“القدس العربي”
في محاولة أخيرة لتأمين استمرار حكمه وإفلاته من سجن محتمل، يواصل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التحريض على فلسطينيي الداخل تارة، وعلى قياداتهم تارة أخرى. كما كرر نتنياهو تهديداته لغزة وتوعدها بحرب جديدة تكون مختلفة عن بقية الحروب، لكن أوساطا في المعارضة استخفت بتهديداته وذكرته بأنه في سدة الحكم منذ 13 سنة على التوالي ولم يجد حلا حقيقيا مع القطاع.
كما جدد محاولات تهويش اليهود عليهم والتلويح بفزاعات أخرى في الساعات الأخيرة قبيل الانتخابات العامة التي تجري الثلاثاء. ولذلك رفض نتنياهو في حديث لعدة وسائل إعلام إسرائيلية الأحد عدم إجراء انتخابات جديدة بحال فشل في تشكيل حكومة جديدة.
وردا على سؤال حول تحفظ الحزب المعارض “أزرق- أبيض” من فكرة اتفاق تحالف عسكري بين إسرائيل والولايات المتحدة لأنه يقيد أيديها وربما يضطرها للمشاركة في القتال ضد طالبان في أفغانستان، قال نتنياهو لموقع “واينت” الإخباري الأحد إن هذا التحالف ينطوي على دلالات كبيرة، منها تعزيز كبير لأمن إسرائيل وقوة ردعها كون الولايات المتحدة دولة عظمى. وتابع: “أعمل على ذلك منذ ثمانية شهور واتفقنا على مواصلة التدارس بهذا الموضوع، وسنقيم طواقم لمتابعته قبيل اللقاء مع ترامب في الأمم المتحدة”.
“عندما يقول غانتس إن هذا يقيد أيدينا فهو لا يفقه ما يقول، وهناك اتفاقات مماثلة للولايات المتحدة مع دول الناتو التي بقيت تحتفظ لنفسها بحرية التحرك. وردا على سؤال حول الحاجة لتشكيل حكومة وحدة وطنية بدلا من حكومة يمين ضيقة، قال نتنياهو إن المصلحة القومية العليا تلزم بسياسة سليمة من ناحية قومية، وغانتس ولابيد ليس لديهما خطا سياسيا سليما. وسئل نتنياهو حول إمكانية أن يكون غانتس قائد الجيش الأسبق وزيرا للأمن في حكومته، فقال إنه يريد أولا تشكيل حكومة أقلية مدعومة من 61 من بين 120 نائبا. ونوه “واينت” إلى عودة نتنياهو لخطاب “أنقذوني” وطلب الإغاثة بقول “لن أكون رئيسا للوزراء لأن مصوتي “الليكود” يتباطأون، ظانين أنني سأفوز بكل الأحوال”.
وبحال لم تتمكن من الحصول على دعم 61 نائبا؟ سئل، فأجاب: “للأسف ستقوم عندئذ حكومة يسار برئاسة غانتس ولابيد، وبدعم أيمن عودة وأحمد الطيبي وبقية النواب العرب ممن سيمنحون هذه الحكومة “سلة أمان من خلال “كتلة مانعة”. ورفض نتنياهو الالتزام بعدم العودة لانتخابات ثالثة في غضون سنة بحال فشل هو وغانتس من تشكيل حكومة، وقال إن هذا منوط تماما بالمواطنين أنفسهم، بحال نجحنا”.
وردا على سؤال آخر حول ما إذا تم تقديم لائحة اتهام ضده بعد فوزه بالحكم، فهل يواصل البقاء في السلطة أم يستقيل، قال نتنياهو متهربا إنه لا يؤمن بذلك وتابع: “نرى اليوم الكثير من الافتراءات في التحقيقات والاتهامات التي تدار ضدي”. وفي مناورة جديدة وبعد حملات متتالية من التحريض الدموي ضد المواطنين العرب في إسرائيل (17% من السكان)، زعم نتنياهو أنه لا يعارض وجود وزراء عرب في حكومته لكنه يرفض التعاون مع أيمن عودة ومع أحمد الطيبي.
وفي حديث آخر مع موقع “والا” الإخباري، زعم نتنياهو أنه لا يحرض على العرب متسائلا: “أنا أحرض؟ على ماذا أحرض؟ ضد أيمن عودة؟”. وفي رده على سؤال، رفض نتنياهو الاعتذار عن تحريضه، مثل قوله أن العرب “يسرقون الانتخابات” ونشر منشور في صفحته في “فيسبوك” جاء فيه أن “العرب يريدون القضاء علينا وعلى نسائنا وأولادنا جميعا”.
“لا أحترم النواب العرب”
وحول المنشور الأخير، قال نتنياهو إنه “لا يوجد هنا ما يستدعي الاعتذار لأنهم صححوا ذلك فورا”، في إشارة إلى محو المنشور من الصفحة. وزعم نتنياهو أنه يحترم “الناس: اليهود والعرب، لكنني لا أحترم النواب العرب فهم يزورون بيوت المخربين والقتلة، ويعارضون دولة إسرائيل كدولة يهودية”.
