من الذين نجحوا في التوجيهي شهداء الآن!"