الرئيسية / مقالات
غزة تغتال نتنياهو سياسياً بقلم : مادلين فقها
تاريخ النشر: الخميس 17/07/2014 10:34
غزة تغتال نتنياهو سياسياً  بقلم : مادلين فقها
غزة تغتال نتنياهو سياسياً بقلم : مادلين فقها

 بات من الواضح أن دولة الإحتلال إرتكبت حماقة لا مثيل لها، وأوقعت نفسها في دوّامة لن تنتهي بسهولة، فنتنياهو هو من بدأ الحرب على غزة بيده، لكن لا يمكن أن ينهيها بيده، كل الأشياء في هذا العدوان لم تتغير بإستثناء شيء واحد، فقيام الإحتلال وهمجيته بإستهداف دور العبادة وبيوت الآمنين مسلسلٌ قديم جديد واعتادت عليه البشرية عامة، وقطاع غزة بشكلٍ خاص، لكن تكتيات المقاومة الجديدة وأساليبها وقدراتها فاجأت الجميع، وشكلت صدمة في أوساط المحللين الاسرائيليين والقادة العسكريين في دولة الاحتلال، وأحدثت الرعب في قلوبهم، منذ حادثة الخليل التي تخللها اختفاء ثلاثة مستوطنين جرى قتلهم فيما بعد، والإحتلال عبر وسائل إعلامه منذ اللحظة الأولى يذكر إسم "غزة" أكثر من عملية الخليل نفسها، فبدا واضحا للجميع أن عدوانا إسرائيليا قادما لا محالة تجاه قطاع غزة وهذا ما حصل بالفعل.

 

جريمة إحراق الطفل محمد أبو خضير حياً، زادت من شعلة الغضب الشعبي وأدت لزيادة توتر الأجواء بين المقاومة الفلسطينية وقيادة الاحتلال الإسرائيلي وحكومته المتطرفة، وسرعان ما بدأت إسرائيل بشحن العدوان على قطاع غزة، حتى اتجهت الأنظار هذه المرة ليس إلى صواريخ الاحتلال الإسرائيلي أمريكية الصنع، بل إلى صواريخ المقاومة الفلسطينية محلية الصنع والتي تدك مستوطنات غلاف غزة، وباقي المدن والمناطق الإسرائيلية في الأراضي المحتلة عام 1948، حتى أنها أي -صواريخ المقاومة- وصلت لمدى أبعد بكثير لأول مرة في تاريخ وجود دولة الاحتلال منذ النكبة الفلسطينية.

 

لم يتوقف الأمر على مدى تأثير الصواريخ فحسب، بل إن المقاومة الفلسطينية تحمل في جَعبتها الكثير من المفاجآت السارة للشعب الفلسطيني، فتارةً تظهر لنا صواريخ "الكورنيت" المضادة للدروع فتُبعثر الجيبات والدبابات الإسرائيلية وتحولها إلى خردة قبل دخولها أبواب قطاع غزة، وتارة أخرى تقصف مناطق ومدن لأول مرة كديمونا ونهاريا إضافةً لمواقع عسكرية حساسة، وعندما نتحدث  عن "نهاريا" فإننا نتحدث عن أعلى منطقة بفلسطين وليس هناك منطقة أعلى منها وتقترب من رأس الناقورة وتبعد عن غزة مسافة200 كيلومتر، أما وحدة الضفادع البشرية التابعة لكتائب القسام فلها حكايةٌ أخرى وتحمل بين ثناياها رسائل من طراز آخر، فخلال أول يومين للعدوان، كانت الوحدة تُباغت الاحتلال بعملية اشتباك مسلح داخل قاعدة "زكيم" الإسرائيلية وهذا يعني أن المقاومة لم تعد ترد فقط على الضربات دفاعا عن النفس، بل بإمكانها الهجوم خلف خطوط العدو، وجعلها تمسك بزمام الأمور، وأكسبها عامل المفاجأة الذي كان يمتلكه الاحتلال في الحربين الماضيين على غزة في عامي 2008 و 2012.

