حذَّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخراً، ممَّا سمَّاها «الاستفزازات الإيرانية المتزايدة»، قائلاً إن عدم رد الولايات المتحدة عليها يمكن أن يسفر عن مواجهةٍ عسكرية خطرة بين إسرائيل وإيران.
وفي حين أنَّ البعض أشار إلى أنَّ الهدف من هذا التحذير هو كسر حالة الجمود السياسي في إسرائيل، والضغط لصالح رفع أسهم نتنياهو الذي يواجه تهماً بالفساد، أصدر أفيف كوخافي، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، واللواء أهارون هاليفا، رئيس وحدة عمليات الجيش الإسرائيلي تحذيراتٍ مماثلة.
«إنها مسألة وقت فقط»
- تقول صحيفة Israel Hayom الإسرائيلية، إن خبراء عسكريين واستراتيجيين يؤكِّدون أنَّ شن هجوم عسكري إيراني على إسرائيل يعد مسألة وقت فقط، ويرجع أحد أسباب ذلك بحسب قولهم إلى الضعف الاستراتيجي الأمريكي الذي تجلَّى في فشل الولايات المتحدة في الرد على سلسلة «الاستفزازات الإيرانية» الأخيرة في الخليج.
- ويبدو أنَّ الغرض الرئيسي من هذا الهجوم المحتمل سيكون ردع إسرائيل عن مواصلة ضرباتها المستمرة على البنية التحتية العسكرية، التي تحاول إيران إنشاءها في سوريا، ومؤخراً في العراق.
«إيران أمنت عدم رد أمريكا عليها»
- تقول الصحيفة الإسرائيلية، يبدو أنَّ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالامتناع عن اتخاذ إجراء انتقامي ضد الاستفزازات الإيرانية في الخليج، وتحمُّسه لمقابلة الرئيس الإيراني حسن روحاني في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة، ورغبته في رفع العقوبات الشديدة التي فرضها على إيران مقابل عقد الاجتماع، وإمكانية إجراء مفاوضات بشأن اتفاق نووي جديد، وقراره الانسحاب من المناطق التي يسيطر عليها الأكراد بالقرب من الحدود التركية السورية، كلها عوامل شجَّعت إيران على الاعتقاد بأنَّ الولايات المتحدة ضعيفة وغير مستعدة لاستخدام القوة ضد استفزازاتها العسكرية، أو جهودها الجديدة لتسريع مساعيها إلى امتلاك أسلحةٍ نووية.
- تضيف: «ربما يكون قادة النظام الإيراني قد استنتجوا كذلك أنَّ الولايات المتحدة أصبحت حليفاً غير موثوق به، وأنَّها لن تتخذ إجراءً انتقامياً قوياً ضد انتهاك الاتفاق النووي أو الهجوم على إسرائيل».
- ففي 14 سبتمبر/أيلول الماضي، اتهمت إيران بمهاجمة منشأة النفط السعودية في مدينة بقيق، التي تعد إحدى أهم منشآت إنتاج النفط في العالم. وقد انطلق الهجوم المباغت من إيران بصواريخ كروز وطائرات بدون طيار دقيقة ومتطورة. وصحيحٌ أنَّ إيران تزعم أنَّ الهجوم نفذه المتمردون الحوثيون في اليمن، لكن الأدلة تشير بوضوح إلى أن الهجوم انطلق من الأراضي الإيرانية.
كيف ستهاجم إيران إسرائيل؟
- تقول الصحيفة الإسرائيلية إنه «من المؤكد أنَّ إيران لن تهاجم إسرائيل مباشرةً من أراضيها، لذا قد تستعين بوكلائها في المنطقة على الأرجح. ولكن لحسن الحظ، فقدت إيران بعضاً من عنصر المفاجأة ضد إسرائيل لأنَّها استخدمت بالفعل صواريخ كروز موجهة بدقة في هجومها على المملكة العربية السعودية».
