د. خالد معالي
موسم الزيتون، برائحته الطيبة التي تنعش الروح، وبعمق وعبق التاريخ، له رمزية خاصة تجسد رقي وقوة الحق الفلسطيني، وسمو قيمه السامية فوق هذه الأرض، ومنذ آلاف السنين، فلماذا يا ترى تنغص فرحة قدومه كل موسم، وتتحول الفرحة والبهجة الى حزن وحيرة!؟
ألا يقطر المستوطنون غيظا، وهو يرون من أعالي الجبال الاستيطانية موسم الزيتون، عرسًا فلسطينيًّا خالصًا، تقطف فيه ثمار الزيتون في لوحة فنية رائعة، وتراثية جميلة، وعراقة ليس لها نظير، تنغص عليهم مزاعمهم وتدحضها في مقاومة صامتة من قبل حقول الزيتون المنتشرة في الجبال.
كقصة وحكاية لا تنسى تتداول عبر التاريخ، حبات العرق الجميلة التي تنزل كقطرات الندى على جبين مزارعي الضفة، تختلط مع تراب الأرض الطيبة الطاهرة، ليأتي مستوطن ويحولها لدماء، بالاعتداء على المزارعين وهم في حقولهم خلال عملية قطف ثمار الزيتون.
تجمع كافة الاطياف السياسية للشعب الفلسطيني على حماية شجرة الزيتون، فحركة فتح وحركة حماس تدعو لمقاومة الاحتلال عبر دعم موسم الزيتون، وما اثير حول استيراد ثمار الزيتون شكل صدمة، كونه يخالف ما تعارفت وتتفق عليه قوى الشعب وتجمع عليه.
من دافع عن استيراد الزيتون من الاتحاد وغيره، كان دفاعه باهتا وغير مقنع، بل وزاد من غضب الشارع، وزاد الطية بلة، ولننظر لدولة الاحتلال كيف تحمي منتوجاتها الزراعية برغم انها مسلوبة من شعب مسالم يرنو للحرية.
يا فرحة ما تمت، لسان حال المزارعين بقدوم موسم الزيتون، ففي الوقت الذي عمت فيه الفرحة والسرورو بقدومه، واذا بالفرحة ينغصها الاستيراد.
لوثات، هرطقات، وفبركات، هي فتاوى دينية يهودية جاهزة يدعمها التحريف الذي حدث في التوراة قديمًا، من أن أرض "الأغيار" يجوز حرقها ونهبها تقربًا إلى الله، وبالتالي تعدّ عملية التخريب والتدمير جزءًا أصيلا من نفسيتهم المريضة والمعتوهة لأبعد الحدود، بدين في الأصل هو براء من التخريب والتدمير.
في كل موسم الزيتون ونحن في العام 2019 ، يتسابق المستوطنون على حرب مبكرة على شجرة الزيتون، بالقطع او التجريف او حتى السرقة والمنع من القطاف خاصى للاراضي خلف الجدار.
في الوقت الذي لا يوجد للمستوطنين على هذه الأرض سوى البطش والقوة الظالمة، والتي هي إلى زوال عما قريب، كما زال غيرها من قوى الظلم والاحتلال عبر التاريخ، وهو ما يعرفه حق المعرفة قادة ومفكرو دولة الاحتلال، ولكنهم يكابرون.
لن تتوقف اعتداءات المستوطنين، واستهداف شجرة الزيتون، التي ستبقى تقاوم ... وتقاوم، فقلع أشجار الزيتون، تقطيع أغصان عشرات أشجار الزيتون، منع مزارعين من قطف أشجار الزيتون، والوصول لها، أو منع تصاريح لقطف الزيتون، جرح وضرب وطرد مزارعين من حقولهم خلال عملية قطف الزيتون، كلها أخبار شبه يومية تتناقلها الان، او ستتناقلها وسائل الإعلام المختلفة في الموسم الحالي الذي بات قاب قوسين أو أدنى.
كل موسم زيتون اتذكر اباحة الحاخامان "يتسحاق شابيرا" و"يوسف يرمياهو إليتسور" في كتابهما "عقيدة الملك"، قتل الأغيار (أي غير اليهود)، في الظروف التي تسمح فيها الشريعة اليهودية بقتلهم، سواء في أوقات السلم أو الحرب، وانطلاقًا من الحرص على إقامة الفرائض السبع، فإنه لا يوجد ما يمنع ذلك، وما كان أقل من القتل، يعد لعبا على شاكلة تخريب موسم الزيتون او سرقة ثماره كما حصل قبل ايام.