لقدس العربي
تساءلت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها إن كان على القوات الأمريكية أن تضحي بحياتها من أجل السعودية؟ وعلقت قائلة إن الرئيس دونالد ترامب رد على الهجمات التي تعرضت لها منشآت إنتاج النفط السعودية قبل أسبوع، والتي حملت إدارته والرياض إيران مسؤوليتها، بالعقوبات والدبلوماسية، مع أنه أرسل تعزيزات إلى الخليج ولم يستبعد الخيار العسكري، وهو الأمر الذي سيطالب به الصقور في إدارته.
وهو ما يطرح سؤالا حيويا: “هل يعتبر الدفاع عن البنى التحتية النفطية السعودية أمرا حيويا للمصالح الأمريكية؟ وهل يجب أن يعرض الطيارون والجنود حياتهم للخطر من أجل نظام محمد بن سلمان؟”.
وتجيب الصحيفة أن الرئيس جورج هيربرت بوش توصل قبل ثلاثة عقود إلى أن التدخل العسكري أمر ضروري بعدما اجتاح الرئيس صدام حسين الكويت. أما اليوم فلم يعد العمل العسكري واضحا ولأسباب عدة، بعضها يتعلق بتهور وعجز دونالد ترامب.
ولو بدأنا بالنفط نفسه، فالسعودية لا تزال تنتج 10% من النفط العالمي، لكن الولايات المتحدة هي أكبر منتج للنفط في العالم اليوم. ولم تعد تعتمد على النفط السعودي كما في السابق، بل انخفضت حاجتها له بنسبة 50% خلال العامين الماضيين. ومع أن أسعار النفط زادت في الأيام التي تبعت الهجمات، إلا أن السوق العالمي لم يشهد حالة من الذعر. ومن هنا فحماية النفط السعودي هو مشكلة للمملكة ولم يعد محتوما على الولايات المتحدة كما في الماضي.
يضاف إلى هذا طبيعة التهديد الذي باتت تواجهه السعودية اليوم، فهو مختلف عن عام 1990؛ فهجوم صدام حسين كان عملا صارخا يهدف للسيطرة على منابع النفط في الشرق الأوسط وإمداداته. وعلى افتراض أن هجوم الأسبوع الماضي من عمل إيران، فهو يمثل تصعيدا في مواجهة تغلي منذ وقت بين البلدين ومركزها الهيمنة الإقليمية، والتي تستخدم الطائفية الفظة كعنصر فيها.
وليس من مصلحة أمريكا في هذه المواجهة دعم طرف على آخر، بل تأكيد تقديم توازن يخدم الاستقرار بين إيران الشيعية والسعودية السنية. ولدى الولايات المتحدة مصلحة كبيرة في منع كل منهما من امتلاك السلاح النووي، ولهذا السبب جعل باراك أوباما من التفاوض على اتفاقية نووية مع إيران أولوية.
وتضيف الصحيفة أن هناك مصلحة أمريكية لردع إيران عن القيام بعمليات عدوانية ضد إسرائيل، وهذا هو السبب الذي يجعل من بقاء القوات الأمريكية في سوريا أمرا حيويا. ولا سبب يدعو لأن تقوم الولايات المتحدة بدعم الجهاد السعودي الطائفي ضد إيران في اليمن أو أي مكان آخر.
وتتهم الصحيفة ترامب بالتخلي عن كل المصالح الأمريكية هذه؛ فقد خرج من الاتفاقية النووية رغم التزام إيران بها مما دفع لزيادة نشاطاتها النووية، ووقف إلى جانب محمد بن سلمان وقصفه المتهور لليمن الذي تسبب بمقتل آلاف المدنيين، وحاول سحب القوات الأمريكية من سوريا. وفي بداية نيسان/ أبريل، حاول منع إيران من تصدير نفطها بشكل كامل، وهو إعلان حرب حقيقي قاد إلى هجمات الأسبوع الماضي.
وترى أن المصالح الأمريكية الآن لا تبرر نزاعا مع إيران. ومع أن ترامب لا يريد الدخول في مواجهة عسكرية إلا أن أخطاءه المتكررة جعلته يقترب منها. ورفضت القيادة الإيرانية عرضه للمفاوضات. ويقول الخبراء في إيران إنها ستواصل هجماتها ضد السعودية ودول الخليج الأخرى طالما بقيت العقوبات مفروضة عليها. والحل أمام ترامب هو البحث عن طرق لتخفيض التوتر.