- ولذلك، «تستعد إسرائيل لاتخاذ ردود دفاعية وهجومية على احتمالية تعرُّضها لغارةٍ إيرانية بصاروخ كروز أو طائرة بدون طيار. وينبغي هنا أن تتضمن الاستراتيجية الإسرائيلية عدة عناصر أساسية. فأولاً: يجب على إسرائيل أن تفضح خطة إيران، ثم يجب أن تهددها بالانتقام المباشر الشديد، وأن توضِّح أنَّ لبنان وسوريا والعراق وغزة ستدفع ثمناً باهظاً إذا انطلقت هجماتٌ من أراضيها على إسرائيل»، تضيف الصحيفة.
- تقول الصحيفة، إن «إسرائيل لن تطبق في المواجهة القادمة التمييز بين لبنان وحزب الله. ومن ثَمَّ، فإذا تعرضت إسرائيل لهجوم من الأراضي اللبنانية، سترد بالهجوم على لبنان كلها، وتعاقب الجيش اللبناني إلى جانب حزب الله. وكذلك ينطبق الشيء نفسه على سوريا، إذ تحاول إسرائيل إقناع روسيا والرئيس السوري بشار الأسد بأنَّها إذا تعرضت لهجوم من سوريا، فسيدفع الأسد ثمن ذلك، وسيكون نظامه في خطر».
ماذا عن الولايات المتحدة وروسيا؟
- على الصعيد نفسه، فالتنسيق الإسرائيلي مع الولايات المتحدة والتشاور مع روسيا يُمثِّلان عنصرين في غاية الأهمية. فبالرغم من فشل الولايات المتحدة في الرد على الاستفزازات الإيرانية، وقرارها الأخير بالانسحاب من شمالي سوريا، وتحقيق الكونغرس الذي قد يسفر عن عزل ترامب، والانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إجراؤها في العام المقبل 2020، يجب على إسرائيل التشاور مع الإدارة الأمريكية بشأن الردود البديلة في حال التعرُّض لهجوم إيراني. وينبغي لإسرائيل أيضاً أن تحاول إقناع ترامب بإصدار تحذير مفاده أنَّ شن هجماتٍ على إسرائيل على غرار الهجمات التي وقعت ضد المملكة العربية السعودية سيؤدي إلى ردٍّ أمريكي عنيف، تقول الصحيفة.
- وتضيف، وكذلك يجب على إسرائيل أن تُبلغ روسيا بالإجراءات الإسرائيلية المحتملة بعد أي هجوم من جانب إيران، لا سيما إذا انطلق من الأراضي السورية. فصحيحٌ أنَّ روسيا ليست سعيدة بتبادل الهجمات بين إسرائيل والقوات الإيرانية التي تحاول بناء قاعدة في سوريا، لكنَّها لم تعارض الأعمال العسكرية الإسرائيلية في سوريا، وتشعر بالقلق إزاء استمرارية نظام الأسد إذا انطلق هجوم إيراني على إسرائيل من هناك.
إسرائيل تريد «الردع»
- بحسب الصحيفة العبرية، فإن كل هذه العناصر الاستراتيجية يمكن أن تخلق مستوى ما من الردع، أو تخفف على الأقل من أضرار أي هجوم إيراني محتمل. ولكن بالنظر إلى الظروف المتغيرة في المنطقة، فأي هجوم محدود قد يؤدي إلى حرب كبرى لا يريدها أحد، على الأقل في الوقت الحالي.
- خلاصة القول إنَّ القادة العسكريين الإيرانيين كثيراً ما يهددون بإبادة إسرائيل أو على الأقل تدمير تل أبيب. وفي ضوء الاحتمال المتزايد لاندلاع مواجهةٍ عسكرية مباشرة بين الدولتين، ينبغي للإسرائيليين أن يتذكروا كلمات الكاتب اليهودي الأمريكي إيلي فيزيل: «من الأفضل تصديق تهديدات أعدائنا أكثر من وعود أصدقائنا».