عرب ٤٨
حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، منتصف الأسبوع الماضي، دفع عملية عسكرية ضد قطاع غزة. ومن أجل تنفيذ ذلك، أجرى مشاورات هاتفية بين أعضاء المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، من دون مشاركة أي من قادة الأجهزة الأمنية، مثل الجيش والشاباك، وتقرر خلال المشاورات شن عملية العملية العسكرية، حسبما كشف المحلل السياسي في صحيفة "معاريف"، بن كسبيت، اليوم الثلاثاء. لكن المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، نجح في منع عملية كهذه، التي كان من شأنها أن تتطور إلى حرب، وربما تأجيل انتخابات الكنيست، التي بدأت صباح اليوم.
وفي خلفية سعي نتنياهو لاتخاذ قرار كهذا، قراره بالإعلان عن عن ضم غور الأردن لإسرائيل، يوم الثلاثاء الماضي، بهدف كسب أصوات أكبر عدد ممكن من ناخبي اليمين. وقبل الإعلان عن هذه الخطوة، أطلع نتنياهو رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، ورئيس الشاباك، ناداف أرغمان، ورئيس الموساد، يوسي كوهين، ومستشار الأمن القومي، مئير بن شابات، ومسؤولين أمنيين آخرين. واعترض المسؤولون الأمنيون على الإعلان عن قرار كهذا، من دون الاستعداد له، خاصة وأن من شأنه أن يشكل مخاطر إستراتيجية، على اتفاقية السلام مع الأردن، واندلاع مواجهات في الضفة وغير ذلك.
بعد ذلك أعلن نتنياهو في مؤتمر صحفي أنه يعتزم ضم الأغوار لإسرائيل، في حال شكل الحكومة المقبلة. وبعد ذلك توجه نتنياهو إلى مدينة أشدود (أسدود) للمشاركة في مهرجان انتخابي. وخلال خطابه، تم إطلاق قذائف صاروخية من قطاع غزة باتجاه أشدود، وقام الحراس بإجلاء نتنياهو عن المنصة وأخذه إلى مكان آمن. ووُصف هذا المشهد بإسرائيل بأنه "إهانة".
وعاد نتنياهو من أشدود إلى مقر وزارة الأمن في تل أبيب، وعقد مشاورات مع كوخافي وأرغمان وغيرهما من المسؤولين الأمنيين، وقال إنه يريد شن عملية عسكرية، واسعة نسبيا. لكن قادة الأجهزة الأمنية عارضوا ذلك، وقالوا إن عملية كهذه تحتاج إلى استعداد واستدعاء قوات احتياط وما إلى ذلك، حسبما كشف المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أمس. كما أن مندلبليت أبلغ نتنياهو بأنن قرار شن عملية عسكرية يمكن أن تتحول إلى حرب يجب أن يصدر عن الكابينيت فقط.
وما كشفه كسبيت، اليوم، هو أن نتنياهو عقد الكابينيت فعلا، وأنه بدأ محادثات هاتفية مع الوزراء أعضاء الكابينيت، عند الساعة 1:30 من ليلة الثلاثاء – الأربعاء الماضي. لكن نتنياهو امتنع عن إشراك قادة الأجهزة الأمنية في هذا الاجتماع الهاتفي للكابينيت. وقد قرر الكابينيت ما أراد نتنياهو إقراره، أي العملية العسكرية، من دون أن يستمع الوزراء إلى تقارير أمنية أو لرأي وموقف قادة الأجهزة الأمنية.
ووفقا لكسبيت، فإن "ننتنياهو كان يعرف أن قادة الأجهزة الأمنية سيحذرون الوزراء من شن عملية عسكرية فورية".
وأصدر نتنياهو، يوم الأربعاء الماضي، تعليمات للجيش ببدء الاستعدادات المطلوبة من أجل شن العملية العسكرية. وأفاد كسبيت بأن "المسؤولين في جهاز الأمن فقدوا الثقة برئيس الحكومة. ودرس بعضهم إمكانية تقديم استقالاتهم. واستصعبوا التصديق بأن نتنياهو جمع الكابينيت من دون أن يسمع الوزراء تقارير أمنية". وبعد ذلك سافر نتنياهو إلى سوتشي من أجل التقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
في هذه الأثناء، تلقى مندلبليت توجهات من الجيش الإسرائيلي حول قرار الكابينيت، وفهم أن نتنياهو يوشك على إصدار أمر ببدء عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة. إثر ذلك أوضح مندلبليت لنتنياهو أن قرار الكابينيت "ليس قانونيا"، وأنه من أجل اتخاذ قرار بشن عملية عسكرية كهذه ينبغي عقد اجتماع منظم للكابينيت، يتم خلاله استعراض تقارير أمنية، وفي أعقاب ذلك يتم التصويت على القرار.
لكن نتنياهو تراجع عن عملية عسكرية كهذه، بعد أن كان مندلبليت طالب بن شبات بالاجتماع مع رئيس لجنة الانتخابات المركزية، القاضي حنان ميلتسر، من أجل إطلاعه على التطورات وأنه في حال شن عملية عسكرية كالتي أرادها نتنياهو، فإن انتخابات الكنيست يمكن أن تؤجل.