كشفت دراسة ميدانية رسمية أن 42 في المئة من السجناء في المغرب ارتكبوا الجرم نفسه مرتين، وأوضحت أن حالات العود ترتفع في المستويات العمرية بين 25 و29 سنة، وتصل إلى 88 في المئة بالنسبة إلى النزلاء الذكور، وقال وزير مغربي إن ظاهرة العودة إلى الجريمة تسائل النظام الجنائي، وتؤشر على عدم فعالية السجون.
واعتمدت الدراسة التي أنجزتها المندوبية العامة لإدارة السجون على عينة قاربت 1600 نزيل، وكشفت عن أن مستوى العود للجريمة يرتفع عند المسجونين العازبين بنسبة 58 في المئة، بينما يقل عند نظرائهم من المتزوجين (21 في المئة) وكلما ارتفع المستوى التعليمي قلت ظاهرة العود وحالات الانحراف، حيث تصل نسبة العود عند النزلاء الذين لا يتجاوز مستواهم الدراسي الابتدائي إلى 40 في المئة، بينما لا تتجاوز حاجز 2 في المئة للنزلاء أصحاب المستويات الجامعية، وأن حالات العود عند النزلاء الذين ينحدرون من المناطق الشبه الحضرية ومن ضواحي المدن، مما يدل -حسب خلاصات الدراسة- على أن العود له ارتباط وثيق بالهشاشة والفقر.
وأشارت الدراسة إلى أن نوعية الجرائم التي ترتكب في حالة عود تكون بنسبة 31% مرتبطة بجرائم السرقة، و23% بجرائم المخدرات، و19% بجرائم الاعتداءات. وبالنسبة لاسباب ارتكاب الجرائم، فإن 42 في المئة منها ترتبط بالمشاكل المالية، و30 في المئة بالإدمان على المخدرات، و22 في المئة بالإدمان على الكحول.
وأكد محمد بوزلافة، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، الذي أعد الدراسة، على ضرورة مراجعة السياسة العقابية والجنائية للحد من الظاهرة، وقال إن هذه الدراسة الميدانية حول حالات العود في السجون تؤكد أن السياسة الجنائية تعاني من عدة مشاكل، من بينها مشكلة الجرائم البسيطة، وأن الهيئات الحكامة ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات الاقتصادية، مطالبة بلعب دور أكبر من أجل إعطاء فرص العيش الكريم لهذه الشريحة.
وقال مصطفى الرميد، الوزير المكلف بحقوق الإنسان، إن ظاهرة العودة إلى الجريمة تسائل النظام الجنائي، وتؤشر على عدم فعالية السجون وأن هذه الظاهرة لا تخص السياسة الجنائية فقط، بل السياسات العمومية المختلفة لمكافحة الجريمة وظواهرها، حيث أغلب حالات الجريمة بالمغرب يرتكبها أصحاب السوابق.
وتساءل عن أسباب عودة الشخص الذي دخل للسجن إلى ارتكاب جرائم جديدة؟ ولماذا لا تردع الأحكام القضائية السجناء؟ وهل تعد ظاهرة العود مؤشراً على فشل الأسرة والمدرسة والمحتمع في أداء أدوارهم، أم أنها تعود إلى ضغط الظروف الاجتماعية والاقتصادية، أم لأزمة القيم داخل المجتمع؟ إن الإجابات تتطلب البحث عن أسباب عجز منظومة العقاب في إيجاد حل لهذه الظاهرة.