د. خالد معالي
قد يعتقد المرء للوهلة الاولى ان اعتداءات المستوطنين وزيادة وتيرتها في الفترة الاخيرة، هي مجرد احداث عادية وغير مدروسة او غير ممنهجة، من غلاة المستوطنين، لكن هذا الاعتقاد ينسفه تكرار الاعتداءات وتصاعدها بشكل منظم، في ظل عدم وجود رد شاف عليها.
قبل ايام استهدف المستوطنون اربعة قرى وبلدات بشكل منظم وبتوقيت مدروس، وهي: مجدل بني فاضل وبيت دجن وقبلان في نابلس، وكفر الديك في سلفيت، ليحرقوا ويعطبوا عشرات السيارات، فهل من عاقل بات يصدق ان اعتداءات المستوطنين ليست ممنهجة ومنظمة ومخطط لها جيدا!؟
تشكيل لجان حراسة للقرى والبلدات، هي دعوات لم تخرج لحيز التنفيذ بشكل حقيقي على ارض الواقع، لان العنوان اكبر من ذلك وبحاجة للكثير والمزيد.
الاعتداء المنظم اكثر من ناحية استهداف المزارع والمواطن الفلسطيني وهو ما يقوم به جيش الاحتلال، فقطعان المستوطنين يعتدون ولكنهم خارج ما يسمى بالقانون المزيف من قبل الاحتلال، ولكن الجيش بحجة القانون المخترع يصادر ويطرد المزارعين حتى ان زراعة شجرة باتت بحاجة لتصريح من جيش الاحتلال خاصة في مناطق "ج".
لو تفحصنا كل دول العالم، فان زراعة الاشجار والعناية بها هو عمل محمود وليس بحاجة لتصريح، لكن لدى الاحتلال فالعمل في الارض وفلاحتها وزارعة غراس الزيتون وحتى الدخول للارض، بحاجة لتصريح ودراسة ملف الفلسطيني جيدا وفي الغالب لا ينال التصريح المنشود في حالة لا تحدث في اي بقعة بالعالم الا في فلسطين المحتلة.
كان من المفترض اقامة دولة فلسطينية خلال خمس سنوات من عمر اتفاقية "اوسلو" لكن الذي حصل وبعد 25 عاما من الاتفاقية بات الفلسطيني بحاجة لتصريح فيما يريد ان يفعله، بينما المستوطنون يلعبون باريحية في ملعب الضفة الغربية وباتت ملعب مفضل لهم، ورأينا كيف ان الاعتداءات باتت بالجملة.
الجيش ووقرابة ثلاثة ارباع المليون من المستوطنين، جل همهم ومراد خططهم هو، دفع الفلسطيني للهجرة وترك أرضه للاحتلال في الهدف النهائي.
قد يقول قائل: ما العمل!؟ والجواب بسيط وسهل، وهو مواجهة هذا التحدي بطرق ووسائل، تجبر الاحتلال على التراجع وليس زيادة الاعتداءات، وهذه الطرق والوسائل يعرفها القادة الفلسطينيين جيدا، فالطاقات لدى الشعب خلاقة ان اجيد تفعليها.
ما يجري من تهويد وطرد ممنهج هو تماما كما كان يجري قبل اقامة دولة الاحتلال عام 48، حيث كانت اعتداءات المستوطنين تزداد قوة في ظل عدم وجود رد، حتى وصل بهم الامر الى طرد الفلسطينين واقامة دولتهم المصطنعة غصبا وكرها عن العالم العربي والاسلامي وقتها، وما زالت تفرض نفسها بقوة السلاح.
نظرة الى واقع غزة، فانه لا يوجد مستوطنات واضطر الاحتلال الى ازالتها مكرها لا مخيرا، وهذا كان تحت وقع المقاومة، اذن معادلة القوة هي من تصنع الحدث، وليس استعطاف واستجداء العالم ،وشق الجيوب ولطم الخدود.