 

أما اليوم فالمقاومة أصبحت أقوى من الحروب الماضية التي خاضتها مع المحتل، إذن في البر هُزم الجيش الإسرائيلي عبر صواريخ "الكورنيت" قبل أن يتقدم في عملية برية حتى لو كانت محدودة، وفي البحر هزمه كوماندوز المقاومة الفلسطينية في موقع "زكيم" ويذكر أن الكوماندوز أو وحدة الضفادع البشرية التي هاجمت موقع زكيم أعادت الكرة بعد يوم واحد فقط خلال اقل من 24 ساعة، وهاجمت نفس الموقع بنفس آلية الهجوم عبر الاشتباك المسلح، أما بالنسبة للجو فإن صواريخ "سام" والتي يطلق عليها صواريخ أرض جو فإنها أسقطت طائرة استطلاع اعترف بها الاحتلال والذي أسقطها هي مجموعة تطلق على نفسها "كتائب المجاهدين" إضافة لعمليات استهداف طائرات حربية إسرائيلية أخرى كانت تحلق في الأجواء واضطرت للهبوط والانسحاب.

 

 وأخيرا جاءت طائرات الاستطلاع متعددة الأغراض التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية من غزة، فالأمور ستقود إلى تهدئة في النهاية، ولكن هذه المرة ستفرض المقاومة الفلسطينية شروطها في ظل تأكيدات تصريحات القيادة السياسية لها، كتصريحات رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل إضافةً لتصريح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان عبد الله شلح، اللذيْن رفضا الحديث عن تهدئة إلا بشروط المقاومة وغيرهما الكثير من التصريحات، وباتت حكومة نتنياهو عاجزة ومربكة أمام قوة القسام، ويسود الشارع الصهيوني حالة من الهلع عندما يتم سماعهم لصواريخ المقاومة.

أما بالنسبة لنتنياهو فإنه سقط سياسيا بسقوط جبهته الداخلية، فمستوطنوه لن يرحموه، ولن ينسوا أنه أدخل أكثر من ستة ملايين إسرائيلي في الملاجئ لأول مرة في التاريخ منذ قيام دولة الاحتلال، وعلى هذا فإن الدعاية الانتخابية التي أرادها نتنياهو لنفسه وأراد بها طمأنة شعبه، تحولت إلى اخطبوط أسقط أسهمه الانتخابية في الحضيض، وكما يقولون : سينقلب السحر على السحر.

 

وفي هذا السياق أكد المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" العبرية، "أمير أورن" أن العمليات التي تشنها قوات الاحتلال على قطاع غزة استنفذت، وأن ظروف انتهائها لن تكون مختلفة عن عدوان عام 2012، وجيش الاحتلال ليس بمقدوره تحقيق إنجاز حاسم.

 

وقال أورن في مقالة نشرها مساء اليوم في صحيفة "هآرتس": " إن الجيش لا يمكنه تحقيق أهداف الحملة، معتبرا أنه استنتاج كئيب لكنها الحقيقة المرة، واعتبر أنه بعد 6 أيام من انطلاق الحملة العسكرية حقق جيش الاحتلال بعض النجاحات،  لكن ليس بمقدوره تحقيق ما اسماه "إنجاز هجومي".

وأضاف أورن: " إن ظروف وقف إطلاق النار التي سيتم التوصل إليها ستكون شبيهة بتلك التي أعقبت حملة عامود السحاب عام 2012، مما يعني أن حملة عام 2012 فشلت في تحقيق أهدافها حيث تعاظمت قوة حماس بعدها، وستمنح المقاومة فرصةً لترميم قوتها وزيادتها".

 

وأوضح قائلا: " سيُطلب من نتنياهو أن يحاول تسويق تنازلات "إسرائيل" لحماس أو للوسيط الدولي على أنها إنجازات، ولن يشكل ذلك تحديا لنتنياهو فالجمهور الإسرائيلي يرضيه أي شيء إذا حدثته كم هو شعب موحد واستثنائي".

وختم آرون حديثه بالقول: " إسرائيل استنفذت ذاتها وهي تريد من حماس أن تواصل فرض سيطرتها على غزة ويكون ضعيفا أمام إسرائيل وقويا داخليا".

 

العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أظهر في بدايته مدى قوة القسام وقدرته على ضرب وزعزعة أمن ما تسمى بإسرائيل، وكما أظهر التفاف الشعب الفلسطيني على خيار المقاومة.

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017