مصطفى عبد السلام- العربي الجديد
يمارس الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطاً شديدة على كبار منتجي النفط تصل إلى حد الابتزاز والتهديد، وعينه في النهاية على الناخب الأميركي الذي بات على موعد معه في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر لها العام المقبل.
يضغط ترامب مثلا على السعودية والإمارات وبقية دول الخليج وبشكل متواصل لزيادة إنتاجها النفطي وتعويض النقص الناجم عن حجب النفط الإيراني والليبي عن الأسواق الدولية، وهدفه النهائي هو خفض أسعار النفط عالميا، وبالتالي خفض معدل التضخم داخل الأسواق الأميركية، وتقليل تكلفة شراء المشتقات البترولية التي يتحملها الأميركي مقابل تموين سيارته، والنتيجة حصد صوته في الانتخابات المقبلة.
يضغط ترامب كذلك على منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" لزيادة الإنتاج وإغراق الأسواق الدولية بالنفط على الرغم من أن هذه السياسة تضر بمصالح هذه الدول الاقتصادية والمالية وتعمق أزمات موازنتها العامة، لا يهم ترامب خسارة دول الخليج وغيرها من الدول المنتجة للنفط، المهم هو أن يظفر بجولة رئاسية أخرى حتى ولو كان ذلك على حساب جثث مواطني العالم النامي واقتصاديات الدول النفطية، أو أدى ذلك إلى التسبب في حدوث أزمة اقتصادية عالمية على غرار أزمة 2018، واضطرابات في التجارة الدولية بسبب الحرب التجارية الشرسة التي تقودها واشنطن ضد الصين والشركاء التجاريين.
لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي سفن ترامب، فقد ساهمت سياسة الإدارة الأميركية الحالية تجاه إيران وفرض عقوبات اقتصادية على قطاعها النفطي والمالي في تأزيم الوضع داخل منطقة الخليج وزيادة منسوب التوتر والمخاطر الجيوسياسية، وهو ما أدى إلى زيادة أسعار النفط في بعض الأوقات على الرغم من الخطوات التي قامت بها الدول الأعضاء في "أوبك +"، وهو الأمر الذي لا يرغب ترامب في حدوثه.
لكن الضربة الكبرى لترامب جاءت قبل أيام عقب استهداف جماعة الحوثي قلب الصناعة النفطية السعودية، منشآت شركة أرامكو في بقيق وخريص، وهو ما أدى إلى تعطل أكثر من 50% من إنتاج النفط السعودي وحجبت 5.7 ملايين برميل يوميا عن السوق أو ما يعادل نحو 6% من الإنتاج العالمي، كما أدى الهجوم إلى حدوث اضطرابات في صادرات المملكة السعودية النفطية، وهلع في الأسواق العالمية دفعت إلى زيادة أسعار النفط بنسبة تصل إلى نحو 20% أول من أمس الأحد لتقفز إلى 72 دولارا للبرميل.
وعلى الرغم من لجوء الدول المنتجة والمستوردة الكبرى مثل أميركا والسعودية واليابان والصين ودول شرق أسيا لمخزونها الاستراتيجي من النفط لتعويض النقص في صادرات السعودية، إلا أن الأسعار لم تسجل أمس تراجعا، ويبدو أن هذا الوضع سيستمر خاصة أن مصادر سعودية أكدت إن اصلاح المنشآت السعودية المدمرة قد يحتاج إلى شهور.
والنتيجة النهائية حدوث قفزات في أسعار الوقود وهو ما أكد عليه اتحاد السيارات الأميركي (إيه.إيه.إيه) أمس والذي قال إن أسعار البنزين في الولايات المتحدة ستقفز على الأرجح هذا الأسبوع بعد ارتفاع العقود الآجلة للنفط الخام قرابة 15 في المائة في أعقاب هجمات الحوثي على منشأتي النفط السعوديتين.