نظمت جمعية الملتقى التربوي عروضاً سينمائية خلال شهر سبتمبر من إنتاج مؤسسة شاشات سينما المرأة لمخرجات فلسطينيات شابات من مختلف المحافظات الفلسطينية، وذلك بحضور عدد من المثقفين والنشطاء والمهتمين من مختلف الفئات العمرية. وذلك من خلال مشروع "يلاّ نشوف فيلم!" مشروع شراكة ثقافية -مجتمعية تنفذه مؤسسة "شاشات سينما المرأة" بالشراكة مع "جمعية الخريجات الجامعيات" وجمعية "عباد الشمس لحماية الإنسان والبيئة" بدعم رئيسي من الاتحاد الأوروبي ودعم مساند من CFD السويسرية وصندوق المرأة العالمي.
تناولت الأفلام التي عُرضت عدداً من القضايا المجتمعية مستهدفة من خلال المشروع جمهوراً واسعاً وفئات مختلفة بهدف تطوير قدرة هذه الفئات المجتمعية على النقاش والتفاعل المتبادل لتعزيز حرية التعبير والتسامح والسلم والمسؤولية المجتمعية وتماسك النسيج الاجتماعي.
وشهدت اللقاءات حواراً ونقاشاً غنياً، فكانت متنفساً للمشاركين للحديث عن العديد من الموضوعات التي تلامس قضاياهم، وسادت أجواء النقاش والتفاعل مع الميسرين والحضور والذين بدورهم عكسوا أفكارهم ووجهة نظرهم في فكرة ورسائل الأفلام وتجسيدها لطموح وأحلام المرأة الفلسطينية في غزة والضفة ومعيقات تلك الأحلام في الوطن، فلكل منطقة خصوصيتها ومعيقاتها وتحدياتها، ولوحظ من خلال مشاركة الشباب أنّ الاحتلال والانقسام هو من وقف أمام تحقيق أحلامهم، إضافة إلى عادات المجتمع السيئة.
فيلم "الراعية" للمخرجة فداء عطايا حفز الحضور في إثارة نقاش حول الألم والمعاناة التي تعيشها المرأة الفلسطينية، وكيفية سعيها للحصول على احتياجاتها الإنسانية، لا سيما أن المرأة الفلسطينية هي التي تتحمل العبء الأكبر من الممارسات الاحتلالية، "وهاي هيا حكاية السكرة اللي ذوّبت ملح الحياة"، قال أحد المشاركين أن هذه الجملة تلخص كثيراً من معاناة الفلسطينيين وهو يتمنى أن يذوب الملح يوماً ما أو على الأقل أن يخالطه بعض السكر لنستطيع مواصلة الحياة على الأقل لأننا تعبنا.
فيما أثار الجمهور في فيلم "أرض ميتة" للمخرجة أمجاد هب الريح حالات مشابهة لأثر الجدار في الضفة الغربية، متحدثين عن دور الأرض في الحد من الفقر والعوز، وخاصة بعض النساء كما هو الحال المرأتين اللتان عرض حالتهن الفيلم، جل خبرتهن وحياتهن تتعلق بهذه الأرض.
ويعكس فيلم "يوما ما" للمخرجة أسماء المصري يوم من حياة أربع فتيات من غزة تختلف عن الحياة التي تصلنا عبر الاعلام أو التي نتوقعها، حيث يومهن مليء بالحياة وحب الوطن والتمسك فيه والأمل، وهو ما أثار نقاشا حول حرية المرأة في غزة والقيود على تنقلها وحركتها، والضغوط التي يمكن أن تواجهها هؤلاء الفتيات لممارسة حياتهن، وهو عكس حياة القتل والحرب التي زرعت في ذهن العديد من الفلسطينيين، فالفيلم أعاد النقاش إلى حياة الغزيين بعيداً عن الحرب والدمار وتحدث عن علاقة الأشياء البسيطة في تحديد مسار اليوم وتأثيرها في مدى فعالية الشخص وتفاؤله وطاقتها الايجابية وهذا ما أوحى لها وجود النبتة المصاحبة للصبية في أحداث الفيلم.
وفي قصة تتحدى خنق الجدار لمنطقة الرام ناقش الحضور فيلم "صبايا كلمنجارو" للمخرجة ميساء الشاعر متحدثين عن قوة العزم والإصرار المتجسد في شخصيات الفتيات، الفيلم تحدد فكرته في مقولة الكاتب إبراهيم نصر الله "في كل إنسان قمة عليه أن يصعدها، وإلا بقي في القاع مهما صعد من قمم"، فقال أحد الشاب أن السفر ليس مجرد سفر فحسب، إنما هو قيمة تتمثل في كشف الإنسان لنفسه أكثر وأكثر، و تحدث آخر عن تجربته في السفر " كانت تجربتي عظيمة جدًا بشكل أو بآخر وفي نفس الوقت سيئة بشكل أو بآخر كونها الأولى في حياتي، أما عن التحديات تمثلت في الصراع النفسي والتساؤلات التي دارت في عقله عن سبب السفر والهدف منه، ثم تحدي الخروج من قطاع غزة لما في ذلك من صعوبة على معبر رفح، يقول حينما وصل للمكان الذي كان متوجهًا، تمثلت صعوبة كبيرة في التكيف مع المكان الجديد، والأشخاص الجدد، والثقافات المختلفة، كما لو أنك في فيلم، ونوّه على فكرة الصبر والتكيف مع المحيط الجديد، وأيضًا على مسألة التغيير الذي يحدث والإدراك الذي يتسع من خلال تجربة السفر. كان يرى أن من الأشياء التي واجه فيها صعوبة هي العادات المختلفة عن المكان الذي فيه، وختم قصته برسالة يوجهها لكل الذين لم يسافروا أن يخوضوا هذه التجربة لما فيها من قيم وتوسيع للإدراك.
وليس انتهاء بـ "الكوفية" للمخرجة أفنان قطراوي حيث عبر المشاركين عن أن الفيلم يعرض جزء بسيط من معاناة الشعب وأثار الانقسام عليه، وتأثيره على السلم الأهلي، وأثره السلبي على النواحي الاقتصادية، إضافة إلى قتل الطموحات خاصة جيل الشباب، والحد من قدرتهم على الوصول إلى أحلامهم.