الرئيسية / مقالات
عرفات الذي فَهِم فلسطين، فَلَزِمناه.
تاريخ النشر: الأربعاء 06/11/2019 16:43
عرفات الذي فَهِم فلسطين، فَلَزِمناه.
عرفات الذي فَهِم فلسطين، فَلَزِمناه.

ياسر أبوبكر

في الذكرى التي لا تُنسى في الدماء والعروق، في القلوب وبين العيون، ذكرى استشهاد القائد الخالد ياسر عرفات تذهب بنا الأفكار الى البعيد.

وتجلبنا الذكريات معها لمنصّة الأمل المعقود دومًا، بما كان يردّده راحلنا العظيم بحق الأسرى والشهداء والمطاردين، الذين هم دون غيرهم من ظلّ يردّدهم قبل استشهاده.

استحضر أبوعمار في خواتيم حياته الثريّة، كما في مراحلها المتعددة، الدعاء الأليم أو الشعار بالقول: "يريدونني قتيلا أو أسيرا أو طريدا، وأنا أقول لهم شهيدا شهيدا شهيدا شهيدا" .

قال لي والدي: ألزم ياسر عرفات وتتبّع دربَه، فهو رفيقي ورفيق من يرغب الوصول لقلب فلسطين، فلزِمته.

وضع الراحل العظيم الأسْر والاعتقال كمحطة من أصعب المحطات، لأنها مرحلة انتظار أليمة وصعبة وقاسية، ولكنها مع ذلك مرحلة نضالية يخوضها المناضلون متشبثين بأشواك الصبر، وبالنور البازغ حتما آخر النفق.

إنه نفق ياسر عرفات الذي لطالما أضاء ظُلمته بجميل عباراته، وعظيم تجلياتِه، التي قصد منها الحثّ على النضال والصمود والبناء.

الصمود الذي سعى له هو استكمال لكفاح شعب، كان على هذه الأرض منذ أكثر من ١٠ آلاف عام، ومازال، هو هو.

ويمرّ العابرون لحيظات من ثقب صغير في نفق الزمن، فإما يذوبون في بحر فلسطين، أو يتبخرون من جلد الأرض.

فلا محلّ في فلسطين إلا للذي يفهمها ويتنفسها، فلا ينزع جلدها أو يستبدل عظامها أو يستبيح أحقية شعبها الذي لا يموت.


ياسر عرفات هو الذي جعل فلسطين الوطن مفتاح الجنة بالرباط فيها والصبر والمصابرة، وهو الذي ساوى فيها بين الربيع الأرضي والجنّة السماوية، فلم يمنعها بدولته الديمقراطية على أحد، لكنه وضع شروط الأرض على رقبة الجميع.

وأرض فلسطين قالت وكرّرت كلمتها عبر آلاف السنين: لا للاحتلال ولا للاستعمار ولا للعنصرية. ووفق هذه الشروط المحقّة فقط كانت فلسطين تفتح ذراعيها.

كانت أرض فلسطين نسيجًا متكاملا من اليبوسيين والكنعانيين واللخميين والفلسطينيين والآراميين، وجميع القبائل العربية الأخرى، التي قطنت هذا البلد الجميل. وما أن تحاربت قليلا حينًا، إلا أنها سرعان ما شكّلت النسيج الذي أنتجنا نحن العرب الفلسطينيين اليوم، بغض النظر عن الدين الذي تم اعتناقه.


فلسطين وكوفيّة ياسر عرفات، وعلامة النصر برقم ٧ العربي المرفوع بسبابته والوسطى بقبضة يمناه، له من الدلالات العميقة الكثير.

هي علامة بيده التي تُقسم بالسماوات السبع حقًا أن فلسطين مآلها التحرير، وأن اللاجئين قسمًا بالسماوات السبع راجعون.

وعرفات يعيد رسم سارة (تشرشل) التي توعدت الإنجليز بالدم والدموع والألم ولكنه المفضي إلي الأمل والنصر في مواجهة النازيين، وهذا ما كان، ولنا سيكون.

ياسر عرفات الذي يقسم بشارة اصبعيه بالله واثقًا، ويرفع بهما شارة النصر لا يأبه أبدا بالمخرّصين ولا بالمشكّكين ولا بقصيري النفس، ولا بالسوداويين.

هو الرجل الذي طالما ردّد أمامنا، ونحن في المرحلة الجامعية الأولى، أن من يتعب فليسلمني أولاده. وها هم أولادنا في خدمة الحق في خدمة فلسطين، حيث الأمانة بيد رفيق نضاله محمود عباس.


في ذكرى استشهاد أبو الثورية وأبو الكفاح المسلح والكفاح الجماهيري نستبين من ضوء عينيه خيوط الفجر القادم، لظىً على أعداء الأرض، ونورا سماويًا على أصحاب الحق، ونحن لها.

رحم الله قائدنا ومعلمنا ياسر عرفات، والذي تسمّينا باسمه، المتيمن امتدادا بالتاريخ بالصحابي الجليل ياسر بن عامر العنسي "أبوعمار"، رحمه وأسكنه الله مع الصديقين والشهداء والأنبياء والصحابة أحسن المنازل.

هذه وصيتك يا أبي فهل تراني حفظتها؟
 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017