يفتقر الكثير من سكان العالم إلى الكهرباء، خاصة في الليل عندما لا تعمل الأنظمة الكهروضوئية، ولهذا يسعى الباحثون إلى تطوير أجهزة وآليات جديدة قادرة على توليد الكهرباء ليلا، بحيث تتمكن من تشغيل مجموعة واسعة من التطبيقات الخدمية بما في ذلك أجهزة استشعار الإضاءة المنخفضة الطاقة.
في 12 سبتمبر/أيلول 2019، أفاد باحثون في مجلة "جول" بتطويرهم جهازا يستخدم خاصية التبريد الإشعاعي لتوليد الكهرباء من برودة الطقس ليلا، وذلك بالاعتماد على منظومة مولد كهربائي حراري، يعمل هذا المولد المبتكر وفق آلية تختلف عن المولدات الحرارية التقليدية، حيث يقوم سطحه المواجه للسماء بتمرير حرارته إلى الوسط المحيط كإشعاع حراري.
وبهذا فإنه يفقد جزءا من حرارته ليصبح بذلك أبرد من الوسط المحيط به، ومن ثم تعمل المنظومة على توليد الكهرباء بالاستفادة من فرق درجات الحرارة الناتج ذاك. وقد تمكن الجهاز من توليد طاقة كهربائية تقدر بـ25 ميغاوات لكل متر مربع، وبالفعل تمكنت هذه المنظومة من تشغيل مصباح ليد صغير، ليطلق إشعاعا ضوئيا خافتا انطلق من سطح أحد المنازل في كاليفورنيا.
يكشف هذا العمل عن إمكانية تطوير المزيد من التقنيات المتجددة القادرة على الاستفادة من برودة الفضاء الخارجي كمورد من موارد الطاقة المتجددة.
يعتقد الباحثون أن هذا الابتكار يشكل أساسا لتكنولوجيا مكملة للطاقة الشمسية، وعلى الرغم من ضآلة ناتج هذه الطاقة المبتكرة فإنها يمكن أن تعمل في أوقات لا يمكن أن تكون فيها الخلايا الشمسية متاحة للاستخدام.
فعلى الرغم من كافة مزايا الطاقة الشمسية، فإنها لا تتوفر على مدار ساعات اليوم، إذ يعود معظمنا من العمل عند غروب الشمس، ويتصاعد آنذاك الطلب على الطاقة الكهربائية لتلبية احتياجاتنا من التدفئة والطبخ والترفيه والإضاءة.
ولسوء الحظ، فإننا نعتمد في كثير من الأحيان على الوقود الأحفوري لتعويض هذا النقص، وبالتالي عندما يضطر البعض للعيش خارج نطاق شبكة التمديدات الخدمية، فسيكونون مجبرين على الحد من خياراتهم المتاحة لتلبية حاجياتهم اليومية.
لجأ الباحثون لتطوير هذه المنظومة من مواد رخيصة ومتاحة في متناول الجميع، حيث جمّعوا مولدا كهربائيا حراريا رخيصا، وربطوه بقرص أسود من الألومنيوم لبث الحرارة إلى الوسط المحيط أثناء مواجهته السماء.
وتم وضع المولد داخل حاوية محكمة الإغلاق من البوليسترين مع نافذة تسمح بمرور الأشعة تحت الحمراء، وربطها بمصباح "ليد" (LED) صغير واحد، ومن ثم وضع الجهاز على طاولة مرتفعة مترا واحدا على سطح أحد المنازل في ستانفورد لمدة ست ساعات ليلا، حيث انخفضت درجة الحرارة في تلك الليلة إلى ما دون الصفر.
وقاسوا أيضا إنتاج الطاقة على مدار الساعات الست، ووجدوا أنها تولد ما يصل إلى 25 ملي واط من الطاقة لكل متر مربع.
ويعتقد الفريق أنه يمكن تطوير هذا الجهاز ليصبح متاحا للاستخدام العملي، ويتوقع الباحثون أن بإمكانهم العمل على هذه المنظومة بحيث تكون قادرة على إنتاج طاقة كهربائية أقوى بعشرين مرة من إنتاجها الحالي.
المصدر: الجزيرة