رامي مهدي
الجميع بدأ يتحدث عن الانتخابات وكأنها المخرج الوحيد لوضعنا المحزن الذي وصلنا إليه، وهناك من بدأ يخطط في كيفية دخول المعركة أو كما نسميها نحن العرس الديمقراطي، لنجد عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن هناك من استيقظ من سباته وبدأ يُلمع ذاته بذاته من خلال نشاطات وتصريحات وكأنه المُخلص لحالنا!!
على أي حال، اسمحوا لي أن قبل أن أسأل سؤال المقال؛ أن أضع القاعدة الأساسية بأنني أريد انتخابات تشريعية ورئاسية وفي فترة زمنية واضحة، ولكل الوطن وليس فقط الضفة كما بدأ يرددها البعض، سؤالي هو: هل الانتخابات في هذا الوقت بالتحديد هي المخرج لمأزقنا دون تنفيذ الخطوات التي يجب على قادة حركتي «فتح» و «حماس» أخذها ضمن مفهوم المصالحة؟! وأين باقي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية من هذا؟!
ادعائي هنا بأن النظام السياسي الفلسطيني ومكوناته وأهمها الفصائل كُلما خطوا خطوة تجاه ممارسة الديمقراطية انقسموا وتقاسموا على بعضهم البعض، ما شكل عبر التاريخ العديد من الانشقاقات والانقلابات وبعض الأحيان اغتيالات متنوعة بشكل غير مباشر.
لننظر الى انتخابات التشريعي السابقة التي جرت يوم الأربعاء 25 كانون الثاني 2006، حيث يعتبر النظام الانتخابي الفلسطيني الذي أقره المجلس التشريعي من النظم الانتخابية المستخدمة في العديد من الديمقراطيات في العالم، فبعد أن كان النظام الانتخابي الفلسطيني يعتمد على نظام الاغلبية (الدوائر)، أصبح الآن يجمع مناصفةً بين نظام الأغلبية النسبية (الدوائر)، ونظام التمثيل النسبي (القوائم) فيما يسمى (النظام المختلط) والذي يعد استجابةً لاتفاق القاهرة الفلسطيني. وقد تم زيادة عدد أعضاء المجلس التشريعي من (88) عضواً إلى (132) عضواً.
نعم تقدمنا خطوة ثانية تجاه الديمقراطية وكنت فخور جداً بأننا نجحنا في انجاز الانتخابات، وبأننا أفضل بكثير من دول تعتبر ذاتها ديمقراطية، وأعلن المراقبون والمحللون السياسيون أن إجراء الانتخابات في ظل جو من الهدوء الذي ساد يسجل إنجازاً للشعب الفلسطيني بكل مكنوناته، لا سيما في في ظل رفض إسرائيل، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي مشاركة «حماس» فيها، وتهديداتها بقطع المعونات المالية عن الشعب الفلسطيني في حال فوز حماس واشتراكها أو تشكيلها للحكومة الفلسطينية القادمة. وتشكك الكثير في مقدرتنا الشعب بإنجاح هذه العرس الديمقراطي.
لكن للأسف وكما يقال في الأفلام المصرية نجحت عملية الولادة، عاش الجنين وتُوفيت الأم، وهذا هو حالنا منذ ذلك التاريخ ونحن في ولادة أحداث جديدة بعيدة كل البعد عن أهداف الشعب الخاضع تحت الاحتلال، أخشى ما أخشاه بأن تكون نتائج الانتخابات القادمة إن تمت تصدُعات قاتلة في بُنية الإطار العام للقضية الفلسطينية وما تبقى منها حتى هذه اللحظة.
أخشى بأن تلحق حركة (فتح) ذاتها بذاتها بواسطة الانتخابات، أخشى أن تنفصل الضفة عن القطاع نهائياً بواسطة الانتخابات!! أخشى الانهيار التام مما تبقى من النظام السياسي الفلسطيني، لهذا ليس المهم عملية الانتخابات بحد ذاتها وإنما الأهم هو التحضير الكامل لما قبل العملية