وكرر نتنياهو في هذه المقابلة أيضا هجومه ضد خصومه المركزيين في انتخابات الكنيست الحالية، وقال إنهم “لا يفهمون شيئا في السياسة والأمن”، بينما راح يمتدح نفسه و”إنجازاته” بما يتعلق بعلاقاته مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، واعتراف إدارته بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة، والاعتراف “بسيادة إسرائيل” في هضبة الجولان، وأن إدارة ترامب ستبرم “حلفا دفاعيا” مع إسرائيل.
ولفت موقع “واللا” إلى أن نتنياهو نفسه كان قد عارض حلفا كالذي أشار له سابقا خلال ولايته الأولى في رئاسة الحكومة، في العام 1996. رغم ذلك، ادعى: “بدأت بالتحدث عن ذلك مع الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون ولم ننهِ ذلك. حقيقة هي أننا لم نتقدم. لكن مع من أمكنني التحدث منذئذ، مع أوباما؟”. ورفض أن حلفا كهذا سيقيد أيدي إسرائيل، مشيرا إلى أن بريطانيا موجودة في حلف كهذا مع الولايات المتحدة، في إطار الناتو، “لكن لديها الحرية بتنفيذ عمليات عسكرية في فوكلاند. وكذلك الأمر بالنسبة لفرنسا، وهي عضو في الناتو أيضا، وتشن هجمات في مالي وإفريقيا. ولا تطلب مصادقة الولايات المتحدة”.
وتابع نتنياهو أن حلفا كهذا يسمح للجيش الإسرائيلي بتنفيذ عمليات عسكرية، ملمحا إلى أن اتفاقا حول ذلك سيشمل تحفظات بشأن عمليات الجيش الإسرائيلي “في ظروف خاصة” وبضمنها تلك المتعلقة بإيران. “الظروف الخاصة تستوجب حرية عمل لنا. وحلف كهذا لا يحل مكان الخيار العسكري الإسرائيلي، ولا يمكنه أن يكون ملائما لأوضاع متطرفة لا أريد تفصيلها هنا، الآن، وهذا هو هدفه الأساسي”. وكرر أيضا: “ترامب قال لي إنه سيستمر في سياسته الحازمة ضد إيران، وخلافا لما يقوله المحللون الإسرائيليون، فقد أضاف عقوبات على الحرس الثوري الإيراني”.
تكرار التهديد والوعيد لحماس
وفيما يتعلق بالفلسطينيين، كرر نتنياهو الادعاء أن “حماس لا تسيطر ميدانيا، ولذلك لا مفر. وقد أعددنا خطة عسكرية خاصة ولن أطرح تفاصيلها. وهذه لن تكون مثل العمليات العسكرية الثلاث الأخيرة، واحدة في الحكومة السابقة (برئاسة إيهود أولمرت) واثنتان خلال ولايتي. وهذا لن يكون مشابها للجرف الصامد ولا للرصاص المصبوب ولا لعامود السحاب”. وتابع نتنياهو: “لا أسارع لشن حرب، وأنا أفكر بجنودنا، وبحياة مواطنينا، وينبغي تقليص الضحايا إلى الحد الأدنى. ولن أقول لحماس متى سأشن الحرب.. وسنعمل في الوقت المناسب. ويبدو أنه لن يكون هناك مخرج، وخسارة. سننفذ ذلك”.
تدفقوا تدفقوا
وفي سياق متصل، دعا الأديب اليهودي دافيد غروسمان المواطنين العرب للمشاركة في الانتخابات بقوة. وفي مقال نشر باللغتين العربية والعبرية، قال إنه يدعو “العرب نساء ورجالا من مختلف المعتقدات والآراء، الشركاء في المواطنة، أتوجه لكم خصيصاً بهذه الأقوال”.
وتابع: “مع الكثير من الإحباط والغضب تجاه التّجاهل وطمس الهوية الذي تُمارسه إسرائيل ضد العرب منذ عقود من الزمن، وعلى الرّغم من اليأس بصدد تحسّن الوضع الرّاهن، فأنا أطلب منكم وأقول لكم، تدفّقوا.. تدفّقوا إلى صناديق الاقتراع . تدفّقوا إلى صناديق الاقتراع، هرولوا من أجل مُمارسة حقّكم بالانتخاب، لأنّ عدم التّصويت في الانتخابات الوشيكة يعني تقوية الإسرائيليين المعنيين بأن تشعروا بالغربة واللاانتماء. هؤلاء الذين ساهموا، من بين أمور كثيرة، بسنّ قانون القومية الذي أعدّ خصيصا لإضعاف لُغتكم وهويتكم. وهم ذاتهم الذين يريدون لكم العيش هنا مع شعور دائم بالخوف. هؤلاء الطامحون لتجميد وضعكم في حالة من قلة الحيلة والهوان”.