على مدار الأشهر الأخيرة، بات الحديث عن إلغاء معاهدة "وادي عربة" للسلام بين الأردن و"إسرائيل"، مثار بحثٍ للكثير من النخب السياسية والإعلامية في البلاد، وأصبحت المعاهدة التي وقعت في العام 1994، تطل برأسها كلما ظهرت مشكلة بين الطرفين.
وخلال الأسبوع الماضي درست اللجنة القانونية في البرلمان الأردني بنود معاهدة وادي عربة، والانتهاكات الإسرائيلية لبنودها، على إثر اتخاذ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، قرارًا بنقل السفارة الأمريكية في الكيان الإسرائيلي من "تل أبيب" إلى القدس المحتلة.
مذكرة نيابية
بعد وقتٍ قصير، وتحديداً يوم أمس الإثنين، وقع ما يزيد على 33 نائباً على مذكرة، تبنتها كتلة الإصلاح النيابية، لتقديم مشروع بإلغاء وإبطال اتفاقية وادي عربة.
وقالت الكتلة، التي تنتمي إلى الحركة الإسلامية في الأردن، إن "المذكرة تأتي لوجود أسباب موجبه لإنهاء المعاهدة أهمها سياسة الحكومة الإسرائيلية، بفرض السيادة والسيطرة على غور الأردن، وشمال البحر الميت والمغتصبات".
وتابعت: "هذه الخطوة تعد فصلاً جديداً من فصول المشروع الصهيوني الهادف إلى السياسة العدوانية على شعبنا، وانتهاك السيادة الأردنية وخرقا واضحا للقانون الدولي وإعلان حرب".
خلافات على المستوى الرسمي
وبحسب مراقبين تحدثوا لـ"قدس برس" فإنه لا يبدو أن "الخلافات الأردنية ـ الإسرائيلية "سحابة صيف" عابرة ستزول وتنتهي قريباً، بل على العكس فإن العلاقات كلما خرجت من أزمة تدخل في أزمة أعمق منها، وتلقي بظلال الشك والريبة في استحالة أن تصبح العلاقات في القريب أو البعيد علاقة "سلام دافئ"، سيما وأن الخلافات مرتبطة بالمستوى الرسمي بين البلدين، وليست محصورة على المستوى الشعبي".
وعلمت "قدس برس" أن الخارجية الإسرائيلية قدمت مقترحاً للأردن لإحياء حفل بمناسبة ذكرى مرور ربع قرن على اتفاقية السلام، غير أن المقترح قوبل بالرفض من الجانب الأردني.
خروقات إسرائيلية بالجملة
وحول الخروقات الإسرائيلية للمعاهدة، فالبعودة قليلاً إلى الوراء، نكتشف أن الاحتلال الإسرائيلي قام بخرق المعاهدة بعد توقيعها بـ3 شهور فقط، عندما صادق الكنيست الإسرائيلي على قانون تضمن استثناء الأردنيين الذين يغادرون أملاكهم في الأراضي التي تسيطر عليها "إسرائيل"، بعد توقيع معاهدة وادي عربة من تطبيق قانون "أملاك الغائبين"، في حين يطبق بشكل طبيعي على المغادرين بعد النكبة وقبل توقيع المعاهدة، واحتج الأردن على ذلك بمذكرة رسمية لم يرد عليها حتى اليوم.
وبعدها ثلاثة أعوام، حاول عميلان للموساد الإسرائيلي دخلا الأردن بجوازات سفر كندية، اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، وهو الأمر الذي أغضب ملك البلاد الملك حسين في ذلك الوقت مهدداً بقطع العلاقات مع "إسرائيل"، وإنهاء معاهدة وادي عربة، إن لم تحضر الترياق المضاد للسم، إلا أن الأزمة انتهت برضخ الاحتلال للمطلب الأردني.
واخترق الاحتلال أيضًا نصوص المعاهدة التي تنص على توزيع حصص المياه، حيث قامت ببناء سدود على عدد من الأودية التي تصب في وادي الرقاد، أهم روافد نهر اليرموك، الذي تبلغ سعته التخزينية 15 مليون متر مكعب.
لا مؤتمر تطبيعي بعمان
من جهته ألغى محافظ العاصمة سعد الشهاب مؤتمراً تطبيعياً كان من المقرر أن يعقد في العاصمة عمان يوم الخميس المقبل، بعنوان:"السلام بين الأديان"، بتنظيمٍ من المبادرة المتحدة للأديان، وكان من المفترض أن يشارك في المؤتمر وفد إسرائيلي بورقة عمل بعنوان: "دور الديانة اليهودية في بناء الصمود المجتمعي للوقاية من التطرف العنيف"، الأمر الذي أثار ضجةً كبيرةً في الأردن.