رامي مهداوي
2019-09-21
حفلت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الفلسطينية، خلال الأسبوع الماضي، بالأخبار والتقارير والتعليقات والمقالات والتحليلات حول الانتخابات الإسرائيلية، لدرجة أصبحنا كمجتمع فلسطيني نتابع تفاصيل التفاصيل حول مجريات الانتخابات من الحملة الانتخابية حتى فرز الأصوات وإعلان النتائج.
أستطيع تبرير هذا الاهتمام العالي بالانتخابات الإسرائيلية من قبل المجتمع الفلسطيني لأسباب كثيرة، أهمها: البحث عن مخرج من "صفقة القرن" بسقوط نتنياهو. نتخيل أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستوقف عملية القرصنة المالية التي تسرقها من الخزينة المالية للسلطة الوطنية الفلسطينية، متابعة القائمة العربية المشتركة، والحقيقة الأهم التي ينبغي عدم إنكارها ظمأ الشعب الفلسطيني للانتخابات كمخرج لتغيير الواقع الذي نعيشه.
أصبحت انتخابات الاحتلال الإسرائيلي لا تقرر فقط ظروف حياتنا القاسية، وإنما نتابعها بعين الحسد متمنين أن تكون لنا ديمقراطية المحتل في كيفية إدارة حياته الداخلية، التي نتأثر بها أكثر من أي مجتمع آخر؛ لأننا نخضع تحت أظلم احتلال عرفته البشرية، على الرغم من تناقض ديمقراطيته الداخلية ووجهه الاحتلالي البشع.
ففي ذات الوقت الذي كان الجميع ينظر إلى الانتخابات الإسرائيلية، لم ينظر العالم يوم الأربعاء الماضي إلى الشهيدة نايفة كعابنة، وكيف قتلها جيش الاحتلال بدم بارد على حاجز قلنديا الاحتلالي!! لكنه، أي الاحتلال، نجح وينجح في أدواته الديمقراطية من إجراء الانتخابات وتجديد الدماء داخل الأحزاب والمساءلة والشفافية والمحاسبة للجميع من رأس الهرم حتى قاعدته.
لقد آن الأوان لمواجهة الحقائق دون الاختباء خلفها. فلنعترف بأننا لم نتعلم كيف نعزز قوتنا ومقدراتنا كشعب، وأننا لم نهتم يوماً بصياغة إستراتيجية بعيدة كانت أم قصيرة المدى للنصر، تضع مصلحة الكُل الفلسطيني فوق الرغبات الفردية ومرضى النفوس، أصبحنا نفقد حيويتنا وفعاليتنا كشعب فلسطيني التي لا يستطيع أي شعب التطور والتقدم من دونهما.
الكُل متفق ومجمع على واقعنا المعتم كشعب مُقسم ومُبعثر في أماكن شتّى، من دون استقلال في أي مكان، لكن هذه الرؤية يجب أن يتبعها موقف جدي نقدي بنّاء بشكل جماعي للسياسات الماضية، ولكل الذين أوصلونا إلى هذا الوضع حتى نستطيع القفز عن الصعوبات وذلك من خلال معرفة نواقصنا، والاعتراف بمسؤوليتنا عن الكثير مما جنيناه على أنفسنا.
علينا مواجهة ذاتنا بذاتنا بأدوات ديمقراطية قبل فوات الأوان وقبل وقوع ما لا تحمد عقباه، مواجهة تعتمد على العقل ونشاهد الحقيقة المرة التي نرفض أن نراها بأننا بعيدون كل البعد عن التحرير وتقرير المصير والاستقلال. أعتقد الآن أن علينا أن نقرر بماذا بالضبط علينا أن نؤمن، وبماذا يجب أن نتمسك. وليس هناك سوى ذلك الطريق، طريق البدء بتغيير أنفسنا بأنفسنا قبل أن نقتل أنفسنا بأنفسنا، وهذا ما حدث ويحدث بعد انقلاب حركة "حماس" في قطاع غزة فهل نَعتَبِر من ديمقراطية المحتل؟!